الملك طلب من بوش ضمانات بعدم ترحيل الفلسطينيين في الضفة الى الأردن ... و مصر تحذر من أن اسرائيل تستعد لترحيل 'عرب 48' بالقوة الى الضفة والاردن في اطار مخططات التهويد
- ما يزال ذهن صنّاع القرار في تل ابيب يتفتق من اجل ايجاد حلول 'خلاقة' لمشكلة المشاكل بالنسبة لهم: العرب في الداخل الفلسطيني، خصوصا وانّ المستويين السياسي والامني في اسرائيل يعتقدان بأنّ العرب في مناطق الـ48 باتوا مشكلة يجب العمل في اسرع وقت على حلها، وفي هذا الاطار يجب التذكير اولا بما كانت قد صرحت به وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، زعيمة حزب (كاديما)، والتي قالت بالحرف الواحد انّ الدولة الفلسطينية العتيدة، في اجزاء من الضفة الغربية المحتلة وفي قطاع غزة، هي ليست للفلسطينيين الذين يسكنون في هاتين المنطقتين فقط، بل ستكون هذه الدولة ، وفق مفهومها الصهيوني العنصري، لجميع الفلسطينيين، بمن في ذلك فلسطينيو الـ48 واللاجئون الذين شُردوا وهُجروا من وطنهم وارضهم في نكبة العام 1948.
الآن، وفي ظل تنامي العنصرية الاسرائيلية المؤسساتية والشعبية، بدت تطفو على السطح برامج جهنمية لاقتلاع اصحاب الارض الاصليين بالقوة وتحويل الدولة العبرية الى دولة يهودية نقية من العرب، بمعنى اخر، التهجير او الترحيل بالقوة (الترانسفير)، انتقل من مرحلة النظريات والمخططات المبيتة لاركان دولة الاحتلال الى مرحلة البحث عن اليات لتنفيذه والتخلص مما يسميها رئيس وزراء الدولة العبرية، بنيامين نتنياهو، القنبلة الديمغرافية الموقوتة، اي العرب في اسرائيل.
ووفق المعلومات التي حصلت عليها صحيفة 'القدس العربي' من مصادر عربية مطلعة جدا من الداخل ومن خارج فلسطين، فانّ المخططات لترحيل عرب الـ48 بدأت تأخذ منحى عمليا، اي انّها انتقلت من مرحلة التخطيط الى مرحلة ما قبل التنفيذ، والبحث عن ظروف مواتية من قبل اقطاب الدولة العبرية لاخراجها الى حيّز التنفيذ، وفرض الامر الواقع على الفلسطينيين والعرب وما يُسمى بالمجتمع الدولي.
السيد محمد زيدان، رئيس لجنة المتابعة العليا لشؤون الجماهير العربية الفلسطينية في مناطق الـ48 عقد قبل اسبوعين ونيّف اجتماعا مع السفير المصري في تل ابيب، ياسر رضا. وخلال الاجتماع بين الرجلين، قالت المصادر، قام السيد زيدان بشرح المخاوف التي تساور الفلسطينيين في الدولة العبرية من تأجج العنصرية الاسرائيلية على المستويين الشعبي والمؤسساتي، واعرب عن خشيته من 'طوفان' القوانين العنصرية التي يقوم الكنيست الاسرائيلي بسنّها ضد الفلسطينيين في الدولة العبرية. وتابعت المصادر قائلة انّ السفير رضا اوضح للسيد زيدان الموقف المصري القاضي بمعارضة تحويل اسرائيل الى دولة لليهود فقط، كما يطالب رئيس الوزراء الاسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وقال ايضا انّ مصر تعمل كل ما في وسعها من اجل المحافظة على الفلسطينيين في اسرائيل.
وهنا القى السفير المصري في اسرائيل قنبلة من العيار الثقيل، عندما قال للسيد زيدان بالحرف الواحد: لدينا معلومات مؤكدة من مصادر لا اريد ان افصح عنها، انّ اسرائيل في ظرف من الظروف، قد تُقدم في العام القادم، اي عام 2010، على ترحيل الفلسطينيين الذين يعيشون في اسرائيل بالقوة الى الضفة الغربية المحتلة او الى المملكة الاردنية الهاشمية، وذلك في اطار تهويد الدولة العبرية. وزاد قائلا انّ الرئيس المصري، محمد حسني مبارك، يعارض وبشدة تعريف الدولة العبرية بانّها دولة الشعب اليهودي، وانّه ابلغ الاسرائيليين بأنّ الدول العربية غير مستعدة لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين الجدد.
