مهارة إدارة الصف
تساعد معرفة المعلم للممارسات والعمليات التي تحدث داخل حجرة الدراسة في إدارة الصف بكفاءة وفاعلية ، أيضاً فإن الوقوف على الفروق الفردية بين التلاميذ ، وعلى أساليب تفكير التلاميذ ، يسهم في تحقيق التفاعل التام بين المعلم والتلاميذ ، وذلك بدوره يعمل على تحقيق النجاح في عملية إدارة الصف .
وبعامة فإن عملية إدارة الصف تتوقف على عوامل عديدة ومتداخلة ، ولعل من أهمها هو مدى اكتساب المعلم للتفكير العلمي الدقيق الذي يساعده على التحليل والربط بين الأحداث التي تحدث داخل حجرة الدراسة . ومن هذه العوامل نذكر أيضاً التخطيط لعملية التدريس ، والإمكانات المادية وغير المادية من منظور : التكلفة ، والعائد من الموقف التدريسي ( مخرجات العملية التعليمية ) ، وقوة العلاقات والصلات البينية بين المعلم والتلاميذ من جهة ، وبين التلاميذ بعضهم البعض من جهة أخرى . كذلك ، فإن الطاقة النفسية المتاحة والممكنة لكل من المعلم والتلميذ يكون لها دورها المؤثر في تحقيق إدارة الصف ، إذ أن معرفة المعلم والتلميذ لهذا الدور يجعلهما يدركان أنهما يعملان سوياً لتحقيق هدف واحد .
وحتى لا يحدث خلط في الأذهان ، يجدر الإشارة إلى أن عملية إدارة الصف ليست مجرد العملية الشكلية الروتينية التي تضمن استقرار وهدوء التلاميذ ، بحيث لا تحدث بينهم وبين المعلم أية خلافات ، وبحيث لا تحدث بين بعضهم البعض أية صدامات ، وإنما هي العملية التي ينبغي أن يخطط لها المعلم بذكاء وحذاقة لكي يضمن تحقيق أهداف الدرس الذي يقوم بشرحه ، وذلك من خلال جو تعليمي يسمح بالتفاعل بين جميع جوانب العملية التعليمية .
وتتوقف إدارة الصف على طبيعة المعلم نفسه ، إذ أن المعلم الديمقراطي هو الذي يؤمن بأهمية مشاركة التلاميذ له في التفكير والعمل من بداية الدرس وحتى نهايته . أما المعلم الدكتاتوري ، فإنه لن ينظر بعين الاهتمام للأدوار التي يمكن للتلاميذ القيام بها ، ولا يسمح لأحدهم بإبداء الرأي أو المناقشة إلا في أضيق الحدود .
أيضاً ، تتوقف إدارة الصف على إمكانات المعلم الذهنية وتمكنه من محتوى المادة العلمية ، إذ أن المعلم الذي يتميز بالتفكير الموضوعي الدقيق ، والذي يسيطر على جميع دقائق وتفصيلات المقرر الذي يقوم بتدريسه ، يستطيع أن يسيطر على الموقف التدريسي وفق الخطة الموضوعة لتحقيق الأهداف التربوية المنشودة ، وذلك دون تعسف أو فرض الأمر الواقع على التلاميذ . بينما يفشل المعلم الذي لا يتمتع بالتفكير العلمي ، وغير المتمكن من المادة العلمية في إدارة الصف بسلاسة ويسر ، إذ غالباً لا يقتنع التلاميذ بتصرفاته الشخصية وبطريقة عرضه وشرحه للدروس ، فيضطر بدوره إلى إدارة الصف بطريقة قهرية وتصادمية .
كذلك ، تتوقف إدارة الصف على مدى إتقان المعلم لأساليب وطرق التدريس المناسبة ، وعلى معرفته خصائص ومطالب نمو التلاميذ ، فقد يكون المعلم متمكناً بدرجة كبيرة لجميع دقائق المقرر المكلف بتدريسه ، ولكنه لا يستطيع أن ينقل ما في ذهنه إلى أذهان التلاميذ ، لأنه لا يعرف السبيل الأمثل لتحقيق ذلك .
