كتب مروى ياسين ١٩/ ١٢/ ٢٠١٠
التهمت المياه الجوفية الأراضى الزراعية فى قرية عرب العيايدة، مركز حلوان الصف، مما أدى إلى بوار نحو ٧٠٠ فدان من إجمالى ٧٥٠، بينما هجر أهالى القرية الأدوار الأرضية بعد غزو المياه لها وفيما أرجع حشد كبير من أهالى القرية بوار الأرض بسبب المياه الجوفية، رجح بعضهم أن الدولة تسببت فى غرق أرضهم، بعد أن جلبت حيوانات مائية بهدف القضاء على البلهارسيا، ودستها فى ترعة الحاجر، وهؤلاء الناس يعتقدون أن هذه الحيوانات أكلت الجسور مما أدى إلى غرق أراضيهم وتسبب فى تسريب المياه الجوفية لها.
ما بين نخيل انتكست أفرعها على سيقانه، وآخر احتفظ بشموخه فى قلب الأراضى على حافة جسر صغير ضاعت ملامحه بعد أن أغرقت المياه الجوفية نصفه، جلس أحمد منصور تاج الدين، ينظر إلى أرضه التى ابتلعت المياه ربع مساحتها بينما سيطر على وجهه حزن دفين.
يلمح «منصور» الهيش بعيونه على مرمى البصر والذى انتشر كوباء فى كل المساحات المزروعة من حوله، يدرك منصور أن الأرض التى ورثها عن والده على مشارف الموت بسبب المياه الجوفية التى تلتهم المساحات، فالقرية التى كانت تصدر المحاصيل الزراعية المختلفة إلى خارج البلاد تبكى حالها بعد أن سكنتها المياه الجوفية.
تعود أزمة المياه الجوفية فى القرية لأكثر من ١٠ سنوات قضت خلالها على ما يقرب من ٧٥٠ فدان لم يبق منها سوى ٥٠ فداناً فقط بات أصحابها يشعرون بمرارة الفقر والجوع وقلة الحيلة فى البحث عن حل لتلك الأزمة، يسيطر الصمت على أرجاء القرية.
عبدالعزيز رضوان عمدة البلدة قال عن أوضاع المواطنين: «محدش سأل فينا من المسؤولين.. مبنشفهومش إلا وقت الانتخابات، مر علينا أكتر من ٣ دورات لمجلس الشعب، ولا واحد من النواب حاول يحل مشكلتنا»، ويرى رضوان أن زيادة منسوب المياه الجوفية ليست أمراً صعباً، لكنها بحاجة إلى نظرة من المسؤولين، كأن يتم وضع ميزانية لعمل شبكات صرف مغطاة حتى يتم وقف زحف المياه على المنازل، والأراضى التى هى مصدر رزقهم الوحيد.
قليلون من سكان القرية هم الذين يعتقدون أن المياه الجوفية سبب بوار أرضهم وخراب بيوتهم فهناك اعتقاد أشبه باليقين بين معظمهم بأن الدولة تسببت فى إغراق بلدتهم بعد أن جلبت نوعاً من الحيوانات المائية، لكى تقضى على «البلهارسيا» ودستها فى ترعة الحاجر، فأدت إلى تآكل جسور الترعة وتسببت فى تسريب المياه إلى جوف الأراضى، خاصة أن منسوب الأرض منخفض عن منسوب الترعة، مما أدى إلى هلاك الزراعات، تلك الرواية يقولها عجوز بلغ من العمر ٦٠ عاماً وهو حسن عطية الذى قال: «لدى يقين أن الدولة هى المسؤول الأول عن ذلك الخراب الذى ألم بنا».
لم تكن الأراضى الزراعية وحدها هى الغارقة بتلك المياه، فهناك بعض المنازل التى ارتفع منسوب المياه الجوفية فيها إلى درجة كبيرة، فتسببت فى هجرة أصحابها إلى الأدوار العلوية وتركوا الأدوار الأرضية تسكنها المياه الجوفية وهو ما أكده أحمد عبدالله أحد المتضررين بقوله: «هجرت الدور الأرضى بعد ارتفاع منسوب المياه لأكثر من مترين نتيجة استحالة الحياة فيه».
المياه الجوفية أصبحت تهدد كل شىء فى قرية عرب العيايدة، فلم تترك طاحونة الدقيق الوحيدة فى القرية ودهمتها مما جعل العاملين فيها يتناوبون العمل فى نزح المياه، حتى لا تمس أجولة الدقيق المرصوصة فى مدخل الطاحونة.
من جانبه أكد صلاح خضر رئيس الوحدة المحلية بمنطقة «لأواز» التى من بينها قرية عرب العيايدة أن السبب فى غرق الأراضى عدم وجود شبكات صرف مغطى وذلك بسبب تأخر الاعتمادات المالية لإنشائها، وأضاف: تم اعتماد الميزانية المطلوبة مؤخراً، وسيتم إنشاء شبكات الصرف المغطى، التى من المقرر الانتهاء منها ٣١ يونيو من العام المقبل. وذكر أن هناك أسباباً أخرى لغرق الأراضى، منها تسرب مياه ترعة الحاجر إلى الأراضى، بعد أن تحطمت جسورها وتسببت فى غرق «عرب العيايدة»، وتابع: المشكلة سيتم حلها بإنشاء جسور بديلة نهاية الشهر الجارى.
المفضلات