الموصل – وكالات:
تفرض دولة العراق الإسلامية التابعة لتنظيم القاعدة في الموصل غرامات مالية على الجميع وخصوصا التجار بغرض تمويل أنشطتها، وفقا لعدد من السكان وضباط عراقيين وأمريكيين منتشرين في شمال العراق.
ورغم تراجع مستويات العنف والهجمات في الموصل ومحافظة نينوي والحد من تهريب الأسلحة عبر الحدود مع سوريا، فإن التهديد والضغوطات ما تزال العملة السائدة في هذه المنطقة.
وقال عبدالله أحمد علي 44 عاماً في هذا السياق "الكل يدفع ويوزع التاجر المبلغ على البضاعة التي ينقلها ولا أحد يقول لا أو يتأخر في الدفع لأنهم يحجزون سيارته أو يغلقون محله إلى ان يدفع ما عليه".
وأضاف، وهو صاحب محل للمواد الغذائية، إن دولة العراق الإسلامية تفرض غرامة على المركبات التي تنقل المواد الغذائية القادمة من سوريا أو بغداد قيمتها 200 دولار و 150 دولاراً على الشاحنة التي تعبر الطريق و100 دولار على الشاحنة المتوسطة وصولا إلى خمسين دولاراً للأصغر حجماً".
وتابع علي "ان من يتجاسر ويرفض الدفع فسيكون مصيره مماثلا لمصير أبو محمد، احد تجار حي الجزائر الذي قتل وجرح ابنه، عندما رفض ان يدفع للدولة" في إشارة إلى دولة العراق الاسلامية.
واضاف بحسرة "اين قواتنا الامنية؟ لو كان لدينا جهاز امني واستخباراتي قوي لما تضاعفت هذه الظاهرة لكن حتى عناصر حماية القادة الأمنيين واقعون تحت رحمة القاعدة".
وتسري روايات مماثلة بكثرة في الموصل التي كانت مركزا تجاريا مهما عبر العصور وقال استاذ جامعي في العلوم السياسية ان "الموصل تشهد ولادة مافيا جديدة مشابهة لتلك الموجودة في ايطاليا لكن بغطاء ديني واسع".
وأضاف "لو قمنا باحتساب الاموال التي تجمعها القاعدة يوميا لأدركنا أنها تستطيع دعم القتال ليس فقط في الموصل إنما في كل العراق وقد تساعد أعمالهم في افغانستان واليمن".
وأشار الى ان المسؤولين الأمنيين يعلمون جيدا بذلك ويحملون الاهالي المسؤولية باعتبارهم لا يتعاونون مع الاجهزة الامنية لكن الحقيقة تكمن في غياب الجهاز الامني والاستخباراتي".
من جهته، قال الكابتن في الجيش الامريكي كينيث بنوا الذي يسير دوريات مشتركة مع قوات الأمن العراقية والبشمركة الكردية في محافظة نينوي ان "القاعدة تمارس الابتزاز بسبب توقف عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات".
كما تؤكد الشرطة العراقية ذلك. وقال العقيد حامد عبد الله الملحق بقوة مشتركة مقرها قاعدة مارز في جنوب الموصل "إما ان يجمعوا الغرامات بالقوة أو يتلقوا مساعدات مالية من الخارج لشن الهجمات".
وتشير القوات الامريكية الى انخفاض ملحوظ في اعمال العنف في نينوي حيث تم تسجيل ست هجمات فقط خلال الاشهر الثلاثة الماضية مقابل 24 هجوماً بين فبراير وابريل.
بدورها، تؤكد المنظمة البريطانية "ايراك بادي كاونت" تراجع أعمال العنف في نينوي الا أنها ما تزال أخطر من بغداد.
وقال الكولونيل تشارلز سكستون قائد اللواء الثاني في الفرقة الثالثة للمشاة في قاعدة مارز إن القاعدة "قيد التحول الى منظمة إجرامية كليا بسبب دوافعها المالية ونظرا لايديولوجيتها واهدافها المبهمة للغاية". واضاف إن "هدفها الاول تامين الاموال للقادة والعناصر".
من جهته، قال الكولونيل دان ريد انه سمع عددا من الاشخاص يشتكون واقعة الابتزاز بينما كان في احد الاسواق الشعبية في الموصل برفقة قائد الفرقة الثالثة في الشرطة الاتحادية العميد محمد لطيف، أواخر يوليو الماضي.
واضاف ان الضابط العراقي قال لهم "اتصلوا بي مباشرة اذا حاول احد ما ابتزازكم ماديا لان هذا المال يستخدم في تمويل الجريمة المنظمة او النشاط الارهابي".
واوضح ريد الذي يراس فريقا من المستشارين العسكريين ان التعاون بين مختلف الاجهزة الامنية ضعيف الامر الذي يعيق جهود التصدي للجرائم.
واكد "انعدام الثقة بين الجميع هنا". من جهته، قال أمين جميل احمد 37 عاما صاحب مولد كهربائي في احد احياء الموصل ان "الدولة الإسلامية تفرض علينا دفع مبلغ خمسين دولاراً شهرياً حدا ادنى".
واضاف "ليس هناك من يعارض، الكل يدفع برضاه او مجبرا حتى معامل الاسمنت والادوية والملابس الكل بدون استثناء المسؤولون المحليون يعرفون هذا جيدا لكنني لا اعرف سبب سكوتهم على ذلك".
وبدوره، قال صلاح انور قاسم صاحب صيدلية في منطقة النبي يونس ان "جميع صيدليات الموصل تدفع للدولة 150 دولاراً شهرياً والكل يدفع دون نقاش".
وأكد ان "الجهات الامنية تضع احدى مركباتها العسكرية لحماية الصيدلية اذا تقدم صاحبها بشكوى، الامر الذي يدفع برجال الدولة لاستهدافنا قرب منازلنا لذا فمن الافضل ان ندفع بصمت وليتحمل المريض ارتفاع سعر الدواء".
المفضلات