أيضاً تتوقف إدارة الصف على معرفة المعلم لخصائص ومطالب نمو التلاميذ ، وهناك خطورة تتمثل في عدم رعاية الفائقين ذوي القدرات العالية ، كذا عدم الاهتمام ببطيء التعلم ، إذ أن التلميذ النابه أو التلميذ بطيء التعلم أو التلميذ متدن التحصيل يتطلب أيا منهم مواصفات خاصة في التعامل معه .
إدارة الصف كنظام
يقتضي الحديث عن إدارة الصف كنظام أن نوضح أن النظام System بمثابة المجموع الكلي لأجزاء العمل التي يمكن الاعتماد عليها للوصول إلى الإنجاز المنشود ، ولتحقيق المطلوب أو النتائج أو المخرجات التي تم التخطيط لها واعتمادها بدقة .
فعلى سبيل المثال ، يمكن النظر إلى إدارة الصف كنظام على أساس وجود أهداف تم تحديدها سلفاً ، ونسعى إلى تحقيقها من خلال المواقف التدريسية داخل الصف ، وذلك عن طريق البرامج التعليمية التي يدرسها التلاميذ . وبالتالي ، فإن إدارة الصف كنظام تعني تحقيق مخرجات بعينها نتيجة مدخلات محددة تمر عبر شبكة من القنوات والاتصالات بين جميع أطراف الموقف التعليمي المتفاعل . وتتمثل هذه المخرجات في تحقيق إنجازات أو نواتج أكاديمية أو تربوية أو نفسية ، وفي صورة تصرفات عاقلة ومسئولة من جميع أطراف العملية التعليمية .
وهنا قد يقول قائل : " أن تحقيق الإنجازات والأغراض المستهدفة ، سواء أكانت أكاديمية أو تربوية أو نفسية ، لهو رد فعل طبيعي ومتوقع للتصرفات العاقلة والمسئولة من جميع أطراف العملية التعليمية " .
هذا صحيح ، ولكن عندما نقول أن مخرجات الموقف التدريسي تكون في صورة تصرفات عاقلة ومسئولة وذلك بجانب المخرجات الأكاديمية والتربوية والنفسية ، فإننا بذلك نؤكد على أهمية التفاعل بين أطراف الموقف التدريسي بما يحقق العلاقات والصلات البينية المتشابكة ووثيقة الصلة بين هذه الأطراف .
وتتحدد كفاءة إدارة الصف كنظام بمجموعة من المحكات ، وهي كما حددها " بنجهارت Banghart تتمثل في الآتي :
1- الأداء Performance :
ويشير هذا المحك إلى مدى كفاءة النظام عندما يتعرض لحل مشكلة جديدة ، أو عندما يقدم حلول بديلة للحلول المتعارف عليها . لذا ، يكون من المفيد قياس الكفاءة بمقاييس ثبت صدقها وفاعليتها بالنسبة لهذا الغرض ، أو بمقاييس مقننة يتم تصميمها تحقيقاً لهذا الهدف .
وللتأكد من كفاءة أي نظام جديد ، يجب مقارنة هذا النظام الجديد بأنظمة قد ثبتت صحة كفاءتها وقدرتها على حل المشكلات ، وهذا ما يطلق عليه الإعتمادية ، والاتساق ، والاستقرار . والصدق الذي يرتبط بهذا المحك يسمى صدق التميز ، أو التنبؤ القيمي .
2– التكلفة Cost :
المحك الثاني وهو التكلفة المتوفرة للنظام ، وهي قد تكون تكلفة ثابتة أو تكون تكلفة متغيرة . لذا ينبغي وجود أصول وثوابت واضحة للتكلفة ، من حيث العمالة والآلات والأجهزة ، وكل ما يندرج تحت مظلة النظام .
