كتب- محرر الشؤون المحلية
لم يستخلص قادة الحركة الاسلامية الأردنية دروس العام الذي انقضى وما زالوا يعيشون اجواء الحماسة البلاغية، والتمثل ببعض الشخصيات السياسية والدينية التي ظهرت فجأة في عام 2011 الذي تميز بسقوط عدد من الانظمة العربية التي رفضتها جماهيرها وابدت سخطاً ضد ممارساتها السياسية والاقتصادية وطريقة تعامل اجهزتها الامنية مع المعارضين وعامة الشعب..
هذا لم يحدث في الأردن وعلاقة النظام والدولة الأردنية مع الأردنيين هي علاقة مميزة ومعروفة تتسم بالمحبة والتسامح والحلول الوسط لأكثر المشاكل تعقيداً سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم سياسية، ولم يسجل على الدولة في الأردن انها تعاملت بقسوة مع معارضيها وحتى من حملوا السلاح ضدها او حاولوا الانقلاب عليها فلم يرفع احد على اعواد المشانق، ولم يغيب واحد خلف القضبان إلى ان طواه النسيان.
واذا ما قرأنا علاقة الدولة الاردنية مع الحركة الاسلامية فانها تاريخياً كانت علاقة تعاون وفهم مشترك للخصوصية الأردنية ودقة العوامل السياسية في المنطقة المشتعلة بالحرائق منذ عقود طويلة، الأمر الذي استوجب يقظة وحذرا من وقوع الاردن في اتون صراعات الآخرين وحروبهم وفي تهديد مصالح بلدنا وشعبنا..
وجاءت مرحلة التحول الديمقراطي في تسعينات القرن الماضي لتعكس حجم المسؤولية التي وقعت علينا جميعا كأردنيين حاكمين ومحكومين بعد التغييرات التي عصفت بالعالم واستوجبت تعاملا مختلفا مع الملفات والقضايا الداخلية والخارجية، وكان القرار الرسمي جريئا في تشخيص المرحلة وفي كتابة جدول اعمالها فباتت الحرية هي العنوان الابرز في السياسة والعمل الحزبي والاعلامي وفي بث روح من الجدية والاستقلالية في مؤسسات المجتمع المدني..
وكانت الذروة في عهد جلالة الملك عبدلله الثاني عندما تبنى منذ اليوم الاول لتسلمه سلطاته الدستورية الاصلاح ومحاربة الفساد على رأس اولوياته الشخصية وكانت الانجازات واضحة أمام الاردنيين، كذلك كانت بعض الاخفاقات او التقصير او العرقلة من قبل قوى الشد العكسي او البيروقراطي او الذين قد تتضرر مصالحهم الشخصية، لكن القرار الملكي كان حاسما في ان لا رجعة عن الاصلاح ولا نكوص، وان حرية المعارضة والتظاهر واعلان الرأي المغاير لرأي الحكومة مكفولة لكل الأردنيين في اطار الالتزام بالدستور والقوانين الناظمة للجميع أيا كانت مواقعهم الرسمية والشعبية والحزبية وان ضمان استقرار وأمن الأردن والأردنيين والممتلكات العامة والخاصة لا تهاون فيه او تسامح..
ليست المفرق بوزيد بالتأكيد ولا يظنن أحد ان المقارنة قائمة بين المشهدين الاردني والتونسي وما حدث في المفرق هو رهن التحقيق وسيدفع كل من أخطأ أو قصّر ثمن ما ارتكبه سواء من أفراد الأمن أو عامة الشعب أو الذين تظاهروا والعدل سيأخذ مجراه وفق القانون.. اما حكاية الاعتصامات الطويلة والتلويح بالعمل الميليشاوي والعصيان المدني وغيرها من الافعال والممارسات التي تندرج في خانة الاستقواء فلن يقبلها أحد لأنها خارجة عن القانون وعمل من اعمال التمرد الذي يضع مرتكبيه تمت المسؤولية الجنائية واستدارج الفتن وليس السياسية لأن أعمالاً كهذه لا علاقة لها بالسياسة.
آن الاوان لأن يدرك قادة الحركة الاسلامية ان الظروف الراهنة في المنطقة لا تسمح بالمغامرات أو تعريض أمن بلدهم وشعبهم للخطر وقبل كل شيء عليهم ان يسألوا أنفسهم ان كانوا يشكلون أقلية أم أغلبية بين صفوف هذا الشعب وكيف يمكن ضمان حق الجميع في التعبير عن آرائهم بشكل سلمي وليس باستدعاء التوتر والمواجهات والتخريب والاستقواء بالخارج أو اللعب بورقة العشائر وهي الطريق الى فتنة كبرى لن تكون الحركة الاسلامية في منأى عنها ولن يغفر لهم الاردنيون.
المفضلات