واكدت المصادر انّ السفير المصري تكلم بجدية بالغة، وعبّر عن مخاوفه من اخراج هذا المخطط الى حيّز التنفيذ، لافتا الى انّ مصر تعارض جملةً وتفصيلا هذا الاجراء الاسرائيلي الذي يتناقض مع كافة الشرائع والمواثيق والمعاهدات الدولية.
من جهته قال الاعلامي العربي الفلسطيني عبد الباري عطوان، رئيس تحرير صحيفة 'القدس العربي' الصادرة في لندن، هذا الاسبوع:' انّه لا يستبعد البتة ان تقوم اسرائيل بعملية تهجير للفلسطينيين من طرفي ما يُسمى بالخط الاخضر'. وكشف عطوان خلال الحديث معه النقاب عن لقاء عقده مع العاهل الاردني، الملك عبد الله الثاني، في العاصمة الاردنية، عمّان، وذلك قبل ثلاثة اشهر من بدء العدوان الانغلوـ امريكي على العراق، لافتا الى انّ قرار الحرب كان قد اتخذ من قبل الرئيس الامريكي السابق، جورج بوش، وانّ الحديث كان يجري عن تحديد الموعد للبدء بالعدوان. الملك عبد الله الثاني، قال عطوان، زار الولايات المتحدة الامريكية في شهر كانون الاول (ديسمبر) من العام 2003، اي قبل حوالى الشهرين من بدء العدوان على العراق، وخلال زيارته الى واشنطن، قال عطوان، نقلا عما افصح له عنه العاهل الاردني، عقد اجتماعا مع الرئيس بوش في البيت الابيض. بوش كان غاضبا ومتجهما، قال الملك لعطوان، ولم يخف غضبه من العرب جميعا، وعندما بدأت الجلسة الرسمية بين الزعيمين، والتي لم يخف خلالها الرئيس بوش غضبه من العرب ومن الرئيس العراقي صدّام حسين، في تلك اللحظة، هكذا روى العاهل الاردني لعطوان، توجّه الرئيس الامريكي اليه وقال له: ما هي مطالبك من الادارة الامريكية؟ فردّ عليه العاهل الاردني بالقول: انت تعلم انّ الحرب باتت على الابواب، ولا يمكننا ان نمنعها، اريد منكم في البيت الابيض ان تعملوا على تلبية طلبين للمملكة الاردنية الهاشمية: الطلب الاول هو ان تمنعوا رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، من استغلال حالة الحرب في العراق، لكي يقوم بعملية ترحيل جماعي للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة الى الاردن، خصوصا وانّ هناك العديد من الاصوات الاسرائيلية التي تقول انّ الاردن هو الوطن البديل للفلسطينيين، اما الطلب الثاني، فأريد من الادارة الامريكية ان تضمن لنا مواصلة الحصول على اموال الدعم العراقي التي نحصل عليها منذ فترة من الرئيس صدام حسين، وهي تقدر بمئات ملايين الدولارات كمنح نفطية. واضاف عطوان قائلا، وفق ما روى له العاهل الاردني، انّ بوش وعد الملك الاردني بأن يلبي الطلب الاول، اي منع شارون من طرد الفلسطينيين بالقوة الى الاردن، اما بالنسبة للطلب الثاني، فقد قال بوش للملك انّه لا يستطيع، ولن يتمكن من منحه ضمانات بان يواصل العراق تزويد الاردن بالاموال، كما كان الحال في عهد صدام حسين، ولكنه يعد بزيادة المساعدات الامريكية للاردن. واشار عطوان في نهاية حديثه الى انّ مدير مكتب صحيفة 'القدس العربي' في عمّان، الصحافي بسام البدارين، حضر اللقاء، ولكنّه لم يُنشر حتى اليوم.
رد مع اقتباس
المفضلات