إنّ الــذي سَـمَـكَ السّـمـاءَ بَـنـى لَـنَـا
بَـيْـتــاً، دَعَـائِـمُــهُ أعَــــزُّ وَأطْـــــوَلُ
بَيْـتـاً بَـنَـاهُ لَـنَـا المَلِـيـكُ، ومَــا بَـنـى
حَــكَــمُ الـسّـمَــاءِ، فــإنّــهُ لا يُـنْـقَــلُ
بَـيْــتــاً زُرَارَةُ مُــحْــتَــبٍ بِـفِـنَــائِــهِ،
وَمُجـاشِـعٌ وَأبُــو الـفَـوَارِسِ نَـهْـشَـلُ
يَلِجُـونَ بَيـتَ مُجـاشـعٍ، وَإذا احتـبـوْا
بــــزُوا كَـأنّــهُــمُ الـجِــبَــالُ الـمُــثّــلُ
لا يَحْـتَـبـي بِـفِـنَـاءِ بَـيْـتِــكَ مـثْـلُـهُـمْ
أبـــداً، إذا عُــــدّ الـفَـعَــالُ الأفْــضَــلُ
مِــنْ عِـزِّهـمْ جَـحَـرَتْ كُلَـيـبٌ بَيـتَـهـا
زَرْبـــــاً، كَـأنّــهُــمُ لَــدَيْـــهِ الـقُــمّــلُ
ضَرَبـتْ عَليـكَ العنكَبـوتُ بنَسْجِـهـا،
وَقَضَـى عَلَـيـكَ بــهِ الكِـتـابُ المُـنْـزلُ
أيــنَ الّـذِيـنَ بِـهـمْ تُـسَـامـي دارمـــاً،
أمْ مَــنّ إلــى سَلَـفَـيْ طُهَـيّـةَ تَـجـعَـلُ
يَمْشُونَ في حَلَقِ الحَديـدِ كمـا مَشـتْ
جُـرْبُ الجِمـالِ بهـا الكُحَيـلُ المُشعَـلُ
وَالمانِـعُـونَ، إذا الـنّـسـاءُ تَـرَادَفَــتْ،
حَـــذَرَ الـسِّـبَـاءِ جِمَـالُـهَـا لا تُـرْحَــلُ
يَحمي، إذا اختُرِطَ السّيـوفُ، نِساءنـا
ضَــرْبٌ تَـخِـرّ لَــهُ السّـوَاعِـدُ أرْعَـــلُ
وَمُـعَـصَّـبٍ بِـالـتّـاجِ يَـخْـفِـقُ فَــوْقَــهُ
خِـرَقُ المُـلُـوكِ لَــهُ خَمـيـسٌ جَحـفـلُ
مَـلِـكٌ تَـسُـوقُ لَــهُ الـرّمَــاحَ أكُـفُّـنَـا،
مِــنْــهُ نَــعُــلّ صُــدُورَهُــنّ وَنُـنْـهِــلُ
قَــدْ مَــاتَ فــي أسَلاتِـنَـا، أوْ عَـضَّــهُ
عَـضْــبٌ بِـرَوْنَـقِـهِ الـمُـلُــوكُ تُـقَـتَّــلُ
وَلَـنــا قُـرَاسِـيَــةٌ تَــظَــلّ خَـوَاضِـعــاً
مِـنْــهُ، مَخـافَـتَـهُ، الــقُــرُومُ الــبُــزّلُ
مُتَـخَـمِّـطٌ قَـطِــمٌ لَـــهُ عَـادِيّــةٌ فـيـهـا
الــفَــرَاقِــدُ وَالــسِّــمــاكُ الأعْـــــــزَلُ
ضَخمُ المَناكِـبِ تحـتَ شَجْـرِ شؤونِـهِ
نــابٌ إذا ضَـغَــمَ الفُـحْـولَـةَ مِـقْـصَـلُ
وَإذا دَعَـــوْتُ بَـنــي فُـقَـيْـمٍ جَـاءَنــي
مَـجْـرٌ، لَــهُ الـعــدَدُ الـــذي لا يُـعــدَلُ
وَإذا الـرّبـائِــعُ جَــاءَنـــي دُفّـاعُــهَــا
مَـوْجــاً، كَـأنّـهُـمُ الـجَــرَادُ الـمُـرْسَـلُ
هـــذا وفـــي عَـدَوِيّـتــي جُـرْثُـومَــةٌ،
