سيتم وضع خواطر ليوم الجمعه كل يوم جمعه على من يرغب بوضع خاطرته المشاركة مفتوحه للجميع اهلا بكم وقراءه ممتعه للخواطر التي سترفق كل يوم جمعه في الردود بالاسفل
سيتم وضع خواطر ليوم الجمعه كل يوم جمعه على من يرغب بوضع خاطرته المشاركة مفتوحه للجميع اهلا بكم وقراءه ممتعه للخواطر التي سترفق كل يوم جمعه في الردود بالاسفل
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك
اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
ولا حول ولا قوه الا بالله الواحد الاحد الفرد الصمد
اللهم صلي على حبيبنا وخاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
لماذا لا نتغير؟
كلنا يأمل أن يتغير هو بنفسه وأن يتغير أيضًا ما حولنا فتغدو حياتنا في مجتمعاتنا أفضل وأنعم، نأمل أن يكون الناس جميعًا بأخلاق حضارية عالية تُعدِّل مَيل كِفتنا بين الأمم فنتقدم ونتطور، ولكن هذا التغيير لا يتأتى لنا، ولا يحصل له أي تمثل واقعي مع أننا نحاول، نقرأ عن أمم كثيرة تغيرت وحققت ما نسميه "معجزة التغيير"؛ أمة اليابان وأمة سنغافورة وأمة الصين والأمم الأوروبية من قبلُ، فلماذا يعجز التغيير عن أن يصل إلينا ويتبلد لدينا؟ ربما هذا سؤال فكري اجتماعي عميق لستُ أول طارح له ،ولست الأخير أيضًا، كتب شكيب أرسلان كتابه العظيم" لماذا تاخر المسلمون وتقدم غيرهم؟" وكتب أبو الحسن الندوي مفكر الهند "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟" وها نحن اليوم نقف قبالة السؤال نفسه لماذا لا نتغير وقد وجدت لدينا الرغبة والحاجة؟
التغير لا يأتي بغير صدق، صدق مستقر في الوجدان تُصدقه الأركان، فلا يصح أن يذم إنسان الواسطة والمحسوبية مثلًا ويُشرّح أسبابها ودوعيها وممارساتها ثم إذا كان الأمر لأهله وخاصته لم تمنعه مبادئه ومعتقداته من اقترافها متذرعًا بذرائع الحقوق التي له على الدولة وتعلل بالحاجة أيضًا، فهذا رجل ينطبق عليه قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. إن النيات إذا فسدت فسد العمل، والله لا يصلح عمل المفسدين هذه سنة اجتماعية كونية تصدق على الإنسان مطلقًا مؤمنه وكافره سواء بسواء.
يقول المفكر والفيلسوف الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه " السنن النفسية في تطور الأمم" إن تقدم الأمم منوط بأخلاقها لا بذكائها، وهي مسؤولية تقع على صفوة من رجال كل أمة ينقلونها من حال إلى حال، وأصل فكرة هذا الفيلسوف في القرآن حيث يقول ربنا " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". وعلى نحو السنن النفسية للأمم يكون الأفرادُ أيضًا، نقول دائمًا نريد أن نتغير ولا يقع لنا هذا التغيير حقيقة، مع أننا نرى أشخاصًا كثيرين حولنا حققوا إراداتهم فتغيروا فما الفرق؟ الفرق هو صدق الطوية في التغيير وإرادته والإنصراف إليه بالكُلّية والصبر على متطلباته والتزام مبادئه لا يخرمها لأي سبب، فمن أراد أن يخفف من وزنه ووُصف له نوع الطعام والمشي مثلا فعليه أولًا العزم على ذلك وأن يتقيد بما وصف له تمامًا؛ فإذا أخل بواحدة لم تحصل له النتيجة التي أراد.
