البدانة تسبب السرطان أيضاً..
- في أواخر عام 2007 نشر صندوق ابحاث السرطان العالمي (World Cancer Research Fund) نتائج أكبر دراسة جادة حتى الآن عن العلاقة بين الطعام والنشاط الجسمي من جهة ، والسرطان من جهة أخرى.
استغرقت الدراسة 6 سنوات ، وشارك فيها 9 مراكز بحثية ، وروجع فيها أكثر من نصف مليون بحث منشور اختصرت بعد التقييم الى سبعة آلاف.
ثم خرجت الدراسة بنتائج وتوجهات ومعايير جديدة أو مؤكدة لنتائج سابقة. لكن لعل أكثر هذه النتائج اثارة ربط البدانة بالسرطان ، لدرجة أن أي زيادة في الوزن قد تمثل عامل خطر وتزيد احتمال الاصابة بالسرطان.
لاحظ أن البدانة تعتبر المسؤولة الأولى عن الاصابة بالسكري لدى البالغين بالاضافة الى ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين ، والفشل الكلوي.
يقدر أن ثلث عدد حالات السرطان يسببها التدخين ( تدخين 20 سيجارة يوميا يزيد احتمال الاصابة بسرطان الرئة عشرين ضعفا أي 2000%) والثلث االثاني من حالات السرطان ينتج عن العادات الغذائية السيئة والخمول. بينما جميع المسببات الأخرى (لسموم والتلوث ، الاسبست ، العوامل الوراثية ، الضغط النفسي ، بعض الفيروسات ، التعرض المفرط للأشعة ، الكحول ،تناول الحبوب المتعفنة... ) مسؤولة عن الثلث الأخير من حالات السرطان.
ولعل أحد أهم توجهات الدراسة المذكورة أعلاه هي أن على الانسان أن يبقى مؤشر وزنه بين القيمتين (21) و (23) وليس كما كان يقبل سابقا ، بين (5ر18) و (9ر24).
فما هو مؤشر الوزن هذا : يرمز له بالانجليزية بالحروف (BMI) وهي أوائل الكلمات Body Mass Index أي مؤشر كتلة الجسم ويحسب بقسمة الوزن ( بالكيلوغرامات ) على مربع الطول (بالأمتار ). مثلا اذا كان طولك 73ر1م فان مربعها يساوي (3) واذا كان وزنك 69 كيلوغراما ، فان قسمة 69 على 3 يعطي 23 وهي القيمة القصوى المقبولة. ( قارن طريقة حساب هذا المؤشر بطريقة أخرى مبسطة نستخدمها عادة لحساب الوزن المثالي كما نعتقد خطأ وذلك بأن نطرح 100 من الطول بالسنتمترات. فمثلا من طوله 173 يكون وزنه المثالي 173-100= 73 كغ، لكن الدراسة الحالية تعتبر مثل هذا الوزن أكبر مما يجب ).
ورغم أن تفسير العلاقة بين البدانة والسرطان غير واضح حتى الآن ، الا أن المؤشرات الاحصائية تؤكد ارتباطهما.
لعل كلا منا قد عانى من فقد شخص عزيز عليه بسبب السرطان وهو يتمنى ايجاد علاج فعال للسرطان ، ولكن ايضا، وبدرجة أولى، معرفة اسبابه وتفاديها. وتهتم الحكومات وشركات التأمين أيضا بهذا الأمر بسبب الكلفة الهائلة لعلاج السرطان والتي تتحملها عادة الحكومات وصناديق التأمين الصحي.
وتقدر كلفة علاج ( وليس شفاء ) سرطان القولون، عندما يكتشف في مرحلة متقدمة، ولمدة عشرين شهرا، بنحو 360000 دولار أي نحو ثلث مليون دولار ، وتكلف العناية بمرضى السرطان في الولايات المتحدة نحو مائة مليار دولار سنويا.
الخلاصة أن الرسالة التي تهدف هذه الدراسة الى ايصالها للجميع هي أن الوقاية خير من العلاج. وأن الالتزام بحياة صحية سليمة أفضل بكثير من محاولة العلاج بعد الاصابة. ولعل أجدر شعوب بالاستماع لهذه الرسالة هي شعوب الدول النامية، والمحدثة النعمة بالذات. والتي جعلها الرفاه المستجد تخلد لحياة الخمول والبلادة واستخدام السيارات عوضا عن المشي ، اضافة الى التحول الى نمط غذائي غني بالدهون واللحوم والسكريات والملح. وهذا الافراط بالطعام، مع قلة الحركة، يسبب البدانة وما يتبعها من مشاكل صحية خطرة وقاتلة.
عن The Economist
المفضلات