لا أرض تشبه هذه الأرض ، ولا دولة تشبه هذه الدولة ، ولا شعب يشبه هذا الشعب ..........
ولكني سأتطرق فقط للشعب الأفغاني والذي على مر التاريخ ظل يمارس مهنة واحدة هي القتال ، وله هواية واحدة هو كسر هيبة الإمبراطوريات أو تدميرها .
لقد تعاقب فاتحون ومستعمرون كثر على هذه الأرض الوعرة في دروبها ، العصية على الالتهام ، مدرسة الكرامة الحقة .....
فمن فتوحات الاسكندر وحتى اليوم لم تستطع ثقافة ولا امبراطورية ولا ديانة الاستقرار في هذه الأرض سوى الدولة الأسلامية والتي نشرت ديانة التوحيد ....\
من الصعب الإحاطة بالتاريخ الأفغاني مع الغزاة في مقالٍ عابر ، ولكن نستطيع أن نخرج برؤؤس أقلام عن تاريخ هذا البلد مع المستعمرين في العصر الحديث ......
عام 1843 هو تاريخ لا ينسى للامبراطورية البريطانية والتي لا تغيب عنها الشمس ، حيث أباد الأفغان جيش كامل من البريطانيين مؤلف من 16 ألف جندي وضابط ، الوحيد الذي نجا من هذه المعركة طبيب بريطاني تركه المجاهدون لينقل خبر مقتل رفاقه للقادة في كابول ......
في عام 1979 غزت القوات السوفيتية أفغانستان ، ولكنها غاصت في الرمال المتحركة الأفغانية ، وكان هذا الغزو قد انتهى بهزيمة أدت لإعدام الرئيس نجيب الله الذي نصبه السوفييت رئيساً لأفغانستان ، فاستنزف ذلك هذه الأمبراطورية وأدى لانهيارها ......
وأنا أرى أنصع الصفحات التي عاشتها أفغانستان المجاهدة هي فترة صعود طالبان ، والتي ساعد على صعود نجمها الدعم الإسلامي ولا بد من التذكير بشخصيتين تاريخيتين كانا هما من هندسا هذه الأسطورة : أولاهما المجاهد الفلسطيني الأصل عبد الله عزام مؤسس قاعدة الجهاد ، وقائد الاستخبارات الباكستانية السابق الجنرال حميد غول ..
فاستطاعت هذه الحركة السيطرة على 90% من الأراضي الأفغانية ، وشكلت تحدياً حقيقياً للمد للدولة الإيرانية ، خصوصاً بعد إعدام الحركة للديبلوماسيين الإيرانيين في مزار الشريف ، كما هزت الدولة الروسية بدعمها اللامحدود لاستقلال الدول الإسلامية التي تحتلها روسيا ...
أكبر تحدي واجهته الحركة هو نتائج 11 أيلول ، والذي نتج عنه مطالبة الولايات المتحدة للحركة بتسليمها زعيم القاعدة أسامة بن لادن ، ولكن هنا تجب المقارنة :
في تسعينيات القرن المنصرم طالبت تركيا سوريا بتسليمها القائد الكردي عبد الله أوجلان ، فرضخت حكومة الأسد وسلمته لتركيا على طبقٍ من ذهب ....
أما طالبان _ والتي لا تأخذها في الله لومة لائم _ فلم تعترف فقط بوجود بن لادن على أرض أفغانستان ، بل اعتبرته ضيفاً لن يتم تسليمه رغم الضغوط من السعودية والإمارات وباكستان وهي أكبر الداعمين للحركة ...
مع الوقت امتصت الحركة صدمة الغزو ، واستطاعت استنزاف التحالف الدولي على أفغانستان ، وتعلن في النهاية الولايات المتحدة والدول الغازية نيتها الانسحاب ، وتستجدي هذه الدول طالبان التي ترفض حتى الآن التفاوض قبل الانسحاب ، بعد أن أفلست الولايات المتحدة ، وأعطت دروساً لكل الغزاة بأن الكرامة الأفغانية لا يمكن تجاوزها تحت أي مسمى ......
تحية لشهداء الحركة ، وتقبلهم الله مع الشهداء والصديقين
المفضلات