المال والرِّجال
هذه قَصيدةٌ مِن بواكير شِعري، نَظمتُها تأثّراً بِقِصِّةِ صَديقٍ لي، وهي قِصّةُ حُبٍ عاديّةٍ كسائِر القِصَص الأردنيّة ذات الطّابِع الكلاسيكي، المُمَيّز فيها أنها حَدَثت لِصديقي، وهي باختصار أنّ صَديقي يُحِب إبنةَ عَمِّهِ وهما شِبه مَخطوبين، لَكِنّ إختلافاً في الوضع المادي بين الأسرتين حَدا بعَمِّهِ الذي فُتِحَت عليهِ صنابير الرِّزق أن يَنكُثَ وعدَهُ، فَرحلَ إلى "طبربور" ثُمّ إلى "دابوق" ..وصديقي مُتَوَسِّط الحال لكنّهُ مُصَلّي وجامِعي و وَسيم و "رَجُل" !
حَلِمَ الفَقيرُ بِزَوجَةٍ نجلاءِ
يَسمو بِها ويَصونها بِوفاءِ
في بِنتِ عَمٍّ تَستَظِلّ بِظِلِّهِ
وتَعيشُ معهُ عيشةِ الشرفاءِ
وَتُزيحُ عَنهُ إن رأتهُ مُكَدّرَاً
وتُبَدِّلُ الضَرّاءَ بالسَرّاءِ
وتُبَشِّرَ الوجهَ الشّغوفَ بِبَسمَةٍ
توحي بِطِفلٍ دارَ في الأحشاءِ
فَيُسارِعانِ تأهّباً لِمَجيئِهِ
بِدءاً مِن الأسماءِ والأزياءِ
ويَفرَحانِ لِحبوهِ ولِمَشيهِ
ولِنُطقِهِ وإثارةِ الضوضاءِ
لَكِنّما حُلم الفَقيرِ بِزوجةٍ
كَغمامةٍ هَطَلَت على الصّحراءِ
لا الرّملُ يُمسِكُ بالمياهِ لِظاميءٍ
كَلا ولا زَرعٌ بِها بِنماءِ
يا بِنتَ عَمّي كيفَ أسكتُ خافِقي
وألوذُ في صَمتٍ على إقصائي
يابِنتَ عَمّي كَيفَ أنصِفُ ظالِمي
وأقولُ "مَبروكٌ" على إفنائي
أمِنَ الرّجولةِ والشّهامَةِ أنّني
أروي نيوبَ الذِئبَ مِن أشلائي
أمِنَ العدالة أن أكون بِقُربكِ
ويُحيلُني عَنكِ الغَريب النّائي
هَل كانَ ذنبي أنّني لَكِ عاشِقٌ
تَهفو لِقُربكِ أضلُعي ودِمائي
أم أنّ ذنبي أنّني مُتَجَرِّدٌ
مِن حِليةِ الوجهاءِ والنُّبلاءِ
يا خَيرُ عَمٍ ما عَهدتكَ مُنكِراً
لوعودنا أو قاطِعاً لِرجائي
أرَغِبتَ في صِهرٍ تكاثَرَ مالُهُ
ورَغِبتَ عَن رَجُلٍ مِن البُسطاءِ
المالُ لا يَبقى حَليفَ جيوبنا
والدّهرُ دَوّارٌ على الأحياءِ
لَكِنّما تَبقى الرّجولةُ مالنا
ما شَدّ عِرقُ الإبنِ مِن آباءِ
يا بِنتَ عَمّي لَستُ أذكرُ أنّكِ
قَد كُنتِ يوماً سِلعَةً لِشراءِ
أينَ الرِّضى والحُب أينَ عُهودهُ
هل ضَيعوه بِمِدحهِ وهِجائي
فَهُم الوشاةُ الكارهينَ زواجنا
والموقِدينَ النّارَ في أعضائي
السّارقينَ مِن الوريدِ دمائَنا
والعابِثين بِنا بلا استحياءِ
المُعلنين مِن الولادةِ أننّا
نَفسٌ لِنَفسً دونما نُكرانِ
الخالِعينَ مِن الثّراءِ ثيابَهُم
واللابسينَ الثوبَ كالحِرباءِ
الحاملينَ إلى المِماتِ خَطيّتي
المُقرنين شَقائَهُم بِشقائي
الآخذينَ إلى القبورِ ذنوبَهُم
مِن فَتْكِهِم بالغِشِ في الدّهماءِ
الغدرُ مَزّقَني وأثقلَ كاهِلي
واستبدلَ الأنوارَ بالظلماءِ
يا ليتني كُنتُ الموارى بالثّرى
مِن أنْ أحِسُّ بِطَعنةِ القُرَباءِ
المفضلات