وعليه ، عندما تكون هناك بدائل لاختيار النظام ، يجب أن نضع في اعتبارنا التكلفة ثم العائد والكفاءة . وتفيد نظرية الاحتمالات وبحوث العمليات في تحديد تلك البدائل بدرجة كبيرة من الدقة .
3– الفائدة Utility :
يعني اتخاذ القرار للاختيار من بين البدائل المطروحة . وبمجرد أخذ القرار ، لابد من السؤال عن الفائدة أو العائد أو القيمة الناتجة عن اختيار بديل بعينه دون بقية البدائل .
وإذا كان التخطيط في أبسط صورة له يعني كم يمكن أن ندفع لكي نحصل على أكبر عائد أو خدمة أو نواتج ، يكون من المهم أن يراعي النظام مقدار المردودات التي يمكن أن تعود علينا .
4– الوقت :Time
إذا كان ما نسعى إليه من اختيار بديل بعينه دون بقية البدائل ، هو الحصول على أكبر عائد من الفائدة والكفاءة والأداء المتميز ، فينبغي أن يتحقق ذلك في أقل وقت ممكن ، إذ توجد علاقة بين التكلفة والوقت . وهي علاقة طردية ، أي كلما زاد الوقت زادت قيمة التكلفة .
ويمكن أن يستخدم في ذلك ما يعرف بالتخطيط والتحكم Planning and Control
وبعد أن حددنا المحكات التي على أساسها يمكن تحديد كفاءة إدارة الصف كنظام ، يجدر بنا طرح السؤال المهم التالي :
ما المقصود بمدخل النظام ؟
يهتم مدخل النظام بالعمليات التي تحدد الحاجات والمشكلات . لذا ينبغي أن نختار من بين البدائل ما يرتبط بالمشكلة ويؤدي إلى حلها . ويجب تحديد البديل أو البدائل التي يتم اختيارها باستخدام التقييم الدوري ، وباستخدام التقييم النهائي أو الجمعي .
وتستخدم " نظرية تحليل النظم " لتحقيق ما تقدم كنوع لحل المشكلات بطريقة منطقية ، وبذا تضع الأساس الفعال لتخطيط إدارة الصف .
وبعامة ، توجد العديد من الدلالات المنطقية المقنعة بأن " نظرية تحليل النظم " هي طريقة أكثر فعالية وذات كفاءة عالية بالنسبة لتحديد مخرجات الإدارة الناجحة للصف ، وبالنسبة لأسلوب التفكير الذي يركز على مسألة تحقيق الذات لجميع أطراف الموقف التدريسي .
وعليه ، تعطي " نظرية تحليل النظم " مؤشراً له دلالاته لمردودات العملية التعليمية داخل الصف ، إذ عن طريقها يمكن تحديد الحل المنطقي لأية مشكلة ، وبخاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن جميع الأداءات والممارسات التي تحدث داخل الصف بمثابة عمليات ، إذا تحققت بكفاءة فإنها تسهم في رفع كفاءة التنظيم للعمليات التربوية ، ولا تقتصر على رفع إدارة الصف الدراسي .
وتعتمد مخرجات إدارة الصف كنظام على الآتي :
v صحة البيانات التي استخدمت في تحقيق وتحليل المسائل العلمية التي يتم طرحها للدراسة والمناقشة داخل الصف .
v موضوعية الاستخدام الشخصي لنظرية " تحليل النظم " وارتباط أدواتها بالخطة المطلوب تنفيذها . فإذا ارتبطت أو استخدمت نظرية " تحليل النظم " في وضع خطة إدارة الصف ، ينبغي أن تتضمن الخطة الأدوات المناسبة التي تركز على التلميذ ، وبذلك يمكن التأكد من مستوى طموحه والوقوف على إمكاناته الذهنية والتحصيلية الحقيقية .
v قوة التفاعل الصفي من الناحيتين العلمية والتكنولوجية ، وبخاصة أن مقتضيات وظروف العصر تتطلب تطبيق العلم والتكنولوجيا في المستويات الحياتيه للأعداد المتزايدة من التلاميذ ، حتى تتحسن مستويات المعيشة لأولئك التلاميذ .