صَـعْـبٌ مَناكِـبُـهـا، نِـيــافٌ، عَـيـطَـلُ
وإذا الـبَـرَاجِـمُ بـالـقُـرُومِ تـخـاطَــرُوا
حَـوْلــي، بـأغْـلَـبَ عِــــزُّهُ لا يُــنْــزَلُ
وإذا بَـذَخْـتُ وَرَايَـتـي يَـمْـشِـي بـهَــا
سُفـيـانُ أو عُــدُسُ الفَـعـالِ وَجَـنــدَلُ
الأكْــثَـــروُنَ إذا يُــعَـــدّ حَــصَــاهُــمُ،
والأكْــــرَمُـــــونَ إذا يُـــــعَـــــدّ الأوّلُ
وَزَحَلْتَ عَن عَتَبِ الطّرِيقِ، وَلم تجـدْ
قَـدَمـاكَ حَـيـثُ تَـقُـومُ، سُــدَّ المَـنـقَـلُ
إنّ الــزّحَـــامَ لـغَـيـرِكُــمْ، فَـتَـحَـيّـنُـوا
وِرْدَ العَـشِـيّ، إلَـيْـهِ يَخْـلُـو المَـنـهَـلُ
حُـلَـلُ المُـلُـوكِ لِبَاسُـنَـا فــي أهْـلِـنَـا،
وَالسّابِـغَـاتِ إلــى الـوَغَـى نَتَـسَـرْبَـلُ
أحْـلامُـنَـا تَــــزِنُ الـجِـبَــالَ رَزَانَــــةً،
وَتَـخَـالُـنَـا جِــنّــاً، إذا مَــــا نَـجْـهَــلُ
فـادْفَــعْ بـكَـفّــكَ، إنْ أرَدْتَ بِـنَـاءنــا،
ثَـهْـلانَ ذا الهَضَـبـاتِ هــل يَتَحَلـحـلُ
وأنَــا ابــنُ حَنظَـلَـةَ الأغَــرُّ، وَإنّـنــي
فـــي آلِ ضَـبّــةَ، لَـلْـمُـعَـمُّ الـمُـخْــوَلُ
فَـرْعـانِ قَــدْ بَـلَـغَ السّـمـاءَ ذُراهُـمـا؛
وَإلَيهِـمـا مِـــنْ كـــلّ خَـــوْفٍ يُـعْـقَـلُ
فَلَـئِـنْ فَـخَـرْتُ بِـهـمْ لِمـثْـلِ قَديِـمِـهِـم
أعْـلُــوا الـحُــزُونَ بِـــهِ وَلا أتَـسَـهّـلُ
زَيْــدُ الـفَـوارِسِ وَابــنُ زَيْــدٍ منـهُـمُ،
وأبُــــو قَـبِـيـصَـةَ وَالـرّئــيــسُ الأوّلُ
أوْصَـى عَشِيّـةَ حِيـنَ فَـارَقَ رَهْـطَـه،
عـنـدَ الشّـهـادَةِ وَالصّحيـفَـةِ، دَغـفَـلُ
إنّ ابــنَ ضَـبّـةَ كــانَ خَـيـراً وَالِـــداً،
وَأتَـمُّ فــي حَـسَـبِ الكـهـرَامِ وأفـضَـلُ
مِـمّـنْ يَـكُـونُ بَـنُـو كُـلَـيْـبٍ رَهْـطَــهُ،
أوْ مَــــنْ يَــكُــونُ إلَـيْـهِــمُ يَـتَـخَــوّلُ
وَهُـمُ علـى ابــنِ مُزَيْقِـيَـاءَ تَنَـازَلُـوا،
والخَـيـلُ بَـيـنَ عَجاجَتَيـهـا القَسـطَـلُ
وَهُـمُ الـذيـنَ عـلـى الأمِـيـلِ تَـدارَكُـوا
نَعَـمـاً يُـشَـلُّ إلــى الرّئـيـسِ وَيُـعـكَـلُ
وَمُـحْـرِّقـاً صَـفَــدُوا إلَــيْــهِ يَـمِـيـنَـهُ،
بِـصِـفـادَ مُـقْـتَـسَـرٍ، أخُــــوهُ مُـكَـبَّــلُ
مَـلِـكَـانِ يَــــوْمَ بــزَاخَــةٍ قَتَـلُـوهُـمَـا،
