السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هي ثلاثة سهام، كل سهم إذا انطلق على القلب مزقه، وأحرقه، وقطعه تقطيعاً:
السهم الأول: سهم النظر إلي المحرّمات
النظر إلى ما لا يحل النظر إليه، والنظر سهم مسموم من سهام إبليس، من غض بصره أبدله الله حلاوة إيمان، أو إيماناً يجد حلاوته في صدره.
وقد ذكروا في تراجم بعض الناس: أنه نظر إلى امرأة فأصابه مرض العشق فتولى فترك الصلاة، فأتاه المرض، حتى مات، على الفراش!
وذكر ابن القيم رحمه الله، نماذج لأولئك.
فمنهم: رجل نظر إلى امرأة لا تحل له، فتولع قلبه، فأخذ يمرض، يمرض، يمرض حتى حضروه في سكرات الموت بسبب العشق، ولما أتوه قالوا له: قل لا إله إلا الله محمد رسول الله، قال: أين الطريق إلى حمام منجاب (1) !
فهذه خاتمة سوء، وكل هذا بسبب سهم النظر.
والدواء: أن تغض بصرك، وتسأل الله العافية، والمعافاة، والسلامة، وأن تكثر من المطالعة في كتاب الله عزّ وجل، وأن تصرف قلبك عن هذه الأفكار والوساوس والهموم.
السهم الثاني: الغناء
فكم هتك في مجتمعاتنا من بيوت! وكم خرب من أسر، ولا إله إلا الله، كم صرف من إرادات! وكم عطل من قلوب! وكم ضيع من شباب! يتمثل في الموسيقى، وفي الأغنية التي في الشريط، أو المسلسل، أو المسرحية،
ولذلك سخّر الشيطان بعض جنوده من الشباب حملوا معهم أعواداً، وقضوا لياليهم في طرب، رأيناهم بأم أعيننا ونصحنا بعضهم، ولكنهم كانوا يرون هذه النصائح لا فائدة لها، وأنها من التدخل في شؤون الغير، وأنها من الجرح لشعورهم، ولكن إذا بلغهم أحد هذه النصيحة فقد بلغت.
فكلامي لمن خاف على مستقبله أن لا يصرف حياته في هذا الأمر
.
تقام مقابلة مع بعض المغنين فيقولون: كيف شققت طريقك في الحياة؟
يسمونه بالنجم، وليس بنجم. فيقولون: كيف لمع نجمك؟
قال: بدأت من الصغر، وشققت حياتي، وصابرت وثابرت، حتى بلغت إلى هذا المستوى.
مستوى، والله، لا تحسد عليه، مستوى الموت أحسن منه، مستوى ندامة، وقلة مروءة، أن تصبح طبالاً زمَاراً مغنياً، تصرف قلوب الناس عن هداية الله، وعن القرآن، وذكر الله عزّ وجل (إلى هذا المستوى) أي: مستوى هذا! وهكذا ينخدع كثير من الناس.
فحذار حذار من الغناء.
السهم الثالث: الغيبة والنميمة
وما يدخل فيها من محن ومجون وبذاء، وهذه تفتك بالقلب وتضيع طريقه عن الله عزّ وجل
قال تعالى: ((وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا))
وقال تعالى: ((مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)).
وقد ثبت، أيها الإخوة الكرام، أن كثرة الكلام يقسي القلب. قال عمر رضي الله عنه: [إياكم وكثرة الكلام بغير ذكر الله فإنها قسوة] وقال: [عجباً لكم عندكم الداء، ولا تستخدمون الدواء] -أو كلمة تشبهها-.
الداء: الذنوب، الدواء: ذكر الله عزّ وجل.
الشيخ عائض القرني
المفضلات