يعترف الرئيس السابق أحمد بن بلة، أن الزعيم التاريخي الراحل، مصالي الحاج، كان ملهما له في ثورته، ونضاله، قائلا: "مصالي جعل من تلمسان عاصمة للنضال الثوري، ومخزونا سياسيا لحزبه، وهنا، لا أخف سرا، إن قلت أنه كان سببا في توهجي النضالي، وحبي للثورة وطرد المستعمر".
اعترافات الرئيس الأول في الجزائر المستقلة، جاءت ضمن برنامج "شهادات في العمق" للإعلامي عيسى منصوري من إذاعة سعيدة الجهوية، وفيها يروي بن بلة، المعروف بأنه قليل الكلام، جانبا من مسيرته النضالية، مشيرا، أنه لا ينسى أبدا، إحدى الحصص الدراسية التي تم طرده فيها، لأنه تعارك مع معلمه الفرنسي حين وصف هذا الأخير، الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه دجال... "لم أجد نفسي إلا واقفا ورافضا لهذه الاتهامات، وقد كان لطردي 10 أيام عن المدرسة، عقوبة لي في نظرهم، لكنها شكلت في حقيقة الأمر، أولى معاركي على طريق النضال من أجل تحرير الجزائر من المستعمر".
هذا التلاقي بين عنصر الدين والوطن، استحضره الرئيس بن بلة، في حواره مع إذاعة سعيدة، على هامش، افتتاح تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، حيث قال بن بلة، أن اختيار عاصمة الزيانيين، هو اختيار صائب، من طرف الجميع، وفي مقدمتهم الرئيس بوتفليقة، نظرا "لما تمثله تلمسان من ثقل في المغرب العربي الكبير"، واصفا التظاهرة بالمزاوجة الصريحة بين التاريخ والثقافة، حيث كشف في البرنامج ذاته، عن الوجه السياسي الذي تشكل لديه، عند انطلاق مشواره النضالي بهذه المدينة العريقة ومدى تأثير محيطه في بلورة فكره الثوري داخل أزقة وأحياء مدينة تلمسان التي كانت بوابة تمرده على الظلم والاستعمار.
بن بلة، من خلال هذا الحوار المهم عبر برنامج "شهادات في العمق" ظهر سعيدا بالعودة إلى مرحلة الشباب الأولى، ولأحياء مدينة تلمسان، واسترجاع ذكريات الصبا البريئة بالرغم من قساوة الحياة في تلك الفترة نتيجة الفاقة التي كانت تعاني منها عائلته كغيرها من العائلات الجزائرية الناجمة عن ممارسات الاستعمار البغيضة، لكنه استطرد يقول "إن المكاسب والقيم المستمدة من التراث الإسلامي العظيم وقفت حصنا منيعا أمام عملية المسخ التي حاول من خلالها الاستعمار الفرنسي طمس معالم حضارة متجذرة استنارت بها فيما بعد ثورة أول نوفمبر إلى أن حققت مرادها عام 1962"، مذكرا بخصال الأخت الشقيقة الأندلس من معارف وعلوم.
للإشارة، فإن هذا البرنامج الحواري المعنون "شهادات في العمق" مرشح بقوة لجائزة الميكروفون الذهبي، خصوصا أنه كشف جوانب فكرية خفية في حياة الرئيس السابق بن بلة، المعروف بقلة كلامه للصحافة، والذي لايزال يحتفظ بحقيبة أسراره وذكرياته حتى الآن، واعدا في مرة سابقة، أن ينشرها في الوقت المناسب.
المفضلات