شكل الهجوم الذي نفذه الجيش الشعبي يوم الخميس الماضي على عدد من آليات القوات السودانية وبعض قوات البعثة الأممية المشتركة في منطقة أبيي مفاجأة للجميع.
فالهجوم يأتي رغم اتفاق المسؤولين الحكوميين في الخرطوم مع نظرائهم من الحركة الشعبية في كادوقلي قبل أقل من شهرين على المحافظة على منطقة أبيي وترك إدارتها للشرطة والقوات المشتركة.
وبينما لم يعلم أحد بعد دوافع الجيش الشعبي في هجومه، قالت قيادة القوات المسلحة في الخرطوم إنها "تحتفظ بحق الرد في حينه" رغم ما فقدته من عناصر.
وأبدى جنرالات سابقون استغرابهم للهجوم، وطالبوا وزير الدفاع الفريق عبد الرحيم محمد حسين بالاستقالة من منصبه وإفساح المجال لمن هو أقدر منه على معالجة ما سمّوه خروقات الجيش الشعبي واعتداءاته.
إدانة
أما بعثة الأمم المتحدة في السودان –التي غالبا ما تتهم بمحاباة الجيش الشعبي وغض الطرف عن خروقاته– فأدانت الهجوم على القافلة وقالت في بيان لها إن تلك القافلة كانت تنقل نحو 200 جندي من الوحدات المتكاملة المشتركة للقوات المسلحة السودانية إلى المواقع المحددة لها، ضمن خطة نشر القوات المقررة في اتفاقية كادوقلي التي وافق عليها جميع الأطراف.
واعتبرت "أن هذا الفعل يشكل خرقا خطيرا للاتفاقات السابقة المبرمة بين الطرفين. بل هو أيضا هجوم جنائي ضد الأمم المتحدة"، داعية الأطراف المختلفة إلى التحقيق الفوري في الحادث واتخاذ الإجراءات المناسبة ضد مرتكبي هذا الهجوم المتعمد.
وقالت إنها ما زالت مستعدة لمواصلة مساعدة الأطراف على تنفيذ اتفاق كادوقلي، وحثهم على بذل كل جهد ممكن للبقاء على الطريق الصحيح في تنفيذ هذا الاتفاق وتجنب أي أعمال من شأنها أن تعرقله.
اللواء صديق عامر وعلى يمينه الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة (الجزيرة نت)
حالة حرب
واعتبرت قيادة القوات المسلحة السودانية أن منطقة أبيي تعيش حالة حرب أكيدة يصعب فيها جمع البيانات أو تحديد عدد الضحايا والمفقودين.
وتمسكت في الوقت ذاته "بحقها في الرد" لكنها لم تذكر مزيدا من التفاصيل بهذا الشأن.
وقال اللواء صديق عامر نائب رئيس هيئة الاستخبارات والأمن بالقوات المسلحة إن أكثر من عشرين عنصرا راحوا ضحية الهجوم الذي وصفه بأنه غادر، مشيرا في مؤتمر صحفي إلى أن القوات المسلحة تمد حبال الصبر ولا تستجيب لاستفزازات الجيش الشعبي.
وأكد أن القوات المسلحة لا تزال متمسكة باتفاقية السلام وكافة الاتفاقات الموقعة بين الأطراف المختلفة لضبط النفس والمحافظة على الأمن، "لكن ذلك لن يمنعنا من الدفاع عن أنفسنا أو يجعلنا نستكين لما يقع علينا من اعتداءات".
ساتي محمد سوركتي حمل السياسيين المدنيين مسؤولية ما حدث في أبيي (الجزيرة نت)
انتهاكات
أما الخبير العسكري العميد المتقاعد منصور الحارث فقد طالب وزير الدفاع بالاستقالة وإتاحة المجال لمن هو أقدر على حسم ما سماه بتفلتات الجيش الشعبي، مشيرا إلى أن "مثل هذه الانتهاكات لم تحدث في تاريخ القوات المسلحة السودانية".
واعتبر في حديثه للجزيرة نت الهجوم سابقة خطيرة تشير إلى وجود بعض التهاون، متسائلا في الوقت ذاته عن دور الاستخبارات العسكرية "طالما كانت هذه القوات في بؤرة نزاع دائمة".
من جهته حمل الفريق ساتي محمد سوركتي السياسيين المدنيين ما حدث، مشيرا إلى أن ضعف قراءتهم أفقد الشمال جزءا عزيزا من أراضيه، معتبرا أن رؤية المدنيين "رؤية مهزومة أو ضعيفة في مثل هذه المواقف".
واستغرب "الصبر الشديد الذي تبديه القوات المسلحة على أحوال شديدة التأثير على الأمن القومي"، داعيا القوات المسلحة إلى مباشرة مسؤولياتها. وقال إنه "يحق لها أن تتجاوز في هذه الحالة لقطع الطريق أمام محاولة اختراقها".
المصدر: الجزيرة
المفضلات