وزير الداخلية تحدث عن تصويبات.. وأحد الضحايا يزور مكاتب "القدس العربي"
الأردن.. دعوات للكشف عن نسخة من تعليمات فك الارتباط.. وانتقادات أوسع لقرارات سحب الجنسية
اتهم وزير الداخلية نايف سعود القاضي إسرائيل بمحاولة العبث بالأمن الأردني وقال في حوار شامل مع العرب اليوم إن الموقف الأردني الداعم للقضية الفلسطينية يزعج الجانب الاسرائيلي الذي يسعى بدوره إلى العبث بالداخل الأردني لإضعاف موقفه.
لا احد يمكنه في عمان الآن الادعاء سياسيا بأن خطاب الحكومة الاسرائيلية الحالي يضرب بقسوة على العصب الحيوي ليس فقط للخطاب الاردني السلمي الرسمي ولكن للمصالح الاستراتيجية للدولة الاردنية على الاقل كما ترسم في المستوى الاعلامي. لكن بالمقابل لا يستطيع اي سياسي او مسؤول الادعاء بأن الرد على خطاب نتنياهو عمليا ينبغي ان يتركز حصريا على اشعال تعليمات فك الارتباط مع الضفة الغربية والتسبب بالنتيجة بالمزيد من الضحايا.
وبالسياق لا احد يعرف اي خلية عصبية في جهاز الادارة الحكومي تم اشعالها بحيث يتوسع نطاق سحب الجنسيات ويعود التألق لتعليمات فك الارتباط السرية، ويتوقف الاردني من اصل فلسطيني امام محطات يستمع فيها لاجتهادات تعتبره مجرد كتلة سكانية وتطالبه وحده بالتصدي لمؤامرة اسرائيلية كانت دائما قائمة واحدة ويتيمة تقرأ في الصحافة وتسمع في اروقة ادارة المتابعة والتفتيش التابعة لوزارة الداخلية والمعنية بملف ابناء الضفة الغربية.
فجأة وعلى نطاق واسع، اصبح التصدي لخطاب نتنياهو يتطلب التخلص من نصف الشعب الاردني، كما يقول الكاتب الصحافي خالد محادين، تعليقا على بعض الآراء الموتورة والتلاعب بمصيره القانوني والدستوري، علما بأن نتنياهو نفسه زار البلاد وحكومته المتشددة حصلت من الحكومة الاردنية على قرار استفز زعيم الاسلاميين في البرلمان الشيخ حمزة منصور ويقضي بإلغاء شرط الحصول على تأشيرة لأي اسرائيلي يزور البلاد.
وخطاب نتنياهو المعادي دوما ومطلقا للمصالح الاردنية العليا لم يستحق، كما يرى النائب وصفي الرواشده، اكثر من تصريح خجول للناطق باسم الحكومة يتحدث في كلاسيكيات مجترة لا تعكس حجم القلق الرسمي ولا ترقى لمستوى الطرح الاسرائيلي، كما يسجل السياسي النشط ممدوح العبادي. وما فعله الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية يستحق التوقف، فعدائية نتنياهو الذي عبث هذه المرة بالصحن الاردني نفسه لم تستحق اكثر من تذكيره بالمبادرة العربية وانباء الصحافة الاسرائيلية التي تتحرش يوميا بالاردن لا تستحق في قياسات الحكومة الاردنية اي نفي او توضيح.
وبالنسبة لوزير الداخلية نايف القاضي شطب التأشيرة للإسرائيليين يستهدف التضامن مع اهلنا العرب من مواطنيها وتسهيل حياتهم علما بأن الاردني ومن شتى الاصول والمنابت يتعذب ويهان على بوابة السفارة الإسرائيلية عندما يخطط لتاشيرة تمكنه من الاطلالة على وطنه الفلسطيني دون ان تحظى التأشيرة الإسرائيلية للأردني بموقف داعم من الحكومة التي تقول ان هدفها الدائم والنهائي تعزيز صمود شعبنا في الداخل.
