''نحو مدارس خالية من الاعتداءات البدنيّة واللفظيّة والرمزيّة الواقعة على الطلبة من قِبل المعلّمين والإدارات المدرسيّة''... شعار رفعته وزارة التربية والتعليم عبر إصدارها تعليمات جديدة، وإجراءات رادعة بحق مرتكبي هذه المخالفات.
فقد عمّمت الوزارة على جميع مديرياتها في مناطق المملكة كافة، تعليمات تُشدّد على الحد من مختلف الاعتداءات الواقعة على الطلبة من المعلمين وإدارات المدارس، في خطوة، هي الأهم، لاجتثاث العنف ضد الطلبة من المدارس.
ويأتي ذلك بالتزامن مع تأكيد جلالة الملكة رانيا العبدالله أن ضرب الطلبة في المدارس ''خطٌ أحمر''، إذ قالت جلالتها في تعليق على أحد المواقع الإلكترونيّة مؤخّراً: ''نشجع الحوار دائماً، لأنه جزء من علاج أيّ مشكلة، لكن ضرب تلاميذنا خط أحمر لا يقبل تجاوزه بأي حال من الأحوال''، وتساءلت جلالتها: ''متى أصبح الضرب في المدارس مقبولاً؟ متى قبلنا وتقبلنا أنه، خفيفه وثقيله، جزءٌ من تعليمنا، ومشهدٌ لا يستدعي التوقف عنده!''.
وكانت وزارة التربية والتعليم قد اتخذت في وقت سابق خطوات عمليّة للحدِّ من الإساءة للطلبة؛ حرصاً منها على أن تكون المدارس خاليةٌ من العنف والإساءة، وقد استحدثت خطّاً ساخناً للإبلاغ عن حالات الإساءة المختلفة التي يتعرّض لها الطلبة، على الرقم ''065680081''، إلى جانب استحداث موقعٍ إلكتروني على شبكة الإنترنت للغاية ذاتها.
وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي أكّد في تصريح له أن الوزارة ستقوم بمتابعة جميع الإساءات التي تقع على الطلبة عن كثب، ورصدها والتعامل معها بمنتهى الحزم والشدة والشفافية، كما أن هناك إجراءات رادعة بحق مرتكبي هذه المخالفات؛ وفقاً للتعليمات الجديدة.
وشدد النعيمي على أنه لا يمكن القبول بأي حال من الأحوال التعامل مع الطلبة بأسلوب فجٍ، أو باستخدام كلمات نابية، أو إيقاع العقاب البدني والأذى النفسي عليهم.
وأكّد حرص الوزارة على عدم المساس بكرامة وهيبة المعلّم، ''إيماناً منا بأهمية رسالته، ودوره الأبوي، لكنّ يجب أن يتعامل المعلمون مع مشاكل الطلبة وسلوكياتهم بأساليب تربوية مناسبة تكسبهم مهارات السلوك الاجتماعي الإيجابي''.
وأوضح الوزير أهميّة الدور الذي تلعبه الإدارات المدرسية والمرشدون التربويون للحد من استخدام الإساءة ضدّ الطلبة من قِبَل المعلمين، عبر قيام الإدارات والمرشدين بلعب أدوار فاعلة، وخلق بيئة تعليمية آمنة، والتعامل مع مشاكل الطلبة وسلوكياتهم من منطلق تربوي، وبأساليب تربوية فعالة؛ بعيداً عن أي شكل من أشكال العنف والإساءة، مشدداً على ضرورة اللجوء إلى تعليمات الانضباط الطلابي رقم (1) لسنة 2007م، إذا ما تم استنفاد جميع الأساليب التربوية في التعامل مع الطلبة، والمتمثّلة بالنصح، والإرشاد، والتواصل مع أولياء الأمور.
وبيّن النعيمي أن الوزارة عاكفة الآن على تنفيذ المرحلة الثالثة من التدريب على الدليل الوقائي لحماية الطلبة والحدِّ من سلوك العنف في المدارس، الذي يهدف إلى رفع الكفاءة المؤسسية للمعلمين في التعامل مع الطلبة، والحدِّ من سلوكيات العنف في المدارس، مؤكّداً ضرورة إيلاء هذا الجانب اهتماماً كبيراً؛ نظراً لأهميّته.
التعليمات الجديدة للوزارة محطُ احترام وتقدير الجميع، واجتثاث العنف الواقع على الطلبة من قِبل المعلمين يعكس واقعاً تعليميّاً حضارياً؛ لأن ''زمن العصا ولّى''، لكنّه يجب أن يرتبط بجملة من التعليمات الأخرى التي من شأنها أن تنظّم سلوك الطلبة داخل المدارس، وتلغي أوقات فراغهم، وتلبّي جميع اهتماماتهم وميولهم؛ كالتركيز على التعليم المهني في المدارس، ورعاية المواهب الطلابيّة، وتفعيل الأنشطة اللامنهجيّة، واستحداث لجان اجتماعيّة داخل المدارس؛ هدفها تقويم سلوك الطلبة المخالفين، خصوصاً في ظلِّ وجود حالة من التمرّد على المعلّم تعتري بعض الطلبة في سنٍ معيّنة، إلى جانب التغيير في أساليب التعليم، والابتعاد عن أسلوب التلقين إلى التطبيق، وإتاحة الفرصة أمام الطلبة للإبداع وتوسيع مداركهم، وبذلك تكون الوزارة قد أنصفت طرفيّ المعادلة، المعلّم والطالب.
المفضلات