الحقيقة الدولية – عمان
كشفت دراسة بحثية عن وجود أكثر من 16 ألف معلم ومعلمة في المدارس الحكومية، يمثلون زيادة حقيقية عن الحاجة الفعلية لهذه المدارس، في وقت تضطر وزارة التربية والتعليم سنويا الى تعيين مئات المعلمين لسد النقص الحاصل في الكادر التعليمي رغم وجود هذه الزيادة بين صفوف المعلمين.
وكان وزير التربية والتعليم السابق د. فايز السعودي أكد خلال لقائه مدراء التربية والتعليم أن المدارس الحكومية تشهد تضخما بأعداد الهيئات التدريسية الزائدة، الأمر الذي خلق تشوها كبيرا في المشهد التعليمي، مبينا أن الحاجة الفعلية للمدارس لا تتعدى 60 ألف معلم ومعلمة.
ونقل مدراء تربية عن الوزير السعودي قوله "ان هناك قرابة 45 ألف شعبة صفية في المدارس، ويلتحق بالتدريس نحو 76 الف معلم، مبينا أن المعادلة النموذجية تقتضي تعيين معلم وربع لكل شعبة صفية واحدة في حال كان عدد الطلبة 30 طالبا.
وقالت مصادر متطابقة لصحيفة "العرب اليوم" ان السياسات الخطأ التي تنتهجها الوزارة في بناء المدارس منذ عقود أدت الى هذا الواقع، مؤكدة أن دراسات أجرتها الوزارة تكشف عن وجود 10- 11 طالبا في الشعبة الصفية الواحدة خاصة في المناطق البعيدة، بينما شعب أخرى تعاني من اكتظاظ بين الطلبة ساهم في تعطل العملية التعليمية.
وخلصت نتائج الدراسة الى ان عدد "المدارس المكتظة" بلغ 1244 مدرسة بنسبة 36 %، فيما بلغ عدد المدارس غير المستغلة 1891 وبنسبة 55 % من مدارس الوزارة التربية والتعليم حتى وان انخفض عدد المدارس المكتظة بمقدار 3 %، وغير المستغلة 2 % مقارنة مع عام 2007/ 2008.
وأشارت الدراسة الى أن نسبة المدارس التي تقع في المدن بلغت 60 % من مجموع تلك المدارس، في حين شكلت المدارس الأساسية 78 % من نسبة المدارس المكتظة.
وأظهرت أيضا أن معدل عدد الطلبة الى المعلم في المدارس المكتظة بلغ 18: 1 وهو يزيد بذلك عن المعدل الوطني لمدارس وزارة التربية والتعليم 16: 1 كما بلغت أعلى قيمة لمؤشر طالب/ معلم 21:1 لمدارس الوسط ولمدارس الفترتين، وأعلى قيمة لمعدل حجم الصف في مدارس الإناث 31 طالبا وطالبة وفي المدارس المملوكة 31 طالبا وطالبة في حين ظهر فرق مهم في حجم الصف بين مدارس المدينة وهو 31 ومدارس الريف 24 طالبا وطالبة.
وأكدت الدراسة التي أعدها المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية لصالح وزارة التربية والتعليم أنه في أربع مديريات تربية وتعليم لوحظ زيادة نسبة الطلبة الملتحقين بالمدارس المكتظة في تلك المديريات على الطاقة الإستعابية لها بنسبة 30 % أو أكثر وهذه المديريات هي معان بنسبة 33 %، الطفيلة 32 %، عين الباشا 31 %، عجلون 30 %، كما لاحظت الدراسة أن 17 مديرية تربية لديها مشكلات جدية في الطاقة التي تعمل بها "مديريات تعمل بطاقة 25 % أو أكثر عن مستوى الطاقة الإستيعابية لها، وزاد معدل الإستغلال لـ 404 مدارس عن 150 %.
وعن توفر المختبرات العلمية أشارت الى أن نسبة المدارس التي لا توجد بها مختبرات علوم بلغت 40 % بين 941 مدرسة توفرت عنها معلومات، وبلغت نسبة الطلبة الذين ليست لهم مختبرات علوم 23 %، في حين بلغت نسبة المدارس التي لا توجد بها مختبرات حاسوب 10 % من أصل 941 مدرسة توفرت عنها معلومات وبلعت نسبة الطلبة الذين ليست لهم مختبرات حاسوب 10 %.
