أردني في سمرقند
إحسان ذنون عبد اللطيف ألثامري
(باحث عراقي )
حض الإسلام على طلب العلم أينما كان، وفي كل الأعمار، ومهما
كانت الصعوبات، وذلك لفضل العلم ومكانته عند الله جلا وعلا ،
لذلك رأينا المسلمين علماء وطلابا يشدون الرحال لطلب العلم في
مختلف الأقطار الاسلاميه ، فهذا يذهب إلى المشرق ، وذاك يرتحل
إلى المغرب، وثالث يهاجر إلى الأندلس، وهكذا ولم يثنهم عن
أداء هذه الفريضة بعد المسافات ووعورة الطرق وصعوبة
المواصلات، وساعدهم على ذلك: وحدة الدين، ووحدة اللغة،
ووحدة أراضي العالم الإسلامي، فلم يقف في وجوههم حدود أو أسوار، بل جابو مدن الإسلام ذهابا وإيابا يحدثون ويدرسون ويعلمون ويروون ويفتون... ويأخذون عن غيرهم من المشايخ والعلماء.
ومن هذا ما قام به المحدث الأردني سليمان بن طريف الشامي ، فقد رحل ابن طريف هذا إلى سمر قند ما وراء بلاد النهر ، واستقر بها وتزوج امرأة سمرقنديه فأنجب منها وصارت له ذريه .
قال نجم الدين عمر بن محمد ألنسفي ( توفي سنة 537 هجري ) صاحب كتاب ( القند في ذكر علماء سمرقند ) ما نصه ( سليمان بن طريف الشامي ... من أهل الأردن... دخل سمرقند وأقام بها وتزوج بها ، وولد له أولاد) ، وكان ذلك في بداية القرن الثاني للهجرة تقريبا حيث أن سليمان بن طريف يروي عن أبي عبدا لله مكحول بن عبد الله الشامي كما يقول ألنسفي ،ومكحول الشامي توفي بين عامي 103 ه – 114 ه ( على اختلاف الروايات ).
واخذ هذا العالم الأردني يجلس للناس ليحدثهم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فينهلون منه.
وجدت انه كان يحظ الناس فيحدثهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم انه ذكر خسفا ومسحا وقذفا تكون في أمته، قيل: يا نبي الله وهم يقولون لا اله إلا الله ؟ قال ( نعم إذا ظهرت القنينات والمعازف وشرب الخمر ولبس الحرير ).
ولست بحاجه لإظهار سوء عاقبة هذه المكارة ، وأثرها الوخيم على المجتمع المسلم ، وقد ركز هذا العالم الأردني على قضية أخلاقيه مهمة جدا لتوعية الناس بنتائجها التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا شك في أن ابن طريف قد جلس للناس في سمر قند ليشرح لهم هذه العادات السيئة ، وبذلك يكون أول داعية أردني يسير إلى أقصى الشرق الإسلامي ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.فلله درك يا سليمان .. سلكت هذا الطريق الوعر ... البعيد.... غير الأمن ... لتدعو إلى الله ، فكم من الثواب والأجر ينتظرانك عند ربك .
رحمك الله وأسكنك فسيح جناته.
تم نزول هذا المقال في جريدة الرأي والدستور قبل عدة سنوات وسنقوم بتزويدكم بتاريخ الجريدة
المفضلات