مع استقبال موسم الصيف كل عام بحرارته العالية الجافة، ورطوبته أحيانا وفي ظل شح البيئة الطبيعية الملطفة (شواطئ، غابات،......الخ) والازدحام العمراني والذي أصبح متشابكا ليصل بعض القرى.
وهوس امتلاك وقيادة المركبات ، وصخب وسائل النقل العام ،وتغير نمط ثقافة المجتمع بانغماسه الاستهلاكي الذي يحمل طابع التماهي الاجتماعي ، وتدني معايير احترام الآخرين بالتفرد بالأنانية وإشباع الأنا ، وما ينتج عنه من ضرائب نفسية ومعاناة للفرد والمجتمع.
فلم يعد هذا الموسم لسوء الحظ منتجعا للاستمتاع كالسابق، بل الإزعاج ، فالازدحام المروري ، ومواكب الأعراس الفوضوية ، وإطلاق الزوامير ، ومكبرات الصوت في الأعراس ، وانتشار صالات الأفراح ، وإسراف ممارسة الألعاب النارية ، وحفلات النجاح المبالغ فيها ، وأصوات التلفاز العالية في المنازل والمحلات التجارية ، والمذياع في المركبات ، وأصوات ومناقشات الجوار العالية ، وما تحويه المنازل من ألآت مزعجة
(عصارات ، أدوات تنظيف كهربائية ، كراج سيارات ،........الخ).
فقد أصبح هذا الأمر صاخبا ويعم كثيرا من المجتمعات الإنسانية حتى ألحق الأذى بالكائنات الأخرى كبعض الحيوانات.
وبما إننا أصبحنا نعيش في عالم يتجه نحو المزيد من الضوضاء العالية، والتي تحيط بنا طيلة اليوم فمن الطبيعي أن ينتبه الإنسان لأي صوت محيط حتى وان كان الصوت طبيعيا. وهي ذات تأثير سلبي على الجهاز العصبي بشكل مباشر وغير مباشر من خلال اضطراب الهرمونات العصبية التي تحكم الكيات النفسي مؤدية إلى الاصابة بالقلق والفزع ، وسهولة الاستثارة والصداع النصفي (الشقيقة) ، وتدن الاستمتاع، والإحباط ،وتدني الدافعية للأعمال الهادفة والأعراض النفس جسدية خاصة الألالم الجسدية النفسية كاضطراب القولون العصبي، وزيادة في انتكاسات الأمراض العصابية والأمراض الذهانية مثل الفصام والهوس ،واضطراب التركيز والانتباه ، والارتباك للانجاز والتفكير واضطراب الاستيعاب والتخطيط ، والتأثير على الذاكرة سواء القصيرة أو بعيدة المدى، فتتدنى القدرة على تخزين المعلومات الجديدة أو استرجاع القديم ، واضطراب القدرة على انتقاء الذاكرة.
وقد أثبتت الدراسات الواسعة أن تأثير الضوضاء خطير، خاصة أثناء الليل بسبب زيادة إفراز هرمونات الادرانالين والكورتيزول ، مما يؤدي إلى اضطراب النوم ، وارتفاع ضغط الدم الشرياني ، واختلال عمل القلب الفسيولوجي ، وارتفاع سكر الدم ، والدهنيات والكولسترول ، وزيادة لزوجة الدم وعدد الصفائح الدموية ، وما ينجم عن ذلك من أمراض كالجلطات بسبب اعتلال الأوعية الدموية خاصة القلب ، والرئة ، والدماغ ، والعضلات والمفاصل. وتتضخم هذه التأثيرات بوجود عوامل نفس اجتماعية ضاغطة وظروف مناخية مزعج كارتفاع درجة الحرارة والرطوبة ،
أما الأطفال فهم أكثر تؤثرا بسبب محدودية قدراتهم وطاقاتهم الفكرية والتكيفية مع الضوضاء (حيث أن الجهاز العصبي لدى حدثي الولادة والأطفال الصغار ليس مصمما للبيئة الضوضائية) وهم أيضا في ظل تطورات ذهنية وجسدية منظمة ومتعاقبة ولذلك فهم أكثر عرضة لخطورة عرقلة مراحل النمو الطبيعي النفسي والجسدي.فأظهرت الدراسات أنهم أكثر عرضة للإصابة بتحسس الرئة، وأمراض الجلد، والكآبة، واضطراب العمليات الذهنية.
وقد بينت الدراسات المتعددة على أن الإزعاج الصوتي الناجم عن الضوضاء يؤدي إلى زيادة عالية في إفراط الهرمونات المخدرة في الدماغ والتي بدورها تؤدي إلى تثبيط المناعة والتأثير على الأعضاء الهامة الجسدية.علما أن عامل الصوت ليس هو الوحيد المحدد لتغير المزاج أو الشعور بالضغط ولكن طبيعة الأشخاص أنفسهم لهم علاقة ، فهناك من يستطيع التكيف مع الضوضاء ولا تظهر عليه التأثيرات النفسية والجسدية إلا بعد مرور سنوات طويلة.
وقد كشفت الإحصائيات الغربية أن 39 % من الناس يتأثرون بضوضاء المركبات و 13 % بالإزعاجات من المحيطين المجاورين.
ولذلك يرى الكثير من الباحثين جدية التأثير والخطورة من الضوضاء على حياة الناس. وينصحون باتخاذ التدابير اللازمة للوصول إلى المستوى الأدنى من هكذا إزعاجات.فتأثير الضوضاء حتى ولو كان بسيطا أكثر تأثيرا في الليل من النهار على القلب ، والضغط ، والرئة ، والمناعة. فهناك 55 مليون شخص يتعرضون للأصوات المزعجة الليلية يوميا في أوروبا، وان تكرار هذا الإزعاج الليلي هو الأخطر في المسبب للجلطات القلبية أكثر منه في النهار.
المفضلات