لم أكن بتلك الحيرة في أمري، فطريقي كان واضحا، واختياري لك كان مطمئنا له قلبي، كان الوعد بعد سنة، ولكني استعجلته بعدة أشهر، الوعد أن أتصل بأمك لأقنعها، قلت لك في إحدى أحاديثنا أنني مستعد لأن أدخل ألف حرب مع أهلك لأقنعهم بي وأنتزع موافقتهم لخطبتنا، لكنني غير مستعد أن أدخل حربا واحدة ضدك لأقنعك بي بعد كل هذه المعرفة بيننا
خرجت لجانب البحر ، وأشعلت سيجارتي، أخذت نفسي العميق، بعدها اتصلت على هاتف منزلكم ، كنت في الجامعة حينها أعلم، وأعلم أن أمك لوحدها ، ولم يخب ظني فقد رفعت امك السماعة، عرفتها بنفسي، أنا علي، وأعتقد أن فلانة كلمتك عني وأني أنوي الكلام معك في خصوص موضوع خطوبتنا، بدت أمك منصدمة، وأعقبت ” ألم ينته الموضوع” ظننت للوهلة أنها بداية المعركة معها، ولم أفهم، قلت لها أنا هنا لأتحدث فيما حصل وشرح الأمور علها تسهم في حلحلة الأمور وتفهمون الامور كما هي كمقدمة لكي يكون دخولي لبيتكم مرحب به، وبدأت اسهب وهي تستمع وتقاطع وكأنها لا تفهم ما يدور، ولكنها أخبرتني، بلهجة حنونة، أحسست أنها بمثابة أمي،” ولكن يا ولدي هي من أخبرتني أن الموضوع انتهى، بل هي من طلبت مني عند اتصالك أن أخبرك أن لا تعاود الاتصال، إنه قرارها، نحن لا دخل لنا به صدقني، هي التي تقول بأن الموضوع انتهى”
هنا توقف الزمن، هي ؟؟؟ كيف ذاك، بالأمس فقط تحادثنا ولم تذكر لي هذا، لسنة خلت كنا نتحدث ولم تذكر لي ذاك، ماذا حدث، قلت لها هل انت متأكدة، قالت نعم، ولكن يا ولدي أنا سأحادثها، ولكن لا أواعدك بشيئ، قلت لها سأتصل بها واستفهم الامور، أقفلت الخط والدنيا سوداء، اتصلت بك، كنت بالجامعة، توشكين على دخول المحاضرة، وبهدوء تحدثت، بشخصية الحكيم، الذي يزن كل الأمور، وبوضعية ذلك الضعيف الذليل المحتاج، تكلمت معك، ما القصة، لقد اتصلت بأمك، تفاجأت، قلت لي هل فعلتها، قلت لك نعم ألم أعدك بذلك، ولكنك أجبت، لم أكن أتوقعك تفعلها، لماذا يا فلانة، هل أنا طفل يلعب معك، أم أنك تحبين طفلا طيلة هذه الفترة، امك أخبرتني أنك أنت من يريد ان ينهي الموضوع، أمك أخبرتني أنك أنت من قال لها أنني لو اتصلت فعليها أن تصدني، لماذا وضعتني في هذا الموقف ، وتداركت، ماذا حدث يا فلانة، ؟ لم أفهم، ولكن كان جوابك ” ما اقدر علي ما اقدر” لن استرسل في كثير من الكلام الذي دار بيننا، ولكن أتذكر، أتذكر كيف أني رجعت لأمي، وبدلا من خبر يفرحها بعزمي على الخطبة، كان منظري هو المبكي، اخذتني في حضنها، لم أبكي منذ يوم وفاة والدي، فقد مسكني عمي في يوم كسار الفاتحة ليخبرني ” الرجال لا يبكون ، أنت رجل البيت منذ الآن” لم يبكني حتى مأتم الحسين وكنت عند ذاك من المؤمنين به، ولكني بكيت أمامك، وللأسف حاولت أن أدخل معركة معك ، من أجلك أنت، تعبت طيلة الفترة الماضية لأثبت لك نضجي ورجولتي وقدرتي على تحمل المسؤولية، وفي هذه اللحظات، كنت أريد أن أتعب لأطلب منك فرصة أخرى، ولكن التفت، إلى أنني كنت لعبة في يدك، لعبة تديرينها كيف تشائين ، أقفلت الخط وقفلت راجعا لغرفتي، الطريق ليس بالطويل، ولكن الزمن كان متوقفا، كل شيء لونه أسود
أخبرتني أنت لاحقا أن أمك أعجبت بي عندما تكلمت معي، وقالت يبدو عليه رجل شهم فإن كنت لا تريديه فأخبريه بصراحة ولا تجعليه ينتظر
إذا نجحت مع أمك من اول مكالمة ولم احتج لألف معركة، وللأسف فقضيتي التي كنت قد ضمنتها هي التي كانت بحاجة لمعركة، توقفت، وعدت إلى رشدي ، لن أدخل معركة لأقول لإمرأة أنني أحبها وأريدها، عذرا يا حبيبتي، لن أدخلها
هنا انتهى الحب بالنسبة لي، انتهى أمر الأنثى، وكنت دائم السؤال لنفسي، متى سيأتي الصباح الذي لا تكوني أول شيء أتذكرك فيه عندما أصحو، متى يأتي اليوم الذي لا تكونين فيه سيدته، ملكة كل النساء الذين يمرون من أمامي، صورة الجمال الذي يحوطني، المرآة التي أرى من خلالها جل الأشياء، متى ستصبحين شخصا عاديا وذكرى مرت في حياتي ” كسرب حمام عبر”
ربما أكمل بعضا من فصول القصة بيننا قريبا أو بعيدا، ربما يحوطني الموت قبل ذلك، أو يحوطك
لكن رسالة لك، كنت كتمت سر حبك حتى عن أقرب المقربين لي، حتى عن امي وأهلي، ولكني أصدم في كل يوم أن هناك من يعرف ويعرف اسمي ، ويغمز من خلفي، وأسكت، هي رسالة، هل تريدين أن أنشر قصتنا؟ لماذا قلت لفلانة وعلان، ألا تخافين أن يصل ما كان بيننا إلى الجميع وقد يهدم ذلك ما لا أريد أن أهدمه لحبي لك، لماذا لا تحترمين حبي لك ولماذا لا تحترمين احترامي لقصة حبنا
رجاءا حبيبتي، الطلب الأخير، أكتمي القصة ولا تخبري أحد جديدا، فكلما يذكرني بها أحد، أحس كم كنت على الهامش ، أحس كم فشلت في ضمك لحضني، وجعلك زوجي، فاحترميني هو طلبي الأخير
المفضلات