ذكر ابن الجوزي عن نفسه أنه سعى إلى العلم بصدق توجهه نحوه وطلبه له، ثم قال: ولو كانت النبوة تُنال بالسعي لسعيتُ إليها، وقال الإمام الشافعي واصفًا قوة همته للتغيير: همتي همة الملوك. بهذه النفوس العالية القوية الصادقة كانت حضارتنا مشرقة وكانت نماذجها الإنسانية في أعلى مستوى من الصفاء والنقاء والبهاء.
اللهم ارزقنا العزم على الرشد وعلو الهمة وصدق الطوية والصبر على التغيير
جمعة طيبة مباركة 16/12/2022
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك
اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
ولا حول ولا قوه الا بالله الواحد الاحد الفرد الصمد
اللهم صلي على حبيبنا وخاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
مفرداتنا لا تحيط بمعاني الأمومة ومناقبها
"في ذكرى الغالية أمي رحمها الله"
لم يؤثر عن الشعراء كبير أثر في رثاء أمهاتهم، وحتى ما قيل في رثائهن نزر في الكم، وضئيل في الكيف والمعنى، وهل يمكن لغاديات الأحزان وطامياتها أن تحملها ألفاظٌ وكلمات أو تتحملها؟ هيهات هيهات، أي المفردات ستطيق الأحزان التي ناء بها القلب فانفطر منها وبها، وأي نشيج وعبرات ستستوعبه تصورات الشعراء وخائلاتهم ليتجلى منها أبياتا شعرية يبكون فيها أمًا أوفت رسالتها على خير مثال الوفاء، أمًّا أفنت عمرها فربت ورحمت وسهرت وقلقت وضحّت وابتليت بالمرض العضال سنوات أقعد كل حركة فيها سوى لسانها يذكر الله ويتلو قرآنًا حفظته بعد أن جاوزت منتصف عقدها السادس، فحضر صبرها في مشهد المعاناة، وما زادت على أن قالت: الحمد لله أخذ وأعطى وعافى وابتلى، هذه بعض مناقب أمي.
الأمومة معنى وجودي عظيم لا ندرك جُلّى مفرداته أو نحيط بحقيقة معانيه إلا حين نفقد أمهاتنا، فتنطمس معالم الوجود وتتلاشى تجلياته، وتغيب الشمس الحقيقية التي كانت تملأ حياتنا فنرى منها وبها، إن في ذلك ذكرى فقط لمن ألقى منا السمع وهو شهيد. ها هنا قُبالة الحق وملابساته وعلى امتداد مساحة الروح والذاكرة ستجدون الأم حاضرة في معناها ووجودها لاتغيب عنا ونحن نُصنع على عين الله، لا تغيب أبدًا في أي مشهد من مشاهد التشكُل، تمنح الأشياء من حولنا معانيها؛ فصارت حياتنا وصارت معانيها، وابدأ من ولادتك ومن طعامك وشرابك وكسوتك وصحتك وسقمك وتعبك وراحتك وعجزك وقوتك، تحضر في مشهد متصل من الرحمة والحنو وأكفها الضارعات تتكنفك في خرادل شؤون حياتك عطفًا ودعاء وبين هذه التفاصيل كثير من الشؤون والشجون لا يحصيها منا محص ولا يَعُدّها عادّ.
اللهم أنزل شآبيب رحمتك وعفوك وغفرانك على قبر أمي، وعلى قبور كل أمهاتنا الصالحات اللائي قضين بعد الوفاء بحضورهن الماجد السّنيّ، من أوقدن مشاعل الروح والوجدان والفرح وفتّحن ورود حياتنا، ربنا إنّا عجزنا عن الوفاء بحقوقهن في حياتهن، فنسألك بفضلك العظيم أن توفيهن ما قصرنا في جنبهن، فأعلي اللهم برضاك درجاتهن في جنتك وأسكنهن عليا فردوسك.