هذا التعزيز للحق الفلسطيني تطلب مثلا تسجيل اطفال اردنيين لأب اردني وأم من اصل فلسطيني في الداخل، لكنه لم يتطلب اي خطاب واضح من اي نوع للحكومة الاردنية ضد خيارات نتنياهو ولم يتطلب اي تدخل رسمي للفصل بين الرد على نتياهو وبين زرع القلق والفتنة في صفوف شعب مستقر ومجتمع سيواجه مع دولته تعقيدات بالغة جدا اذا ما استمرت سياسية سحب الجنسيات.
وتطلب تعزيز صمود الشعب الفلسطيني مثلا سحب الجنسية والرقم الوطني من عائلة المواطن الاردني درويش محمد درويش وتعدادها 25 فردا بعد ان قضى الرجل ستين عاما وهو اردني ليصحو فجأة وكما قال لـ'القدس العربي' عندما زار مكاتبها وقد تجرد مع ابنائه واحفاده من الجنسية، رغم انه غادر مدينة الخليل قبل 59 عاما وعمره لا يتجاوز 20 يوما مع والده الذي كان آنذاك مقاتلا في وحدات الجيش العربي.
درويش تساءل باي صفة خدم والدي في القوات المسلحة وحصل على رقم تقاعدي وعسكري اذا لم يكن اردنيا؟ ويقول: غادرت محافظة الخليل الى محافظة عمان مع والدي العسكري الاردني ويضيف: لست لاجئا ولا نازحا فأنا طفل اردني رضيع تحرك مع والديه من محافظة الى اخرى داخل مملكة الضفتين .. ذلك لم يشفع لي بطبيعة الحال فقد اصبحت مع 24 فردا في عائلتي فجأة مواطنا فلسطينيا.
ويؤكد درويش ان سلطات الداخلية الاردنية تطالبه بالعودة للضفة الغربية للتسجيل وحتى يتعزز صمود الشعب في ارضه قائلا بان اسرائيل وعمان تعرف ذلك لا تسمح بتسجيلي، وبعد الامتنان الشديد لمكارم الشعب الاردني يسجل درويش العبارة التالية: شكرا للحكومة الاردنية بكل الاحوال وانا مستعد للعودة للخليل التي لم اعش فيها اصلا مع احفادي واولادى ولكن هل تتكرم علينا الحكومة الاردنية التي وقعت اتفاقية سلام وتتدخل لإجبار اسرائيل على مروري؟
وما عايشه درويش يعايشه الآن مئات الاردنيين بعدما توسعت تطبيقات فك الارتباط وعمليات سحب الجنسية التي يعترض عليها المركز الوطني لحقوق الانسان، رغم ان وزير الداخلية نفى في آخر حديث صحفي له حصول سحب جنسيات وتحدث عن تصويبات لأوضاع خاطئة تعاملا مع قرار سياسي اسمه فك الارتباط.
هذه التصويبات راى الكاتب محادين مجددا قبل يومين انها تمس بنصف الشعب الاردني فيما تمنى الكاتب الاسلامي حلمي الاسمر على الحكومة ووزارة الداخلية اعلان هذه التعليمات السيادية ولو لمرة واحدة حتى يتسنى لأي مواطن تحديد مصيره ومعرفة ما اذا كان تعزيز الصمود يتطلب تغيير وضعه المدني والقانوني والدستوري.
وسبق لرئيس لجنة الحريات في نقابة المهندسين ميسرة ملص ان تحدى تلفزيونيا اي جهة رسمية تزويد نقابته بنسخة عن تعليمات فك الارتباط ليس لنقدها او الهجوم عليها ولكن لترويجها وتثقيف الناس فيها حتى تتوقف الاتهامات التي توجه للسلطات بالخصوص.
وفي نفس الاطار التلفزيوني اعتبر الكاتب الصحافي المؤيد لجوهر فك الارتباط سميح المعايطة ان الشفافية تمثل الحل متسائلا عن مبررات عدم اعلان نصوص تعليمات فك الارتباط حتى يتجاوب معها اي مواطن اردني او فلسطيني لأن تعزيز صمود الشعب الفلسطيني مسألة اصلا لا خلاف عليها.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي – بسام بدارين- 24.6.2009
المفضلات