*** لا الفقراء ولا العاطلين عن العمل ..... !!! ***
نجاحات الأمن العام في إلقاء القبض على سراقي البنوك، خلال ساعات، واسترداد المبالغ المسروقة والأسلحة المستخدمة، هي نجاحات يجب تسجيلها، والاهتمام بتفاصيلها، فالأمن في بلدنا لا يعطي المواطن شعوراً بالرهبة، على اعتباره قوة قمع، وإنما يعطيه شعوراً بأنه يعيش في بلد آمن، تحفظ فيه الدولة ؟ وليس غيرها ؟ بيته، وماله، وعِرضه.. وتؤمن لأطفاله الحماية، ولأسرته السلامة والطمأنينة!!.
الذي لاحظناه في سرقات البنوك، أن السارقين هم من الشباب الذي يذهب إلى كليته، وينتمي الى عائلة من الطبقة المتوسطة. أي أن الفقر والبطالة، التي جعلت الحكومة منهما شعارها، ليسا دافع السرقة، ولا محرضة السراقين عليها. وهذا مهم!!. فالسارق في ''عام الرمادة''، لم يقم عمر بن الخطاب بقطع يده. ذلك أن وظيفة الدولة قبل إقامة الحد عليه أن توفر له ولعياله رغيف الخبز، فالسارق في المجاعة ليس سارقاً. ولذلك ورغم كلام الحكومات الكثير عن الفقر والبطالة، فإننا لم نصل بعد إلى حالة ''عام الرمادة''، فالناس في بلدنا يشترون ''ضمّة الفجل'' بخمسة وسبعين قرشاً لكنهم يتذمرون من ارتفاع الأسعار.. ويشترون!!.
فالتذمر صار مزاجاً أردنياً، وسرقة البنوك من شباب غير جائع يمكن أن يصير هواية، فهناك ترد أخلاقي يصيب مجتمع المدينة، فيصبح مقياس النجاح هو عدد الدنانير في جيبك أو في حسابك في البنك، وهذه الآفة تشمل كل مجتمعنا من حرامي البنوك، إلى الطبيب الذي ''يهلّس'' على مريضه. إلى المهندس الذي لا يهمه أو الصانع الذي يصلح الساعة فلا تتصلّح، إلى المعلم الذي يزرب الأولاد في الصف حتى نهاية الحصة!!.
والذي لاحظناه في حوادث سرقة البنوك أن السراقين يتخفون بالحجاب والجلباب والنقاب للتخفي وممارسة السرقة. وهذا معيب وإذا كان ''حق'' الحرامي أن يخفي ملامحه عن رجال الأمن، فإن ليس من حقه أن يمس مظهراً من مظاهر التدين. فلعله استعار الجلباب والخمار من ملابس أمه أو شقيقته ليقوم بعمل حقير.. هو السرقة!!.
قبل أسابيع حاول راعي أن يسرق من شجرة المشمش ومن خم الدجاج في دارنا.. وحين أحضر إلى المخفر لم يكن الفتى جائعاً، او عاريا، وإنما وجد ان بيع عشرة دجاجات بستين ديناراً في مخيم البقعة، لا يضره.. وقد لا يكون في حساباته انه قد اوقع فينا الضرر. وقد اعفيناه من النوم في السجن.. بعد ان تعهد والده العجوز الطيب بعدم وصول قطيع الماعز الى حارتنا بعد اليوم!!.
نشد على أيدي الجهاز الأمني الذي الغى نهائياً صورة القمع التركية من أذهان مواطنينا، ووضع مكانها صورة القوة الذكية، الحازمة، المتحضرة التي تحمي البيت والمدرسة.. والبنك!!.
المصدر
جريدة الراي الاردنية
طارق مصاروه
المفضلات