اللهم آمين آمين
جمعة طيبة مباركة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك
اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
ولا حول ولا قوه الا بالله الواحد الاحد الفرد الصمد
اللهم صلي على حبيبنا وخاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
خاطرة الجمعة
ينطقه العلم ويسكته الحلم
نافع بن جبير من علماء المسلمين الأفذاذ وفصحاء العرب ومن أشراف قريش أيضًا، كان مرة بصحبة الخليفة عبد الملك بن مروان فمرا بقبر معاوية رضي الله عنه فقال عبد الملك: نشدتك الله ما علمك به؟ قال نافع: كان ينطقه العلم ويسكته الحلم؛ قال عبد الملك: صدقت. كلمات نافع بيان ساحر وبليغ، وأبلغ منه تحقق الصفتين في إنسان: ضبط اللسان بالعلم وربط الجَنان(القلب) والأركان بالحلم.
نحن لا نتوقف كثيرًا عند حدود الصمت عندما نُسأل عن شيء، ولا نَمتحِن علمنا ومعرفتنا بما نُسأل عنه، فعادة ما نسرع في إجاباتنا حتى وإن كنا لا ندري، لقد اختبرت هذه الحالة كثيرًا في مجال التعليم ومجالات الحياة أيضا، فبعض المعلمين إن سُئلوا أجابوا طلبتهم دروا الإجابة أم لم يدروها، حتى لا يقال: إن المعلم لا يدري؛ فيدرأ عن نفسه شبه الجهل بجواب جاهل، ولم يدرك أن هذا في غاية الخيانة. يروى عن ابن عباس قوله: من أخطأ لا أدري أصيبت مقاتله، وكان الإمام مالك يقول: من فقه العالم أن يقول لا أعلم، ويروى أنّ رجلاً من أهل الأندلس جاءه سائلًا عن مسائل حملها من أهل بلده فقال: لا أدري. فقال الرجل: قطعت إليك كل هذه المراحل، فماذا أقول لأهل بلدي. فقال الإمام: إرجع إليهم، وقل: سألت مالكاً فقال:لا أدري. ومالك هو عالم مدينة رسول الله انتهى إليه علم الصحابة والتابعين.
وأنت لا تجد هذا في مجال التعليم وحده، بل هو ديدن في الناس وطبعٌ طُبع فيهم، فقد تأتي بعامل فني تسأله إصلاح شيء فيدعي علمه، وهو لايدريه ولا يعلمه، بل ويستعرض ويستطرد حتى لا تجد بين كلامه صدقًا، وتسمع في المجالس والدواوين تحليلات "السياسين" و" الاقتصاديين" من عامة الناس يخوضون في جوانب السياسة والاقتصاد ويأتون بكل هذر يجرونه إليك، ولو كف لسانه وسكت لأراح واستراح.
وياليت الحكمة النبوية الخالدة في حديث معاذ بن جبل تكون حاضرة في عقول الناس جميعًا حيث قال صلى الله عليه وسلم يومًا لمعاذ: كُفَّ عليك هذا وأشار إلى لسانِه، فقال معاذ يا نبيَّ اللهِ وإنا لمؤاخذونَ بما نتكلمُ به؟ فقال ثكِلَتك أمُّك يا معاذُ، وهل يكبُّ الناسَ في النارِ على وجوهِهم إلا حصائدُ ألسنتِهم.
اللهم أكرمنا بالعلم وزينا بالحلم
جمعة طيبة مباركة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك
اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
ولا حول ولا قوه الا بالله الواحد الاحد الفرد الصمد
اللهم صلي على حبيبنا وخاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
خاطرة الجمعة 6/1/2023
آفة الأخبار رواتها
ما أسرع انفعالنا بالكلمات والتأثر بالأنباء التي تردنا من مصادر مجهولة أو التي تأتينا منتزعة من سياقها فيُساء فهمها، فننساق إليها وننبعث فيها فنرسلها إلى معارفنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي دون تثبت ولا تحقق، ثم نصبح رؤوسًا فيها وفلاسفة نؤسس عليها آراءنا ونتحدث بها في مجالسنا ونسند إلى المجاهيل كلامنا، وهذه غاية الحماقة نقل أبو الفرج ابن الجوزي في أخبار الحمقى والمغفلين قول أبي حاتم بن حبان الحافظ صاحب الصحيح: علامة الحمق: سرعة الجواب، وترك التثبت.
