كتب - فيصل ملكاوي -ثمة مفارقة وتناقض كبير بين المطالبة بالحريات وصونها من قبل جماعة الاخوان المسلمين وبين الاعتداء الذي قام به عدد من» اعضاء الجماعة» على فريق فضائية الحقيقة الدولية اثناء مسيرة الجمعة الماضية التي انطلقت من امام المسجد الحسيني باتجاه ساحة النخيل .
عدد من شهود العيان اكدوا ان المضايقات لفريق الفضائية لم تتوقف منذ انطلاق المسيرة مرة من خلال هتافات البعض والتضيق عليهم اثناء التصوير والحركة وصولا الى الاعتداء عليهم والحاق الاضرار بمعداتهم وكاميراتهم ما يشي باستهداف مسبق ومخطط له للفريق الصحفي وهو بالتالي ما سينطبق وفقا لذلك على كل صحفي او وسيلة اعلام لا تنقل الموقف من وجهة نظر « الاخوان « وحسب .
لا يمكن تبرير قمع حرية الصحافة بالعنف وادعاء الحرص عليها في ذات الوقت، فهما خطان لا يلتقيان ، فمن ياخذ القانون بيده لمجرد الاختلاف بالراي ، لا يؤمن بالعدالة والتعددية ، بل كان واجبا على من خطط ودفع الى تنفيذ الاعتداء على الزملاء الصحفيين ، ان يحتكم الى القانون بدلا من العنف ان كانت تولدت لديه قناعة بوجوب الشكوى بحق اي وسيلة اعلامية .
لمثل هذه الاشكاليات بين الصحافة واي جهة اخرى مرجيعات للحل ، في مقدمتها القضاء الذي يصون حقوق الجميع ، ونقابة الصحفيين التي لديها الاليات المناسبة للنظر في مثل هذه الشكاوى وغيرها مما يتعلق بعلاقة الجسم الصحفي ، ومختلف الاطراف ذات العلاقة بالعملية الاعلامية سواء جهات حكومية او شعبية بتياراتها وقواها المختلفة .
وعليه لم يكن يدر بخلد اي صحفي ، ان يتعرض لمثل الاعتداء الذي وقع الجمعة الماضية ، على ايدي اعضاء في جماعة الاخوان المسلمين التي يقول قياديها في كل مناسبة، ان صون حرية الصحافة والاعلام بكافة اشكالها ووسائلها تقع في مقدمة اهدافهم وشعاراتهم وفي صلب ادبياتهم لا يجوز تجاوزها.
اذا كيف قام عدد من اعضاء جماعة الاخوان بتنفيذ الاعتداء ، خاصة انه معروف عن اعضاء الجماعة وقواعدها خاصة الشباب ، التقيد بالاوامر التنظيمية ، خلال النشاطات المختلفة خاصة في الشارع ، وعدم القيام باي شي دون امر قيادتهم مهما كانت الظروف .
فهل جاء الاعتداء اذن بامر قيادي مسبق على مستوى ما في الجماعة او حزب جبهة العمل الاسلامي ذراعها السياسي ؟!
وفي هذا السياق، فان الخطر، يكمن ،في احتمالية ان لا يكون هذا الاعتداء ، مجرد انفلات فردي او نزوة وتوتر ازاء وسيلة اعلام ، ضاق صدربعض اعضاء جماعة الاخوان المسلمين ،من تغطيتها للاحداث والمسيرات ، التي طالما حاولوا ابراز انهم اصحاب الحضور الابرز فيها ، كما ونوعا بدليل خلافاتهم المتكررة خلال الفترة الاخيرة مع العديد من قوى الحراك الشعبي واطيافه المختلفة على هذا الصعيد.
ان كان الاعتداء الذي وقع جاء على تلك الخلفية فانه يبقى اقل خطرا رغم ادانته الشديدية من ان يكون قد جاء نتاج نزعة تطرف ، لها من يغذيها داخل الحركة ، تدفع بعض شبابها الى التعبير عنها بمثل هذه السلوكيات العنيفة على قاعدة من» ليس معنا فهو ضدنا» تجب معاقبته .
اذا كان هذا الاعتداء معزولا ، وهذا ما يامله الوسط الاعلامي والسياسي ، فلا بد من الاعتذار عنه بعبارات صريحة من قبل جماعة الاخوان المسلمين ، وعدم السماح بتكراره ، والا فانه يصبح من حق ، الراي العام ، ان يدق «ناقوس الخطر « ، جراء هذا الاستقواء ، وتجاوز القيم الديمقراطية ، والخروج عن القانون ، ومحاولة احتكار الحقيقة وفرضها على وسائل الاعلام والمجتمع بالقوة .
كما تتساءل قوى مجتمعية وسياسية عن ماهية تعامل الحركة الاسلامية مع بقية القوى السياسية واطياف المجتمع المختلفة؟ ان تنامى هذا النهج لديها واصبح هو صاحب القرار ، وما الى ذلك من خشية واقعية ان يضع مثل هذا التيار داخل الحركة العنف على اجندة العمل اذا ما تباينت وجهات النظر بينها وبين اي طيف او تيار في المجتع او مع الدولة ومؤسساتها المختلفة .
ان كانت جماعة الاخوان المسلمين ترى ان ما حدث من اعتداء على عدد من الصحفيين ، مجرد حدث عابر ، او يمكن تسويقه على هذه الشاكلة ، فهي تقع في خطا كبير ، لان الجسم الاعلامي لايرى الامر كذلك ، وقد عبرت عن ذلك نقابة الصحفيين ومختلف اطياف الجسم الصحفي ، عبرالادانة القوية للاعتد والمطالبة بالاعتذار عنه والاصرار على فتح تحقيق وملاحقة المتورطين به لجلبهم الى العدالة الى جانب ضمان عدم تكرار مثل هذا الاعتداء لاضد الصحافة ولا اي جهة اخرى .
يخشى طيف واسع من المجتمع بتياراته المختلفة ، من مثل هذه الوتيرة ، التي تغلب العنف ، والانفلات ، والخروج عن القانون، لدى الحزب السياسي الاكبر على الساحة السياسية مسترجيعن بهذا الصدد « فتوى الشهادة « التي اطلقها همام سعيد ، عندما افتى باستباحة دم ابناء الوطن الواحد ، متسائلين هل يتورع مثل من اقدم على مثل هذه الفتوى ؟ من ممارسة تحريض واصدار امر بالاعتداء على عدد من الزملاء لم يجد تغطيتهم على مقاس افقه واجندته الضيقه .
المفضلات