وبالرغم مما تقدم ، ينبغي التنويه بأن العلم والتكنولوجيا قد لا يكونان بالضرورة الأداتين الأمثل لحل مشكلات الإنسان .
إمداد وإعطاء التلاميذ الخلفية العلمية ، واكسابهم القدرة على التفكير الموضوعي الدقيق ، حتى يستطيعوا مواصلة الدراسات العلمية في المستويات الأعلى ، وحتى تكون لديهم القدرة على استخدام التفكير العلمي في حل المشكلات الحياتية التي قد تصادفهم .وينبغي أن يدرك التلميذ أن حل أية مشكلة من المشكلات يمكن تحقيقه عن طريق :
!تقديم أكبر عدد ممكن من الحلول .
!اختيار أفضل البدائل في ضوء المحكات الملائمة لمن يقوم بعملية التخطيط لإدارة الصف .
ما المقصود بالتخطيط لإدارة الصف ؟
المقصود بالتخطيط التعليمي بعامة أنه العملية المتصلة المنتظمة التي تتضمن أساليب البحث الاجتماعي ، ومبادئ وطرق التربية ، وعلوم الإدارة والاقتصاد والمالية ، والتي تكون غايتها وهدفها النهائي أن يحصل التلاميذ على تعليم كاف ذو أهداف واضحة وعلى مراحل محددة تحديداً دقيقاً ، وبذلك يمكن لكل فرد الحصول على الفرص المناسبة التي عن طريقها يستطيع أن ينمي قدراته في شتى المجالات والميادين ، وذلك ينعمل أثره إيجابياً على إسهاماته المؤثرة والفعالة بالنسبة لما يقوم به من أعمال وأفعال ، وبالنسبة لما يقدمه من آراء ومقترحات . وهذه ، وتلك يكون لها دورها الفاعل في تقدم المجتمع في النواحي الاجتماعية والثقافية والعلمية والاقتصادية … الخ .
والتخطيط التعليمي يكون عملية مقصودة تهدف إلى استخدام طرق البحث العلمي في تحقيق الأهداف السابقة في ضوء احتياجات المستقبل وإمكانات الحاضر .
ويكون التخطيط لإدارة الصف بمثابة العملية العلمية المنظمة لدراسة مجتمع التلاميذ دراسة وافية وكافية ليقف المعلم على معرفة إمكانات كل متعلم على حدة ، وليعرف كيفية تطوير هذه الإمكانات نحو الأفضل ، باستخدام أساليب التدريس المناسبة ، وباستخدام التقنيات التربوية التي تخدم المواقف التعليمية / التعلمية ، وذلك باستخدام أساليب التقويم الحديثة والمتطورة ، بشرط أن يتحقق ذلك عن طريق مواقف تعليمية / تعلمية فاعلة ومتفاعلة بين جميع أطرافها ، وبذلك يتم مراعاة مطالب النمو الحالية للمتعلم ، كما أنه يكتسب في ذات الوقت كيفية مواجهة المستقبل ، دون صعوبات أو عقبات لأنه يعرف جيداً السبيل الأمثل للتعامل مع تلك الصعوبات أو العقبات .
وأخيراً فإن التخطيط العلمي بات السبيل لرسم إطارات العمل المستقبلي على المدى القصير والبعيد . وإذا كانت إدارة الصف بمثابة الأداة الرئيسية للتربية بالنسبة لتخريج الإنسان الصالح علمياً وسلوكياً ونفسياً وانفعالياً .. الخ ، فإن التخطيط لهذه العملية هو السبيل لتحقيق متطلبات التلاميذ في الرفاهية والعدالة الاجتماعية ، ثم تحديد الأسلوب الأمثل لتحقيق تلك الأهداف .