كثيرة هي الأنباء التي ترد إلينا فنسارع في نشرها وترويجها دون تثبت، تصل إلى حد يؤشر على فقدان عقولنا التي بها نعرف منطقية الخبر؛ إذ لو كان للواحد منا مُسكة عقل فوظفها لوقف انتشار الخبر وانتهى بأرضه عند أول واصل، إن الأصل أن يتروى المرء فيما يسمع، ويعرض على عقله ما يسمع وما يرى، ثم يقلب الأمر على وجوهه، ثم لا ينشر حتى يعلم مصلحة متيقنة فيما ينشر؛ فقد يسرع في نشر خبر وفاة من لم يمت، وتشكل صورة شخص على القمر أو في السحاب وتكون الصورة مفبركة، أو يسرع في نشرِ خبر ِأن شركة عالمية تكتب على منتجاتها كلمات تنال من قدسية رموزنا الدينية وتبيعها لنا، فهي تقول لنا: لا تبتاعوا منتجاتنا، أي عقل هذا الذي نحمله في رؤوسنا!! ناهيك عن التحليل الذي يصاحب هذه الأخبار، أحيانًا لا تدري كيف ترد على أصحابها يُعييك "بجودة عقله ورأيه" فتلجأ إلى قول المتنبي:
ومن البلية عذل من لا يرعوي عن جهله وخطاب من لا يفهم
قال النبي صلى الله عليه وسلم مرة لأشج بن عبد القيس: إن فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة. ما أحوجنا إلى الأناة في كل شيء، نتوقف ثم نتأمل بعقل، ثم نتصرف بعد تأمل حتى لا تعود تصرفاتنا المتسرعة وبالا علينا، ما أحوجنا أن ندرك أن "آفة الأخبار رواتها" كما قال الشريف الرضي.
اللهم كملنا بالعقل وألهمنا الرَّشَد وجملنا بالحلم والأناة.
جمعة مباركة طيبة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك
اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
ولا حول ولا قوه الا بالله الواحد الاحد الفرد الصمد
اللهم صلي على حبيبنا وخاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
خاطرة الجمعة 13/1/2023
ربح البيع أبا يحيى
في حمأة حياتنا ومتطلباتها المادية الواغلة في الاستهلاك بكل أصناف الشراهة فيه والإسراف؛ من طعام وشراب وملبس وأثاث .. إلخ، تغيب عنا المعاني الحقيقية للحياة وأسئلتها الوجودية الكبرى التي خلقنا الله من أجلها. سألت صديقًا عاقلا مرة. ما الهدف الأسمى الذي تعمل لأجله في الحياة؟ أظن أن سؤالي فاجأه وأوقفه أمام نفسه ومر به شريط حياته على نحو سريع. فرأيت حيرة في عينيه وتلعثمًا في لسانه، وتطلّب الجواب فلم يجده.
نحن في العادة لا نتوقف أمام أنفسنا لنسألها الأسئلة الكبرى الغائية من وجودنا، ولم نألف أن نُسأل عنها لنفكر في إجابتها، آباؤنا وأمهاتنا يخططون لنا حياتنا ويقررون نيابة عنا كل شيء، هم ببساطة لا يعدوننا للحياة، يقررون نوع دراستنا وعملنا وزوجاتنا ويؤثرون علينا حتى في عدد أولادنا، ونحن نعيد إنتاج الدورة نفسها فننتج تخلفًا يمضي في حلقة مفرغة، وحتى إن قيل: إن جيل اليوم يقررون بأنفسهم فأين أنت من إعدادهم فكريًا وتربويا للحياة؟ نحن نترك أولادنا دون وعي للغاية الحقيقية منها.
