هذا ليس نحن، بل هو
هذا يبدأ بالانغلاق علينا من كل الاتجاهات. اسرائيل تبدأ بدفع ثمن انعدام وجود سياسة لديها مع فائدة مضاعفة. ثمن انعدام الفعل وانعدام القيادة من قبل حكومة يمينية تنظر الى الواقع البشع، ترى العالم المتنور كله يسحب تأييده عن اسرائيل، وكل ما تفعله هو ارسال وزرائها الزائدين الى وسائل الاعلام ليقصوا لشعب اسرائيل بان الجميع لاساميين. هذا ليس نحن، بل هم. كلهم يكرهون اليهود. هذا واضح ومعروف من فجر التاريخ. وعليه، فهيا نتعزز ونتراص من الداخل كي نقف امام الدول التي كانت صديقة جدا لاسرائيل، مثل بريطانيا، فرنسا بل وحتى الولايات المتحدة.
اذا تمكنا فقط من أن نكون صامدين لا حاجة بنا الى الحراك ملم واحد عن أي ارض محتلة، نواصل الثرثرة مع أنفسنا حتى الموت عن استمرار البناء في قلب الاحياء العربية في القدس فاننا عندها «سننتصر» عليهم، مثلما قضى نتنياهو بعد أن نسق اوباما بعض الشيء البث مع اسرائيل. سننتصر، لاننا نحن الاخيار، وهم الاشرار. نحن أبناء النور، وهم أبناء الظلام. ولكن العالم، ما العمل، غير راض عن ابناء النور اولئك. ليس فقط اليساريون المتطرفون في الجامعات الفاخرة في ارجاء بريطانيا لا يفهمون كيف يمكن لدولة ديمقراطية ان تكون دولة احتلال منذ 43 سنة، فتحتجز مئات الالاف من الفلسطينيين في ظروف غير انسانية وغير محتملة، وعدم محاولة حتى ايجاد مخرج لهذه المأساة. هذا التساؤل، على أقل تقدير، هو الذي يؤدي الى هذا التنكر من جانب دول اوروبا، وليس هي فقط، لاسرائيل.
قبل بضع سنوات ما كان يمكن أن يصدر قرار جارف كذاك الذي اتخذ أول أمس في المؤتمر النووي للامم المتحدة، والذي قررت فيه 189 دولة الضغط على اسرائيل بفتح منشآتها النووية أمام الرقابة المرتبة من الامم المتحدة. حتى وقت قصير مضى ما كنا لنرى أربعة وزراء من حكومة ايرلندا يشاركون في اسطول ينطلق من تركيا ويستهدف كسر الحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة. معارضة معظم الدول الغربية للسياسة الاسرائيلية أكثر جدية بكثير مما يعتقدون. هذا تهديد سيتعاظم كلما مر الوقت.
عزلة اسرائيل في العالم هي خطر حقيقي، لدولة منعزلة على أي حال في الحي الذي تعيش فيه. وما نفعل كي نقلص هذا الضرر الفظيع؟ نضع افيغدور ليبرمان في رأس وزارة خارجيتنا، ويولي ادلشتاين في رأس جهاز الاعلام. أدلشتاين على الاقل لا يلحق ضررا، رغم أنه لا يجلب منفعة. اما ليبرمان فهو ضرر متراكم صافٍ. هو بالضبط الرجل الذي يشخصه العالم (وكذا قسم هام من الجمهور الاسرائيلي)، كاسرائيل العدوانية، غير الديمقراطية، عديمة المشاعر امام كل معاناة لشعب آخر. جل جهوده يوظفها في توثيق العلاقات مع روسيا، إذ أن هذا هو المكان الوحيد الذي يبدون فيه الاستعداد لاستقباله. صحيح ان الروس استقبلوه، ولكنهم استقبلوا ايران على نحو افضل. ماذا الان؟ الى اين سيسافر؟
وحتى تجاه الداخل فان الرجل ليس مناسبا للخدمة في أي منصب عام. يقف وزير خارجية دولة اسرائيل، عضو كبير في الحكومة، وزير الامن الداخلي هو يد يمينه في اسرائيل بيتنا، ويهاجم بعدوانية شرطة اسرائيل المرة تلو الاخرى، كآخر المجرمين الذين تقرر رفع لوائح اتهام ضدهم. رئيس وزراء اسرائيل لا يقف للدفاع عن الشرطة، وزير الامن الداخلي بالطبع لا، ولا يقف أي وزير ليقول ما ينبغي أن يقال: ان عدوانية ليبرمان تجاه من يفترض به ان يفرض سلطة القانون هي داع لاقالته الفورية.
عصبة من ثلاثين شخصا، يفترض بهم أن يخطوا لنا الطريق، تواصل الامساك بقوة بكراسي جلد الغزال التي يجلسون عليها. فلماذا يتعين عليهم أن يتورطوا مع ليبرمان. نتنياهو هو الان لم يجن. فهل ينبغي له أن يناكف ليبرمان؟ وبالتالي فانه يبقى في منصبه، يواصل الحاق ضرر لا يقدر بسياسة اسرائيل الخارجية، بالاعلام الاسرائيلي، بما تبقى من عطف تجاه اسرائيل. وفقط شرطة اسرائيل ومحققوها لا يخشون منه، ويواصلون القيام بعملهم. هذا العمل هو بالتأكيد مشكلة، ولكن مع زبون مثل وزير الخارجية، يحتمل الا تكون هناك امكانية اخرى.
ياعيل باز ميلاميد
المفضلات