معلم الصف كقائد
تحتم طبيعة الموقف التدريسي أن يكون المعلم هو قائد الجماعة . وبعيداً عن مناقشة السمات الشخصية المتعارف عليها بالنسبة للمعلم والقائد على السواء ، ينبغي النظر إلى القيادة هنا في إطار دورين مهمين ، وهما المبادأة بتكوين الجماعة والاعتبار .
ويشير مبدأ تكوين الجماعة إلى أهمية تحقيق المعلم لأنواع من السلوك ، لعل أهمها : يجعل الطريق الذي يراه أو يتبعه واضحاً لجماعة الصف ، يحاول تجربة أفكار جديدة ، ينتقد العمل الضعيف ، يؤكد أهمية إنجاز العمل في الوقت المخصص له .
ومعلم الصف كقائـد ، عليه أن يوجـه ويتصرف وينسق العمل ، ويتخذ القرارات ، ويقوم " بمبادأت تكوين الجماعة " بهدف تنفيذ العمل والمهام المطلوبة .
وتشير الدراسات إلى أن المعلمين الذين ينالون أعلى تقدير لجوانب الشخصية كلها ، والذين يتمتعون بأعلى تقدير في مجال الشهرة يميلون إلى أن يقوموا بدور المبادأة بتكوين الجماعة خير قيام ، أيضاً ، تشير الدراسات إلى أن المعلمين القادة ذوي الكفاءة يؤدون الدور الثاني الخاص بالاعتبار خير أداء ، حيث يطلق على هذا الجانب مجال " العلاقات الإنسانية " لسلوك القائد .
وليحقق المعلم القائد الجانب المرتبط بالعلاقات الإنسانية ، ينبغي أن يقوم بأعمال بسيطة تجعل انضمام الفرد للجماعة أمراً محبباً إلى النفس ، وأن يقضي أوقاتاً طويلة مع التلاميذ ليستمع لآرائهم ويوضح في الوقت نفسه أبعاد ما يقوم به من عمل ، وأن يعامل جميع التلاميذ على قدم المساواة ، وأن يبدي استعداده لأن يقوم بعمل التغيرات المنطقية التي يطلبها منه التلاميذ ، وأن يحصل على موافقة جميع التلاميذ أو أغلبيتهم قبل البدء في العمل المرتبط بالأنشطة الجديدة ، وأن يتطلع إلى تحقيق الرفاهية الشخصية لجميع التلاميذ .
ما تقدم هو مختصر لصورة المعلم القائد الذي يهتم بالتلاميذ ، ويضع في اعتباره آراءهم واهتماماتهم ومشاعرهم ، وبخاصة أن التلاميذ الآن أصبحوا يقررون بأنفسهم العديد من أمورهم في نطاق التكوين الكلي لتنظيم الجماعة .
تأسيساً على ما تقدم ، يستطيع المعلم القائد تكوين جماعات جيدة من التلاميذ يمكنها أن تصل إلى أهدافها ، وأن تسهم في منح ألوان شتى من الرضا لأعضائها ، وأن يدركوا أهمية تنمية مفاهيم العملية الجماعية .
ومن المهم أن يدرك المعلم وجود التباينات بين جماعة الصفوف المختلفة التي تختلف في السن والنضج ، وفي القدرة العقلية ، وفي المكانة الاجتماعية – الاقتصادية ، وأن يدرك كذلك الاختلافات بين " شلل " الصف الواحد ، وأن يعرف أدوار هذه الشلل ، وكيف تتلاقى أو تتصارع باختلاف شخصياتها .
ويمكن للمعلم تطبيق الأفكار التالية لوضع حلول للمشكلة السابقة :
1)يمكن اعتبار الصف جماعة لها خصوصيتها ، ولها أهدافها التي تتضمن إنجاز مهام بعينها ، كما تتطلب تحقيق الرضا الذاتي والانسجام مع الجماعات الأخرى . وتفسر مهام هذه الجماعة في نهاية الأمر بتعلم كل فرد من التلاميذ .