إن الواحد فينا إن سئل "ما هدفك الأسمى في الحياة؟" سيجيب عنه باستعراض أمنياته في تحقيق أنماط استهلاكية وخططه العظيمة لبلوغها؛ فهو إما يخطط لشراء سيارة مناسبة، وإما لشراء بيت أرحب، ومن يوفق في الإجابة سيقول: إنه يخطط لإكمال رسالته مع أولاده وهي تدريسهم ومساعدتهم على تأسيس أسرهم، وهي إجابات ضرورية في الحياة لكنها ليست الغايات، فهي لا تعدو أن تكون أنماطًا من الاستهلاك، وهي إجابات سطحية لا تزيد على أن تجعل الإنسان عبئا على الحياة لا قيمة مضافة لها، ولذا تجد من يتقاعد عندنا من عمله يموت بالمعنى المعنوي والمادي أيضًا لأنه فقد مبرر وجوده.
نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في الغاية الكبرى من حياتنا وأدوارنا فيها، ومحاولة بنائها على منهجيات وأنظمة، لها غايات عليا لا على أهداف قصيرة المدى يتحدد فيها وجودنا كله ويرتبط بها فإن تحققت فقدنا مبرر وجودنا، إن هجرة المسلمين من مكة إلى المدينة تشكل نموذجًا عمليا لنا حول سمو الأهداف وعمارة الحياة بما يفيد، فلو كان المال والاستقرار هو سعادتهم لما هاجر واحد منهم، ولكن هدفًا أكبر وأنبل حرك هجرتهم، لقد كانت هجرة من الغنى المادي إلى غنى معنوي سعى إليه مجموع المجتمع، تغير ما بأنفسهم حول المادة فتغيرت حياتهم وقامت حضارتهم، فاستحقوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم في خطاب موجه لصهيب بن سنان: ربح البيع أبا يحيى.
اللهم هب لنا عملا صالحًا في حياتنا يقربنا إليك
جمعة مباركة طيبة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك
اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
ولا حول ولا قوه الا بالله الواحد الاحد الفرد الصمد
اللهم صلي على حبيبنا وخاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
خاطرة الجمعة 3/3/2023
نسلم ويسلمون
ذكر ابن الجوزي في كتابه "المنتظم في تاريخ الملوك والأمم" قصة عن سليمان الأعمش مع التابعي الجليل إبراهيم النخعي وكان أعورًا، قال: كنا نسير نريد الجامع، فلما صرنا في خلال طرقات الكوفة قال (النخعي) لي: يا سليمان، قلت: لبيك، قال: هل لك أن تأخذ في خلال طرقات الكوفة كي لا نمر بسفهائها فينظرون إلى أعور وأعمش فيغتابونا ويأثمون؟ قلت: يا أبا عمران، وما عليك في أن نؤجر ويأثمون؟ قال: يا سبحان الله، بل نسلم ويسلمون خير من أن نؤجر ويأثمون.
استشعار معنى "نسلم ويسلمون" هو فقه حضاري يحمل في طياته معاني اقتسام الخير في جماعات الناس وعموم المجتمع، وهو تجلّ من تجليات فهم معنى المسؤولية والمبادأة بها والانبعاث فيها وتوسيع تطبيقها، وهو كذلك فقه تغييري يقتضي تبديل ما في النفوس من أثرة تربت عليها دون النظر في عواقب الأمور على الآخرين ومآلاتها عليهم، وهذا فكر حقيق بأن يُنشر وأن يُحرص على غرسه في أبنائنا. لا تفكر في أن تَفيد من خير وحدك بل " نكسب ويكسبون"، ولا تفكر في أن تستأثر بعلم تتعلمه لتنتفع به وحدك وتكتمه عن غيرك بل " نتعلم ويتعلمون" ولا تفكر بخاصة نفسك في هداية أو حكمة أو رزق تجنيه بل "نُرزق ويُرزقون".
