مقالات
مكرمة ملكية خيّرة شفت جرحاً غائراً
بقي تفوق ابناء وبنات المعلمين، هماً ثقيلاً تنوء به قدرات الآباء، حين يقدر هذا التفوق على تحقيق الفوز بمقعد عزيز في جامعة حكومية، في الكلية التي يتطلع اليها الآباء قبل الأبناء لتقديم عضو فاعل منتج وربما مبدع يخدم وطنه ومجتمعه، الا ان ضيق ذات اليد كان يقف غالباً عائقاً أمام استكمال مشوار تحقيق الحلم العزيز الذي عمل الابن ما عليه حين حقق تفوقه وفاز في مسابقة الحصول على المقعد بعد أن كان الأب هو الآخر فعل ما بوسعه لتوفير الظروف الدراسية للابن كي يحقق هذا الانجاز الذي تأتي النتيجة النهائية على شاكلة ليس باليد حيلة فتجرح هذه العبارة في وجدان المعلمين جرحاً عميقاً يصعب شفاؤه.
فالمعلمون وهم يبذلون ما بوسعهم في صفوف الدراسة لتقديم اكمل واكفأ ما لديهم لابنائهم الطلبة ليأخذوا بايديهم الى مراتب الحصاد الناجح عند نهاية المدرسة الثانوية ليدخلوا بعدها بوابة تعلم اخر في قاعات الجامعات، هؤلاء المعلمون يغمرهم الاسى والاحباط ويقتلهم اليأس والقنوط وهم يرون كيف ان من سهروا الليالي كي يعملوا على نجاحهم، مكنتهم ظروفهم المادية على الدخول من بوابات الجامعات بفرح يغمرهم في حين قصرت ايادي المعلمين على ان تفتح بوابات هذه الجامعات بمفاتيح القدرة المادية ليدلف منها ابناؤهم المتفوقون حتى على اولئك الذين سبقوهم ودخلوا بالمفاتيح العديدة التي امتلكوها، سواء للجامعات الرسمية او الخاصة.
المكرمة الملكية لجلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله بتغطية تكاليف مقاعد الدراسة المخصصة للمعلمين في اطار المكرمة الملكية لابناء العاملين والمتقاعدين في وزارة التربية، جاء البلسم الشافي لهذا الجرح الذي بقي ينزف في حياة المعلمين على امتداد السنوات السابقة، هكذا جاءت هذه المكرمة العزيزة لتلبي طموحات الابناء المتفوقين الذين كانت الظروف المادية تحول دونها سابقاً، وفي الوقت نفسه جاءت المكرمة لتطيب خاطر المعلمين وترفع عن كواهلهم هذا الهم الذي اثقلها وتبعث في الاسرة التربوية ثقة بان عطاءها وتضحياتها مقدرة ومصونة وهي لا تذهب هدراً وان صبرهم وثباتهم على مبادئ الانتماء قد كللته المكرمة الملكية بالنجاح.
نثق ان الاسرة التربوية بكل مكوناتها، صارت على يقين لا يطاله أدنى شك بان همومهم بابعادها كلها تسكن وجدان صاحبي الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والملكة رانيا وان جلالتيهما عازمان على التصدي العملي الحازم لهذه الهموم كافة، فالقراءة المتمعنة لمجمل المبادرات الملكية تجاه الاسرة التربوية تؤكد هذا التوجه، بقي ان نشير الى ان من واجب الوفاء ومؤكدات الانتماء ان تلتفت اسرتنا التربوية الآن ، بعد ان اصبحت قضاياها بين يدي قيادتنا الامينة الى الدور الاساسي المنوط بها لتأدية الرسالة النبيلة التي تضع مصلحة الوطن وابناء الوطن في مقدمة الاولويات كلها.. فهل نفعل؟
نزيـه
المفضلات