2)بالرغم من أن جماعة الصف ينظر إليها كجماعة واحدة ، فأنه يمكن تقسيم هذه الجماعة إلى جماعات جزئية أو فرعية ، وقد تنسجم أو لا تنسجم هذه المجموعات الجزئية بعضها مع بعض . ويوجد اختلاف في كل صف فيما يتصل بمدى تقبل أو نبذ الأفراد الأعضاء في الجماعة الأم أو في المجموعات الجزئية . وهناك أدوار مختلفة وأنماط خاصة للسلوك يقوم بها أفراد بعينهم دون بقية الأفراد .
3)يقوم تفاعل بين معلم الصف مع الجماعة كقائد جيد على أساس إنجازه لدورين رئيسين ، وهما المباءأة بتكوين الجماعة والاعتبار ( السلوك الإنساني ) . وفي إطار هذين الدورين يوجه المعلم التلاميذ ، ويحدد المستويات ، وينظم المناشط ، ويندمج في جميع أوجه النشاطات التي يمارسها التلاميذ ، ويحترم أفكار التلميذ ومقترحاته وآراءه الشخصية . ويؤدي عدم القدرة على القيام بهذين الدورين أو رفض أدائهما ، إلى وجود العديد من المشكلات والصعوبات الخاصة بتفاعل التلاميذ بعضهم مع بعض ، كما أن المعلم يعجز شخصياً عن إنجاز العمل والمهام التي تتطلبها جماعة الصف .
4)يعتمد التعليم الفردي المعين على محتوى المناشط والممارسات التي يطلبها معلم الصف من التلميذ . كما أنه يعتمد أيضاً على طبيعة أفراد الصف ، وعلى السلوك القيادي للمعلم . وتؤثر جماعة الصف كما يؤثر المعلم بطريقة مباشرة في دافعية التلميذ نحو التعلم إيجاباً أو سلباً .
ويظهر تأثير سلوك جماعة الصف المباشر في مجالات التفكير الناقد ، وتكوين الاتجاهات ، وأداء المهارات الاجتماعية .
موضوعية المعلم في إدارة الصف
حيث أن المدرسة تفتح أبوابها للجميع ، بغض النظر عن مظهر التلميذ أو موطنه أو مكانته الاجتماعية ، لذا ينبغي أن تتلاءم برامج المدرسة مع سياسة الباب المفتوح .
ولكن ، يشير الواقع الفعلي أن بعض المعلمين أحياناً ما ينجذبون إلى تفضيل مجموعة بعينها من التلاميذ على حساب بقية التلاميذ . وربما لا يقصد المعلمون ذلك في كثير من الأحيان .
أيضا يلاحظ أن التلاميذ الذين ينحدرون من أسر موسرة يشغلون في أحيان كثيرة مراكز ممتازة في المدرسة ، كما أنهم يشتركون في النشاط المدرسي ، وينضمون بسهولة إلى الجماعات المدرسية ، ولا يتساوى معهم في ذلك التلاميذ المعوزون . وهنا يشعر التلاميذ المعوزون بالدونية والاضطهاد داخل المدرسة ، فينسحب بعضهم من المدرسة ويتركها نهائياً ، أما البقية الباقية منهم فسوف يمثلون شوكة في ظهر المعلمين ، إذ بسبب إحساسهم بأن المدرسة تعاملهم دون المستوى الإنساني المطلوب، وبطريقة أقل كثيراً من زملائهم الموسرين ، فإنهم يتحدون المعلمين بطريقة سافرة ، وتحدث منهم تصرفات غير لائقة ، قد تصل أحياناً إلى حد الصدام والتصادم المباشر .