الحضارة يفنى معنى وجودها إذا قامت نفوس أفرادها على الأثرة وحب الذات وخلت من نوازع الخير الإنساني، لقد جاءت الرسالات السماوية لعمران الأرض وإصلاح ضمائر الناس التي أصابها الفساد من هذه الناحية والاستئثار بالمصالح الذاتية وتدمير المصالح العامة، هنا يتوقف امتداد الخير وينحسر ثم ينقرض. من أعظم دروس هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة درس المؤاخاة هذه الوشيجة السامية التي قامت بين المهاجرين والأنصار. ما الذي يجعل رجلا من الأنصار يقسم نصف ماله ثم يجعله لأخيه من المهاجرين؟ لولا إدراكه أن الغاية من هذا المال استصلاح قوة رجل يعد للمستقبل تتأسس به دولة قيم وعدل ومساواة ورحمة، فهو يرى أنه يسنده ويقويه وغدا سيؤتينا الله من فضله ويعمنا جميعا هذا الخير.
لقد فقهوا معنى قول الله تعالى: إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ " وفقهوا أن التغيير في النفس والفكر يغير الحال والمآل: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۗ، كان عقلهم الجمعي واحدًا لم يخطر في بال واحد منهم قولنا لماذا أفعل هذا وحدي؟ ولم يخطر لهم أيضًا هل هناك غيري سيفعل فعلي؟ وما كسبي من هذا؟ وماذا عليّ لو لم أفعل "بطيخ يكسر بعضه"؟ لقد وصف أبو بكر الصديق إيثار الأنصار رضي الله عنهم جميعا مستشهدا بهذا البيت:
أَبَوا أَن يَمَلّونا وَلَو أَنَّ أُمَّنا تُلاقي الَّذي لاقَوهُ مِنّا لَمَلَّتِ
إن تخلفنا اليوم كله كان بسبب هذه الكلمات والأفكار وما زال مستمرًا ولن يتغير واقعنا حتى تتغير نفوسنا، حتى تختفي هذه الأثرة المقيتة القاتلة لكل خير، لقد شاعت قصة قديمة أن قاطع طريق تظاهر بأنه مشرف على الهلاك من العطش ليغري تاجرًا بالوقوف له وإنقاذه، ولما نجحت حيلته سلب التاجرَ ماله فاستحلف التاجرُ قاطع الطريق أن لا يحدث بهذه القصة حتى لا تموت المروءة في الناس فيهابون فعل الخير ويمتنعون عنه.
اللهم اجعلنا ممن يحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه
جمعة مباركة طيبة
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك
اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
ولا حول ولا قوه الا بالله الواحد الاحد الفرد الصمد
اللهم صلي على حبيبنا وخاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
خاطره صائم (١٠)
لو أنى أطلقت لقلمى المدي
لما لاحقته صهيل الخيول
عشقت الحروف وخوض الحروب
وجاوز صوتى حدود الصدي
فقلمي حسام باتر لايغمد
سواء السلام أو فى الوغي
طليق أبي لايحور ولا يجور
اذا مابدي الظلم في مذهبي
تراني أسابق كل الخطى
حاملا للحق نارا فى مشعلي
إذا ماعلا ضجيج الضلال
الي رؤياي أو فى مسمعى
وقفت أبيا له بالمراصد
وتراه سابقا لهمس الخطى
يضىء الطريق لمن يبتغي
وكيف لا وقد أقسم به الإله
وخلق القلم قبل الوري
سعيد عزب
حسبنا الله ونعم الوكيل
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك
اللهم اني اسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
ولا حول ولا قوه الا بالله الواحد الاحد الفرد الصمد
اللهم صلي على حبيبنا وخاتم الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
المفضلات