وَكِـلاهُـمَــا تَـــــاجٌ عَـلَــيْــهِ مُـكَــلَّــلُ
وَهُــمُ الـذِيـنَ عَـلَـوْا عَـمَـارَةَ ضَـرْبَـةً
فَـوْهَـاءَ، فَــوْقَ شُـؤونِـهِ لا تُـوصَــلُ
وَهُــمُ، إذا اقـتَـسَـمَ الأكـابِــرُ، رَدَّهُـــمْ
وَافٍ لـضَـبّــةَ، وَالــرّكَـــابُ تُـشَــلَّــلُ
جَــارٌ، إذا غَــدَرَ اللّـئَـامُ، وَفَـــى بِـــهِ
حَـسَـبٌ، وَدَعْـــوَةُ مَـاجِــدٍ لا يُـخــذَلُ
وَعَشِـيّـةَ الجَـمَـلِ المُجَـلَّـلِ ضَـارَبُــوا
ضَـرْبــاً شُــــؤونُ فَــرَاشِــهِ تَـتَـزَيّــلُ
يــا ابـــن الـمَـرَاغَـةِ! أيْـــنَ خَـالُــكَ؟
إنّني خالي حُبيشٌ ذو الفَعالِ الأفضَلُ
خالي الذي غَصَبَ المُلُوكَ نُفُوسَهـمْ،
وإلَـيْــهِ كَـــانَ حِـبَــاءُ جَـفْـنَـةَ يُـنْـقَـلُ
إنّـــا لَـنَـضـرِبُ رَأسَ كُــــلّ قَـبِـيـلَـةٍ،
وأَبُــــوكَ خَــلْـــفَ أتَــانِـــهِ يَـتَـقَـمّــلُ
وَشُغِلتَ عن حَسبِ الكِرَامِ وَما بَنَـوا؛
إنّ اللّـئـيـمِ عَـــنِ الـمَـكَـارِمِ يُـشْـغَــلُ
إنّ الّـتــي فُـقِـئَـتْ بِـهَــا أبْـصَـارُكُــمْ،
وَهـي التـي دَمَـغَـتْ أبــاكَ، الفَيـصَـلُ
وَهَبَ القَصَائدَ لي النّوابغُ، إذْ مَضَوْا،
وَأبُــو يَـزِيـدَ وَذو الـقُـرُوحِ وَجَــرْوَلُ
وَالفَـحْـلُ عَلقَـمَـةُ الــذي كـانَــتْ لَـــهُ
حُـلَــلُ الـمُـلُــوكِ كَــلامُــهُ لا يُـنـحَــلُ
وَأخــو بَـنـي قَـيْـسٍ، وَهُــنّ قَتَـلْـنَـهُ،
وَمُـهَــلْــهِــلُ الــشّــعَـــرَاءِ ذاكَ الأوّلُ
وَالأعْـشَـيـانِ، كِـلاهُـمَـا، وَمُـرَقِّــشٌ،
وَأخُــــو قُـضَـاعَــةَ قَــوْلُــهُ يُـتَـمَـثّــلُ
وَأخُـو بَنـي أسَــدٍ عَبِـيـدٌ، إذْ مَـضَـى،
وَأبُـــــــو دُؤادٍ قَـــوْلُــــهُ يُــتَــنَــحّــلُ
وَابْـنَـا أبــي سُلْـمَـى زُهَـيْـرٌ وَابْـنُــهُ،
وَابــنُ الفُرَيـعَـةِ حِـيـنَ جَــدّ المِـقْـوَلُ
وَالجَـعْـفَـرِيُّ، وَكَـــانَ بِـشْــرٌ قَـبْـلَـهُ،
لـي مــن قَصـائِـدِهِ الكِـتـابُ المُجـمَـلُ
وَلَـقَــدْ وَرِثْــــتُ لآلِ أوْسٍ مَـنْـطِـقـاً،
كَـالـسّـمّ خـالَــطَ جانِـبَـيْـهِ الـحَـنْـظَـلُ
وَالحارِثـيُّ، أخُـو الحِـمَـاسِ، وَرِثْـتُـهُ
صَدْعـاً، كمـا صَـدَعَ الصَّفـاةَ المِعْـوَلُ
يَصْدَعنَ ضَاحيَةَ الصَّفـا عـن مَتنِهـا،
وَلَـهُـنّ مِــنْ جَـبَـلَـيْ عَـمـايَـةَ أثْـقَــلُ
