بسم الله الرحمن الرحيم
أَيُّوب! «ثلاثة وستون عاماً من الصبر!!» * حيدر محمود
" أَيُّوب" لم يَصْبِرْ كما يَتَوَهَّمُ "الحُكَماءُ"،
عَنْ جُبْنٍ، ولكنَّ "السَّوافي"
أَسْلَمَتْهُ إلى "السَّوافي"!
في ظَهْرِهِ مليونُ سِكّينٍ،
وفي رِئَتَيْهِ آبارٌ منَ السُّمِّ الزُّعافِ
ويداهُ موثَقَتانِ، والقَدَمانِ موثَقَتانِ،
والدُّنيا على "أَيُّوب" مُطْبِقَةٌ بِفَكَّيْها،
تُريدُ حياتَهُ،
وَيُريدُ مَوْطِنَهُ المُعَشِّشَ فيهِ، كالطَّيْرِ الخُرافي!
يَفْنى.. فَيَبْعَثُهُ،
ويَفْنى.. ثُمَّ يَبْعَثُهُ..
فَيُمْعِنُ في مَحَبَّتِهِ.. وَيَحلِفُ أَنْ يُوافي
وَلَهُ –إذا التَقَتِ الأَصابعُ-
كُلُّ ما يَشْتاقُ مِنْ دَمِهِ، وَمِنْ نَبْضِ الشِّغافِ
وَلَهُ الذي يُرْضيهِ مِنْ دَمْعٍ على مِنْديلِهِ،
وَمِنَ اعْتِرافِ..
وَلَهُ بِداياتُ الفُصولِ،
لَهُ بواكيرُ القِطافِ!
? ? ?
هُوَ ذا "الفتى" المَجْبولُ مِنْ طينِ الأَسى،
والجوعِ، والعَطَشِ المُدَمِّرِ، والطَّوافِ..
هُوَ ذا الفتى –الرَّقَمُ الذي لم يَرْثِهِ أَحَدٌ
مِنَ الشُّعراءِ، حين قَضَى،
يَقومُ من الرّدى:
كَفّاهُ مِنْ لَهَبٍ، وَمِنْ غَضَبٍ
على كُلِّ.. "الخِرافِ"!!!
أنا لا أَلومُكِ يا يَدَ الجَزّارِ
لكنّي ألومُ القابِلينَ بِذَبْحِهِمْ مِثْلَ "الخِرافِ"!!!
* * *
حَجَرٌ، وَيَحْمِلُكَ الزَّمانُ الى زمانِكَ،
أَيُّها الحُلُمُ الذي وافى..
وقد ظَنَّ العِدا أَنْ لنْ يُوافي!
حَجَرٌ.. وتَلْتَفُّ الأَكُفُّ،
في لَيْلِ "الملايينِ" المساكينِ، الملايينِ الضِّعافِ!
يا أيُّها المَوْتى.. ومَنْ هُمْ قاعدونَ
على طَريقِ الموتِ،
أَكْرَمُ ضِفَّةٍ فَرَشَتْ ضَفائِرَها لَكُمْ
فامْضوا إلى "فَرَحِ الضِّفافِ"!!
المفضلات