وليد سليمان - فوانيس ملونة ومزركشة تُضيء نفوسنا بالبهجة والأفراح ، معلقة هنا وهناك عند وفي مداخل منازلنا وفي بعض محلاتنا وأماكن أخرى في ليالي عمان ا هذا الشهر الروحاني الكريم .
و الفوانيس في رمضان ؛ ظاهرة حديثة نسبياً في بلادنا من حيث شياعة اقتنائها وإضاءتها في هذا الشهر الخاص والمميز بلياليه الصيفية النشطة بالتواصل الاجتماعي والديني .
نشوء تعليق فوانيس رمضان ، جاءت قديماً من مصر منذ مئات السنين أيام الدولة الفاطمية , ومن ثم انتشرت وصار تداولها معروفاً بشكل سنوي في مصر أم الدنيا حيث انتقلت فيما بعد إلى بعض دول عربية وإسلامية اخرى ولكن بشكل قليل منذ عدة عقود , ومنها مثلاً الأردن وبالذات في مدينة عمان العاصمة .. حيث صرنا نلاحظ اعداداً كبيرة منها تباع لدى محلات الهدايا بالجملة وفي بعض محلات التحف الشرقية .
وهذه الفوانيس أصبحت وبسبب انتشارها كمظهر لازم من مظاهر شهر رمضان الكريم تتنوع في منتوجاتها :
من فوانيس شعبية جداً ذات الكلفة البسيطة وهي مصنوعة من مادة البلاستيك والتي تُضاء بواسطة الكهرباء التي تصنع بشكل آلي , والآخرى الفوانيس العريقة الشهيرة تاريخياً بصنعها من المواد المعدنية والزجاجية الملونة وبشكل يدوي حيث يأخذ صنع كل فانوس منها وقتاً طويلاً وتلك الفوانيس مرتفعة الثمن بسبب موادها ومصنعيتها وزخرفتها الثرية المكلفة .
فنان الفوانيس
وفي جبل عمان كان هذا اللقاء مع الفنان المتخصص بصنع القناديل والفوانيس المميزة « عمر حجاوي « والذي درس الفنون التشكيلية وتخرج من جامعة تينيسي في أمريكا عام 2000 وعاش فترة طويلة هناك حيث كانت لمعايشته هناك للأجواء الفنية أثراً في تشكيل ذوقه الفني والثقافي , مع الحفاظ كذلك على تقديره العميق للفنون الشرقية من عربية وإسلامية كذلك .
وكان الفنان عمر حجاوي هناك قد انفتحت خبرته على كل فنون العالم ولكن ظل شغفه الكبير بفنون وابداع بلاده العربية .. حيث يبدأ عادة بالعمل على تلك الفوانيس طوال السنة وليس فقط عند قرب مجيء شهر رمضان وذلك لأن الفوانيس يمكن ان يستخدمها المقتني والمشتري في أي وقت كتحفة جمالية تزينيه .. حتى ان اكثر المترددين عليه لشراء تلك الفوانيس المدهشة هم من الاجانب الذين ينبهرون لهذا الفن الشرقي العربي الإسلامي الجذاب .
وعند عودته للاستقرار في عمان أتخذ عمر حجاوي موقفاً فنياً تراثياً يتعلق بحياتنا العربية وهو التركيز على بعض الفنون التطبيقية الجمالية والمفيدة ...من أجل ذلك فقد قرر ان يحترف حرفة صنع وإبداع الفوانيس الرمضانية والقناديل بشكل عام .
أشكال مميزة
ومن فوانيس عمر حجاوي تلك من يستعملها في رمضان في البيت والشرفات و عند المداخل وفي سقوف البيوت كالثريات ولتزيين الحدائق مثلاً . وذلك بأشكال تقليدية معروفة , ومنها بإبداع خاص ومميز حيث تظهر تلك الفوانيس والقناديل بأشكال هرمية أو اسطوانية أو على نصف دائرية أو مثل القباب أو نصف اسطوانية طولية أو على شكل مسجد أو على شكل شجرة أو نجمة وبشكل مخروطي .
أما الوحدات الزخرفية التي أخذ يستخدمها الفنان على تلك الفوانيس فهي الزخارف الهندسية والزخارف النباتية وذلك بواسطة التخريم وليس الرسم ـ وتلك عملية شاقة ومجهدة وتحتاج الى وقت كبير لأنها يدوية , كذلك استخدام تقنية واسلوب التخريم .. وكل ذلك كان على مادة النحاس والأساسية التي يصنع منها كل قناديله وفوانيسه الجميلة الملفته في تصاميمها الخاصة والمتفردة .
جماليات النحاس
وحول معدن النحاس الأصفر والذي يتعامل معه الحجاوي لصنع فوانيسه قال :
إنها مادة تشبه الذهب بلونها المدهش , والتفاعل معها سهل بسبب مطاوعة طرقها وتشكيلها كما أريد .. وان النحاس الأصفر متيسر الحصول عليه من الأسواق اكثر من النحاس الأحمر ..
وان معالجة النحاس الأصفرسهلة عند القيام بتقنية التعتيق أي إعطائه مظهراً قديماً وذلك بأن يظهر كأن لونه قد أصبح أسوداً أو بنياً أو درجات هذه الألوانن و هي عملية ممتعة اكثر من النحاس الأحمر .
ومن الادوات التي تساعده بصنع أعماله الفنية من الفوانيس فقد أشار الحجاوي إلى عدد منها وهي مثل :
مكوى النار والمنشار والمثقب والمقص والزجاج ومادة اللحام أي القصدير .. أخيراً أكد ان من يشتغل بهذه الحرفة الفنية الشعبية العربية الاسلامية، لا بد له ان يتحلى بكثير من الصبر والدقة والإحساس والثقافة والتاريخ الفني .
المفضلات