دَفَــعُــوا إلــــيّ كِـتـابَـهُـنّ وَصِــيّــةً،
فَـوَرِثْـتُــهُــنّ كَــأنّــهُـــنّ الــجَــنْـــدَلُ
فِيـهِـنَّ شَارَكَـنـي المُـسَـاوِرُ بَعْـدَهُـمْ،
وأخُــو هَــوَازِنَ وَالشّـآمـي الأخـطَــلُ
وَبَـنُـو غُـدانَـةَ يُحْلِـبُـونَ، وَلَــمْ يـكُـنْ
خَيْـلـي يَـقُـومُ لـهـا اللّـئِـيـمُ الأعْـــزَلُ
فَلَيَبْرُكَـنْ، يــا حِــقَّ، إنْ لــمْ تَنتـهـوا
مِــنْ مَـالِـكـيَّ عـلــى غُـدانَــةَ كَـلـكَـلُ
إنّ استـرَاقَـكَ يــا جَـرِيـرُ قَـصَـائِـدِي
، مِـثْـلُ ادِّعَـــاءِ سِـــوَى أبِـيــكَ تَـنَـقَّـلُ
وابــنُ المَـرَاغَـةِ يَـدَّعــي مِـــنْ دارِمٍ
، وَالـعَـبْـدُ غَـيــرَ أبِـيــه قَــــدْ يَـتَـنَـحّـلُ
لَـيْــسَ الـكِــرامُ بنـاحِـلـيـكَ أبَــاهُــمُ،
حـتــى تُـــرَدّ إلــــى عَـطـيّــةَ تُـعْـتَــلُ
وَزَعَمْـتَ أنّـكَ قَـدْ رَضِيـتَ بمـا بَنـى،
فَاصْبِـرْ فمـا لـكَ، عَـن أبيـكَ، مُحَـوَّلُ
وَلَئِـنْ رَغِبـتَ سـوى أبـيـكَ لتَرْجِـعَـنْ
عَـبْــداً إلَـيْــهِ، كَــــأنّ أنْــفَــكَ دُمَّــــلُ
أزْرَى بـجَـرْيِـكَ أنّ أُمّـــكَ لـــمْ تَـكُــنْ
إلاّ اللّـئِـيـمَ مِـــنَ الـفُـحْـولَـةِ تُـفـحَــلُ
قَـبَــحَ الإلَـــهُ مَـقَــرّةً فـــي بَـطْـنِـهَـا،
مِنْهَـا خَـرَجْـتَ وَكُـنـتَ فيـهـا تُحـمَـلُ
وإذا بَكَـيْـتَ عـلـى أُمَـامَـةَ، فاسـتَـمـعْ
قَـــــوْلاً يَــعُـــمّ، وَتَـــــارَةً يُـتَـنَــخّــلُ
أسألْتَـنـي عــنْ حُبْـوَتـي مــا بَالُـهـا،
فيـاسـألْ إلــى خَـبَـرِي وَعَـمّـا تَـسْـألُ
فالـلّـؤمُ يَـمْـنَـعُ مِـنْـكُـمُ أنْ تَحْـتَـبُـوا؛
والـعِــزُّ يَـمْـنَـعُ حُـبْـوَتــي لا تُـحْـلَــلُ
والله أثْـبَـتَـهَـا، وَعِــــزٌّ لَــــمْ يَـــــزَلْ
مُقْعَنْـسِـسـاً، وَأبِـيــك، مـــا يَـتَـحـوّلُ
جَبَلـي أعَـزُّ، إذا الـحْـرُوبُ تكَشّـفَـتْ،
مِـمّــا بَـنــى لَـــكَ وَالِـــداكَ وَأفْـضَــلُ
إنــي ارْتَـفَـعْـتُ عَـلَـيْـكَ كُـــلَّ ثَـنِـيّـةٍ،
وَعَلَـوْتُ فَـوْقَ بَنـي كُلَيـبٍ مــن عَــلُ
هَــلاّ سَـألْـتَ بَـنـي غُـدانَـةَ مــا رَأوْا،
حَـيْـثُ الأتَــانُ إلــى عُـمُـودِكَ تُـرْحَـلُ
كَـسَــرَتْ ثَنِـيّـتَـكَ الأتَـــانُ، فَـشـاهِــدٌ
مِـنْـهــا بِـفِـيــكَ مُـبَــيَّــنٌ مُـسـتَـقْـبَـل
الفرزدق
المفضلات