بدوافع تريد منه ان يكون رجلا في المستقبل ، وعبر توجيه يفتقد الاسس السليمة في التربية ، في مقدمتها احترام الوالدين والاكبر سنا ، يرتكب الطفل مخالفات تضيع معها هيبة الاب ومكانة الام ، تتسبب بحرج بالغ لايجد سوى مبررات تضع الصغار في دائرة اتهامات مثل ''هذا الولد شقي ، غير مؤدب ، مسحوب من لسانه ، عجّزنا و بهدلنا ..'' ومن أجل أن يتمتع بشخصية قوية ، يحاصر الصغير بسلسلة من التحذيرات ''اوعك تسكت ، ماتسمح لحد يحكي معاك، خلي ردك جاهز،الي بضربك اضربه والي بيسبك سبه ) وعبر سلسلة لاءات تقتنص متطلبات طفولته مثل :'' انت زلمة ..لاتبك، لاتثرثر، لاتلعب،لاتضحك وغيرها'' تتشكل معالم اخرى في داخل الطفل ويصبح في أزمة تتقاذفه رغبات متناقضة تريده ان يكون جريئا، خجولا، شجاعا، مهذبا ،مطيعا ، مرتبكا،فضوليا،حذرا او لامباليا !!.
عبر ''دردشة'' بمحطة اذاعية تناولت الاسلوب الامثل في تعزيز ثقة الطفل وقدراته ، تحدث بعض الاباء والامهات عن مواقف تجاوزت حدود الجرأة الى فرض الرأي والتطاول على الاخرين بالنقد والتجريح والخوض في خصوصيات الغير ، وافشاء اسرار البيت ، وغيرها.
وثمة مطبات تسبب بها الابناء بعضها يثير الضحك .. تعمد'' رجا 10 سنوات '' ان يتفحص وجه جدته لابيه بشكل لافت اثار استغرابها وتساؤلاتها ،ليبررفعلته بانه يبحث عن وجهها الاخر الذي سمع امه تتحدث عنه لصديقتها ، اوقع مشاكل لاحصر لها بين الكنة والحماة ، فيم تسببت مهارة''سامر 6 سنوات '' في ليّ لسانه باتجاه خده الايسر ليظهر بشكل اقرب ل'' الجل '' يتقارب وشكل الانتفاخ الذي خلفته عملية زراعة اضراس في وجه الخالة ، بغضبها الشديد بخاصة وانه تكرر اكثر من مرة امام غرباء، أما براعة ''حسام 7سنوات '' في تقليد الشخصيات ،فقادت الى سوء فهم مع جارة من جنسية عربية سمعها تقول لأمه ''كلي تفاحة كل يوم '' بكسر الكاف، ليلتقط النصيحة ويبثها في ارجاء الحي ،ويخلف الموقف جفاء بين الاسرتين ،برغم مانسب للصغير من مرح عرف به ، غير ان اصرار ''روان 5 سنوات '' على اختيار ثوب ، وقولها '' انا من سأرتديه ولست أنت ياماما'' أحرج الام امام الزبائن والعاملين في المحل ، واضطرها لان تترك المحل فورا ، لكن جرأة ''الاء 7 سنوات'' فاقت التوقعات في تبرير اختيارها لقنوات تبث الاغاني والكليبات والمسلسلات التركية ورفضها ان تشارك اخوتها متابعة افلام الكرتون او تلك الموجهة للاطفال باعتبار انها لم تعد صغيرة ، وهي لاتقل عن صديقاتها اللواتي تسمح لهن امهاتهن بذلك..!!
وتعلق اخصائية تربية طفل ''زينة درويش'' على ماذكر بان الطفل اشبه ما يكون بالاسفنجة يكتسب خبرته ممن حوله ، من خلال تقليد الكبار في سلوكياتهم الحسنة والسيئة ،العنيفة والهادئة، وكذلك في حالات الحب، الغضب، البكاء، والضحك ، فالاسرة هي من يزود الطفل بكل ما يبدر عنه من تصرفات وعبارات يتفاجأ بها الاهل وقد تخجلهم امام البعض ، فهو مجرد مقلد ابدع في التمثيل ،في حين يكون للاسرة دور كبير في تشكيل شخصية الطفل بخاصة مابين 2-6 سنوات ، وهي التي تدفعه لان يكتسب صفات مختلفة تصقل من خلالها شخصيته.
ويقول '' سامر '' : طفلي لايتجاوز 3 أعوام يبادرني كل صباح بشتائم مثل اخرس وله ، يلعن أبوك ، تفوو. و...) لانه لايريد الذهاب الى الروضة ، في البداية كانت تضحكني لكنها الان بدأت تسبب لي القلق ، كثيرا ما اتجنبه حتى لا اسمع هذه الردود المخجلة امام الغير.
السعي لجعل الابن رجلا قبل الاوان ، يشجعه على التمرد ، ويستعرض'' أب '' تجربته فيقول: عشت حياة قاسية واردت لابني الاكبر ان يتحمل المسؤولية مبكرا ، علمته ''النجارة '' في سن مبكرة ، وفي العطلة المدرسية كان يعمل معي، وبرغم انني كنت ادفع له اجرا كأي عامل غير انه لم يكن سعيدا أبدا بالنقود التي يأخذها مني، فيما كان ينفق مثلها اخوته دون ان يعملوا ...
بعد ان كبرلايكترث كثيرا برأيي ، حتى عندما فكر في أن يدرس خارج الوطن ، كان قراره وحده ، وعندما ناقشته قال باستخفاف الم تقل لي اريدك رجلا ..ام انك عدلت عن ذلك؟!!
قد يجتهد مختصون في تشبيه الاطفال بالصلصال والعجينة والاسفنجة والملقط والوعاء ، ويحثون اولياء الامور على ان يكونوا قدوة ايجابية ، لكن الاهم ان يكون الهدف الاساسي من التربية هو خلق رجال قادرين على صنع اشياء جديدة ولايقوموا فقط بتكرار ما صنعته الاجيال السابقة .. مبدعين ، مبتكرين ومكتشفين كما قال ''بياجيه '' احد اشهر الخبراء في هذا المجال.
المفضلات