لتفادي المشكلة السابقة ، وللخروج من الأزمات المتوقع حدوثها بين المعلمين والتلاميذ ذوي الدخول الاقتصادية المنخفضة أو الأوضاع الاجتماعية الغير عالية
ينبغي على كل معلم موضوعي أن يجد إجابات دقيقة ومحددة عن الأسئلة التالية :
vما الجماعات الاقتصادية والاجتماعية الموجودة في الصف ؟
vهل توجد توترات بين الجماعات التي يتكون منها الصف ؟
vما مكانة كل جماعة من جماعات الصف في المجتمع ؟
إن الإجابة عن هذه الأسئلة السابقة تساعد المعلم في :
¨تحديد نوع العلاقات بين الجماعات الموجودة في المجتمع الذي تخدمه المدرسة .
¨تحديد المفاهيم التي يجب أن تستفيد منها العلاقات بين الجماعات الموجودة في الصف .
وهنا ينبغي التنويه إلى أهمية أن يواجه المعلم موقفه ومشاعره بموضوعية وصراحة تجاه الاختلافات بين جماعات الصف ، وأن يقنع نفسه بأهمية وضرورة تطبيق القانون الأخلاقي والقيمي الذي لا يضع حدوداً فاصلة بين التلاميذ غير مستوى التفوق والإجادة .
وينبغي أن يدرك المعلم أن تغيير الاتجاهات التي تركز على نبذ التلاميذ لبعضهم البعض إلى اتجاهات تركز على تقبل التلاميذ لبعضهم البعض ليس بالمهمة السهلة ، ولكنها ليست بالمستحيلة ، إذ من الممكن التأثير في هذه الاتجاهات عن طريق خلق جو مدرسي يسود فيه قبول الاختلافات بين الجماعات إلى حد كبير .
وتكمن المشكلة في إمكانية وضع المدرسة لخطة علاجية طويلة المدى لتستمر مع التلميذ طوال العمر المدرسي له ، كذا قدرة المعلم على وضع خطة مماثلة لتستمر مع التلميذ طوال العام الدراسي ، وبذلك يمكن للمدرسة بعامة وللمعلم بخاصة مواءمة واجباته مع مقدرة التلميذ ، والتقليل من المواقف التنافسية غير العادلة وغير الشريفة .
وعند وضع الخطة العلاجية – التي سبق الإشارة إليها فيما تقدم – ينبغي مراعاة المقترحات التالية :
1 - تقوي وتتدعم العلاقات الناجحة بين التلاميذ إذا تجنب المعلم إجراء مقارنات لا لزوم لها بينهم .
2 - إن التغيرات في الاتجاهات هي أيضاً تغيرات في المشاعر ، لذا يجب أن يقرن المعلم بين الحقائق والاعتبارات العاطفية لمساعدة التلاميذ على تغيير اتجاهاتهم .
3 - من الممكن أن تتغير اتجاهات التلاميذ عن طريق الخبرات المباشرة .
4 - أن يساعد المعلم التلميذ على تبصر وتفهم الحقائق ، أن يعمل المعلم على إكساب التلميذ التفكير العميق في أية خلافات ظاهرة ، من الأمور المهمة التي تسهم في تغيير الاتجاهات السلبية للمتعلم .
5 - يجب على التلاميذ أن يروا ويتعلموا عن الأشخاص الأفذاذ والمكافحين الذين تمكنوا من الوصول إلى مراكز اجتماعية عالية وسمعة طيبة .
6 - حيث أن السلوك الظاهري قد يختلف في أحيان كثيرة عن الدوافع الكامنة ، لذا يجب أن يلجأ المعلم إلى المتخصصين ليفهم التناقض بين قول وفعل بعض التلاميذ ، وليعرف الاحتياجات الحقيقية للمتعلمين .
7 - يحتاج التلاميذ إلى معاونتهم على فهم وشعور وأحاسيس بعضهم البعض ، حتى يتحقق التجاوب الكامل بينهم .
8 - يستطيع المعلم أن يستفيد من مواقف التشاحن والاحتكاك التي قد تحدث بين التلاميذ وتخل بنظام الصف ، وذلك بجعل موضوع أي مشكلة مادة للتدريس والمناقشة داخل الصف ، وبذلك يساعد على حل هذه المشكلة ، ويقرب وجهات النظر بين أطرافها
المفضلات