ناقش مسؤولون صينيون مع وزير الخارجية الكوري الجنوبي سبل حل الأزمة المستجدة بين بيونغ يانغ وسول على خلفية توعد الأخيرة بالانتقام لمقتل اثنين من جنودها في القصف الكوري الشمالي على جزيرة يونبيونغ وتهديد الأولى ببحر من النار إذا انتهكت أراضيها في مناورات عسكرية مشتركة تجريها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية الأحد.
ويأتي هذا التحرك في سياق جهود دبلوماسية حثيثة لتخفيف التوتر، تدعمت بدخول كل من بكين وموسكو على خط حل الأزمة بعد إعلان الخارجية الروسية أن وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والصيني يانغ جيشي تشاورا السبت هاتفيا وبحثا التوتر في شبه الجزيرة الكورية.
وأورد بيان للوزارة أن لافروف شدد في الاتصال على "ضرورة العمل لتفادي التصعيد وتأمين الظروف لتقليص التوتر بين الكوريتين.
وهددت كوريا الجنوبية بالانتقام "للاستفزاز" الكوري الشمالي في ظل تصاعد الغضب الشعبي المطالب بالرد على القصف، وتوعدت جارتها برد "الصاع ألف صاع" انتقاما للضحايا الذين سقطوا في جزيرة يونبيونغ.
ورغم هذه التهديدات، لا يزال الساسة في سول يمارسون حتى الآن سياسة ضبط النفس طلبا لأكبر دعم دولي وأملا في استيضاح بعض المواقف الدولية خاصة فيما يتعلق ببكين التي تعد الحليفة الأولى للنظام الشيوعي في بيونغ يانغ.
بيد أنه لا يبدو حاليا أي تغيير في هذه المعادلة، فقد قال الميجر الجنرال المتقاعد في جيش التحرير الشعبي الصيني شو قوانغ يو "لن يكون هناك أي تغيير في الهيكل الكلي للعلاقات بسبب مثل هذه المشكلة الداخلية".
وأضاف قوانغ يو الذي يعمل حاليا في الجمعية الصينية للحد من التسلح ونزع السلاح التابعة للحكومة "هدفنا الأكبر الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، لن نحقق هذا الهدف بالتخلي عن كوريا الشمالية".
وأكد أن "مواقف الصين لن تتغير، ستدعو إلى ضبط النفس، تخشى التصعيد ولكن لن يكون هناك أي تغيير جوهري".
الرئيس الصيني أثناء استقباله نظيره الكوري الشمالي أثناء زيارة الأخير إلى الصين (الفرنسية-أرشيف)
دعم راسخ
وتعد العلاقة بين البلدين اللذين تربطهما حدود مشتركة تبلغ مسافتها 1415 كلم متميزة ومتينة، إذ كثيرا ما وقفت الصين سدا منيعا في وجه الضغوط الممارسة على حليفتها، وكان آخرها انتقاد غربي لحادث إغراق البارجة البحرية الكورية الجنوبية في مارس/آذار الماضي، وهو الحادث الذي اتهمت سول بيونغ يانغ بالوقوف وراءه.
وعارضت الصين دعوة كوريا الجنوبية إلى فرض إجراءات عقابية جديدة على كوريا الشمالية بسبب الحادث المذكور.
ويتوقع المحللون أن يتكرر هذا السيناريو مرة أخرى في حال ما إذا عرض القصف الكوري الشمالي للجزيرة على أنظار مجلس الأمن.
ضمن هذا الإطار، قال الخبير في العلاقات الكورية سكوت سنايدر "ربما يكون الضغط من أجل استصدار قرار عقوبات جديد في الأمم المتحدة ضروريا كاختبار جديد لمعرفة ما إذا كان المجتمع الدولي يواجه مشكلة خاصة بكوريا الشمالية أو خاصة بالصين".
الجدير ذكره أن الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ إيل زار الصين أوائل مايو/أيار الماضي في أول رحلة له للخارج منذ العام 2006 قبل أن يعاود الزيارة في أغسطس/آب ويقدم ابنه كيم جونغ أون ليكون خليفته المحتمل في الحكم.
مولن: لست متأكدا من أنه يمكن السيطرة على كيم يونغ إيل (الفرنسية)
انتقاد أميركي
وبينما لقي القصف الكوري الشمالي إدانة من بعض العواصم الغربية وعلى رأسها واشنطن، لم يكن الحال كذلك لبكين.
فقد انتقدت الإدارة الأميركية ردة الفعل الصينية، وقال مسؤول أميركي بارز في واشنطن لوكالة رويترز "لم يكن رد فعل الصين على النحو الذي نعتقد أنه مفيد لمساعي تحقيق الاستقرار الإقليمي".
وفي السياق قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الأميرال مايكل مولن في مقابلة مع شبكة سي أن أن "يصعب معرفة سبب عدم قيام الصين بالضغط بشكل أكبر.. إحساسي أنهم يحاولون السيطرة على هذا الرجل (الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ إيل)، ولست متأكدا من أنه يمكن السيطرة عليه".
بدورها دعت اليابان الصين إلى تبني "رد فعل ملائم" ضمن الجهود المبذولة لتعزيز الضغوط الممارسة على كوريا الشمالية.
القصف الكوري الشمالي للجزيرة أوقع أربعة قتلى (الفرنسية)
بحر النار
في هذه الأثناء، وفي تصريح جديد حاد اللهجة، حذرت كوريا الشمالية اليوم من شن عمليات انتقامية تشبه ما وصفته ببحر من النار إذا انتهكت أراضيها خلال مناورات عسكرية مشتركة تجريها الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية الأحد في البحر الأصفر تستمر أربعة أيام.
وقد وصف الجانبان المناورات بأنها روتينية وتهدف إلى ردع كوريا الشمالية التي وصفت بدورها المناورات بأنها استفزاز لا يغتفر.
وللمرة الأولى منذ الحرب الكورية، قصفت كوريا الشمالية الثلاثاء منطقة سكنية في كوريا الجنوبية، وأسفر هذا القصف عن أربعة قتلى في جزيرة يونبيونغ.
المصدر: الجزيرة + وكالات
المفضلات