عن سؤال: هل تتوقع سلاماً سورياً - اسرائيلياً في السنتين المقبلتين؟، اجاب المسؤول الكبير في ادارة اميركية ثالثة مهمة: ربما نعم وربما لا. لكن السؤال الذي يجب ان يُطرح هو هل تريد سوريا السلام فعلاً؟ سوريا وسّطت الاتراك. وتريد رعاية اميركا للمفاوضات مع اسرائيل كي تجعلها مفاوضات مباشرة. لكن على سوريا ان توضح لاميركا واسرائيل ما عليها ان تدفعه في مقابل السلام واستعادة الجولان وما الى ذلك. والثمن يتعلق بايران والعلاقة السورية معها، وبـحزب الله وسلاحه. علّقت: اذا كانت اسرائيل واميركا تنتظران ما تقول من سوريا فان انتظارهما سيطول لانها لن تفعل، ربما لانها لا تستطيع الخروج من دائرة النفوذ الايراني في ضوء ما تؤمنه لها طهران من مساعدات متنوعة مدنية وعسكرية فضلاً عن النفطية والاقتصادية، او لانها لا تريد ذلك. علماً ان السلام، كما نعرف، له موجبات والتزامات على اطرافه في مقدمها منع الاعتداءات على اي منهم، او عدم توفير ادوات هذه الاعتداءات. وقد يكون منها وقف الإمداد بالسلاح لـحزب الله ولـحماس او وقف ايصاله اليهما. ما هو اثر السلام السوري - الاسرائيلي على لبنان في ضوء عدم اكتراث الاثنتين له كما تعرف ويعرف الجميع؟ سألت. فأجاب: صحيح انهما لا تكترثان للبنان. ولكن لا تنسَ ان الاثنتين، وخصوصاً سوريا، تريدان الولايات المتحدة راعية للمفاوضات المباشرة بينهما. واميركا اعتمدت في رئاسة جورج بوش سياسة لبنانية واضحة تتعدى تنافس الحزبين الديموقراطي والجمهوري وخلافاتهما واختلافاتهما. ولن تقبل اميركا اثناء رعايتها مفاوضات السلام وقبلها وبعدها ان يكون السلام على حساب لبنان. طبعاً الجميع يقولون ان سوريا اهم من لبنان واكبر، وان لها مصالح فيه. لكن ذلك لا يعني انهاء لبنان واستقلاله.وهذا امر لن تسمح به اميركا.
غالبية اللبنانيين لا تريد لبنان معادياً لسوريا وتعرف ان عليه مراعاة مصالحها المشروعة، ولكن عليها ان تقبله دولة مستقلة وسيدة، وان تتعامل معه انطلاقاً من هذا القبول. قلت. فردّ: انا معك في ذلك. والولايات المتحدة لن تقبل مساً بلبنان وسيادته واستقلاله. ولدى الادارة الجديدة فيها توجهات لبنانية مماثلة لتوجهات ادارة بوش الراحلة قريباً. ماذا عن العراق؟ ما هو الخطأ الذي حصل وادى الى الوضع التعس المعروف؟ ولماذا حصل ما حصل؟ ولماذا ارتكبت اخطاء كثيرة؟ سألت. فأجاب: هذه اسئلة سهلة لان جوابي عنها سيكون: لا تعليق. اولاً، لانني لست معنياً مباشرة بموضوع العراق. وثانياً، لانني لا اتعاطاه. هل تعتقد ان الحوار الاميركي مع ايران سيعطي نتيجة، علماً ان الايرانيين بارعون وصبورون؟ سألت. فأجاب: اذا كانت ايران تريد ان تكسب وقتاً، فاننا لن نسمح لها بذلك. اما اذا كانت جادة فنحن جادون. يقال ان لإيران مطالب ثلاثة: واحد له علاقة بضمانات لعدم استهداف النظام فيها، وآخر له علاقة بدور اقليمي لها، وثالث له علاقة بوضعها النووي. فعلّق: في هذا الوضع لن يكون هناك حوار اذا كانت هناك شروط ايرانية مسبقة. علماً ان ايران ايضاً ترفض شروطاً مسبقة اميركية او غير اميركية. مع الاشارة الى ان اميركا لم تحاول مرة خلال حكم الملالي ضربه او استهدافه، ولن تحاول.