وأوضحت المصادر ذاتها أن التعيينات التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم سنويا غير حقيقية الأمر الذي يكبد خزينة الدولة مئات آلاف الدنانير سنويا، مشيرة أن ما تشهده المدارس من عمليات نقل وتحويل في المسميات الوظيفية من دون وجود شواغر ضاعف من المشكلة أيضا.
ولفتت المصادر أن وزارة التربية لا تستطيع التخلص من الحمولة الزائدة من المعلمين نظرا للظروف الإقتصادية والإجتماعية التي تمر بها البلاد.
وأرجعت الدراسة الزيادة المفترضة في أعداد المعلمين الى البناء العشوائي للمدارس الحكومية حيث تجد مناطق يوجد فيها أكثر من مدرسة، يكون عدد الطلبة في الشعبة الصفية الواحدة 10 طلاب أو أقل وهي في هذه الحالة لا تراعي الكثافة السكانية وعدد الطلبة في مختلف مناطق المملكة، انما استجابة لضغوط لإنشاء هذه المدارس الأمر الذي يحتاج الى عدد كبير من المعلمين لملء الشواغر في تلك المدارس
وفيما يتعلق بالمدارس "غير المستغلة" فقد أظهرت الدراسة أن 62 % من المدارس غير المستغلة تقع في الأرياف ووصلت نسبة المدارس ذات الفترة الواحدة الى 95 % من مجموع المدارس غير المستغلة، كما بلغت نسبة طالب الى معلم في هذه المدارس 14:1 وكان أقل معدل في المدارس المستأجرة والمدارس المملوكة بنسبة 8:1 كما تعمل المدارس غير المستغلة في اربع مديريات تربية وتعليم بطاقة 70 % أقل من طاقتها وهذه المديريات هي الشوبك، ذيبان، البادية الوسطى، القصر.
وفيما يتعلق بأعداد الطلبة في الغرف الصفية أكدت الدراسة أن أقل حجم صف في المدارس المستأجرة أو المستأجرة والمملوكة معا بلغ 10.4 و 11.8 على التوالي، كما بلغت نسبة المدارس التي لا توجد فيها مختبرات علوم 26 % من أصل 1500 مدرسة توفرت عنها معلومات، وبلغت نسبة الطلبة الذين ليست لهم مختبرات علوم 9 %، وبلغت نسبة المدارس التي لا توجد فيها مختبرات حاسوب 11 % من بين 1500 مدرسة توفرت حولها معلومات وبلغت نسبة الطلبة الذين ليست لهم مختبرات حاسوب 10 %.
وأرجعت الدراسة أسباب الإكتظاظ أو عدم الإستغلال في المدارس الى الكثافة السكانية وسمعة المدرسة الحسنة والمواصلات الجيدة من والى المدرسة وكذلك عدم وجود مدارس أخرى وهذا بالنسبة للمدارس المكتظة، بينما أكدت الدراسة أن المسافة بين المدرسة والمناطق السكنية وصعوبة المواصلات وانخفاض عدد السكان المقيمين في المنطقة أو تنقل هؤلاء في تلك المناطق أدى الى عدم استغلال المدارس على نحو أفضل.
وأوصت الدراسة التحقق بعناية من المواقع والبنية التحتية وكذلك الطاقة الإستيعابية للمدارس غير المستغلة في مناطق المدن ومحاولة نقل الطلبة من المدارس الأكثر اكتظاظا الى المدارس غير المستغلة مؤكدة أهمية وضع خارطة للمدارس غير المستغلة بصورة كبيرة بحيث يتم اغلاق المدارس المستأجرة في حال توفر مدارس غير مستغلة وتوفير وسائل النقل عند الحاجة لتسهيل الحضور المنتظم الى هذه المدارس، الى جانب دمج المدارس غير المستغلة المتجاورة.
كما أوصت بوقف انشاء المباني المدرسية في المناطق التي يوجد بها مدارس غير مستغلة، واطلاق حملات توعية موجهة للمجتمع حول ما يتوفر من دلائل للإرتباط بين المدارس غير المستغلة وتدني أداء الطلبة، ودعوة الوزارة الى تحسين البنية التحتية ونوعية المصادر والمرافق التدريسية مثل مختبرات الحاسوب والعلوم، من أجل جذب بعض الطلبة من المدارس شديدة الإكتظاظ الى المدارس غير المستغلة ضمن المنطقة أو المناطق المحيطة.
المفضلات