طبعاً هذا لا يعني توقفها عن ادانته بسبب حملات القمع والاعتقال التي ينفذها ضد الصحافيين والليبراليين. ولا يعني ايضاً توقفها عن تشجيع الديموقراطيين. ونحن لا نعتبر ذلك تدخلاً في الشؤون الايرانية. هذا ما نفعله مع الصين رغم علاقتنا الجيدة معها، ومع روسيا ومصر ومع العالم كله بحلفائنا فيه وغير الحلفاء. اما في الموضوع النووي، فان هناك مراحل عدة على ايران ان تجتازها كي تصبح نووية. لا اعرف اذا كانت اجتازتها ام لا. مثلاً تخصيب الأورانيوم بنسبة عالية جداً. ومنها تقنية تحويل الاورانيوم العالي التخصيب سلاحاً نووياً. هذه امور لا نعرفها. هناك نظريتان، واحدة تقول ان ايران ستصبح نووية سلاحا بعد سنة. واخرى تقول انها تحتاج من ثلاث الى خمس سنوات لتصبح كذلك. فما هو رأيك انت؟ سألت.
فأجاب: لن اعلّق على هذا الموضوع، ولن ادخل في تقويمات اجهزة الاستخبارات سواء أكانت اميركية أم اوروبية. هناك اجتهادات كثيرة في هذا الامر. قيل كثيراً ان اسرائيل طلبت منكم ضوءاً اخضر لضرب المنشآت النووية لايران. فهل في قدرتها القيام بذلك؟ وماذا ستفعلون في حال ردت ايران على ضربة اسرائيل؟ سألت. فأجاب: لن ادخل في كل هذه الموضوعات.
هل تعتقد ان الخيار العسكري مع ايران سيبقى على الطاولة مع ادارة الرئيس الجديد باراك اوباما، كما كان مع ادارة بوش، ام هل سيوضع على الرف؟ سألت. فأجاب: نعم، اعتقد ذلك (على الطاولة). على كل حال لقد عبَّر عن هذا الامر الرئيس المنتخب اثناء حملته الانتخابية وكذلك فعل اعضاء في ادارته المعينة. لكن الاهم قبل اللجوء الى العمل العسكري الخيار الاخير هو تنفيذ العقوبات المفروضة على ايران جيداً وتشديدها.
العقوبات التي فرضت على ايران في السنوات الماضية لم تنجح كثيراً في الضغط عليها لتحقيق المطلوب منها. اسباب ذلك كثيرة. منها مصالح الدول الكبرى، بل تناقض هذه المصالح. لكن اهمها كان ارتفاع اسعار النفط على نحو جنوني الامر الذي مكَّن ايران من استعمال مال النفط لتلافي الآثار السيئة للعقوبات. لكن سعر النفط هذا تدهور اذ صار تحت سقف 50 دولاراً اميركياً البرميل. وبسعر متدن كهذا لن تستطيع ايران ان تصمد كثيراً امام العقوبات الدولية والاميركية التي لا بد ان تؤذيها كثيرا. على كل حال لا بد من تعاون مجموعة الـ5 + 1 على نحو جدي للمساهمة في هذا الامر. ماذا عن لبنان بكل مشكلاته والمشكلات التي صارت جزءاً منه، وعن المحكمة الدولية او المحكمة الخاصة بلبنان التي انشأها مجلس الامن لمحاك مة المتهمين باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه، في جعبة مسؤول كبير في ادارة اميركية رابعة مهمة وقد تكون الاهم؟
المفضلات