لاجئون عراقيون لإذاعة "الحقيقة الدولية
رصدت تجاوزات وفسادا في عملها
لاجئون عراقيون لإذاعة "الحقيقة الدولية": أرحمونا من المنظمات الإغاثية
الحقيقة الدولية – عمان – باسمة العابد – محمد فرحان
قالت لاجئة عراقية بصوت غيبته غصة وألم ودموع مكتومة حاولت جاهدة إلا تخرج، وهي تتحدث لإذاعة "الحقيقة الدولية" التي تبث على القمر الاصطناعي النايل سات: "أرحمونا.. نحن نموت كل يوم ألف مرة".
تختزل هذه الكلمات المؤثرة ألما كبيرا كامنا في أعماق أكثر اللاجئين العراقيين الذين يصل عددهم إلى أربعة ملايين شخص في مختلف دول العالم، منهم نحو 750 ألف عراقي في المملكة الأردنية. فضلا عن أعداد كبيرة من المهجرين في الداخل العراقي.
ويتميز مجتمع اللاجئين العراقيين في الأردن في اغلب الأحوال بسمة الفقر والمرض، وغياب المساعدات الدولية التي تقدمها اللجان والمنظمات الدولية. وعلى الرغم من حالة الانغلاق التي يمتاز بها هذا المجتمع إلا أن المرء يشعر بأن الجميع في داخل هذا المجتمع مصاب بحالة من الرعب والخوف، وبحالة من الاكتئاب أو الإحباط نتيجة سوء معاملة بعض ضعاف النفوس داخل الجهات التي تتعامل معها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. أو نتيجة التخبط الواضح في قرارات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، فلا قرارات اتفاقية جنيف وملحقاتها تطبق ولا بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعترف بها المفوضية.
"الحقيقة الدولية" عادت من جديد لتغوص في هذا الواقع المأزوم والوقوف على الكثير من القضايا والمشاكل، وقد هالها حجم الألم والمأساة الإنسانية التي يعيشها اللاجئون العراقيون.
وكان مركز "الحقيقة الدولية" للدراسات والأبحاث عقد في أيلول 2007 ندوتين موسعتين، حضرهما ممثلون عن وزارتي التنمية الاجتماعية والصحة والمركز الوطني لحقوق الإنسان وبعض الجمعيات والمنظمات والهيئات المنفذة لمشاريع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الخاصة بالعراقيين، رصدتا عددا من التجاوزات التي ارتكبتها بعض تلك الجمعيات والمنظمات تجاه العراقيين المستفيدين من خدمات المفوضية. فضلا عن حالات فساد مالي وإداري في المستشفيات المتعاقدة مع تلك المنظمات، من خلال إصدارها فواتير ومطالبات مالية تفوق القيم الحقيقية للعلاج، والمعتمدة في مستشفيات المملكة، رغم أن هذه المستشفيات تطرح نفسها كمؤسسات خيرية - غير ربحية - إضافة الى وجود حالة من سوء المعاملة بحق العراقيين المستفيدين من خدمات المفوضية السامية.
كما رصدت الندوتان وقتها حالات سوء معاملة من قبل تلك المنظمات والجمعيات تجاه المستفيدين من الخدمة التي تقدمها للضيوف المتواجدين على الأراضي الأردنية، وتحميل المفوضية السامية كامل المسؤولية عن تلك التجاوزات، فيما طالب العراقيون الذين حضروا الندوتين بتوفير كافة الاحتياجات الإنسانية لهم نتيجة الوضع المأساوي الذي يعيشونه وتحسين المعاملة من قبل المفوضية والمنظمات المتعاقد معها.
واليوم تعود "الحقيقة الدولية" من جديد لطرح وملاحقة هذه القضية بعد أن وردت إليها الكثير من الشكاوى من لاجئين عراقيين طرقوا باب "الحقيقة الدولية" وتحدثوا بمرارة وألم عن واقعهم ومعاناتهم مع تلك المنظمات والجمعيات المنفذة لمشاريع المفوضية السامية التابعة للأمم المتحدة.
معاناة دائمة
تقول اللاجئة العراقية هدى التي تعمل كمتطوعة في إحدى منظمات الإغاثة الدولية في الأردن، في شهادتها لإذاعة "الحقيقة الدولية": العراقيون في الأردن يعانون الكثير من المصاعب والمشاكل والتي تزيد من حجم معاناتهم الدائمة التي فرضتها عليهم غربتهم وهجرتهم من بلدهم، ومنها وضعهم المادي والصحي المتردي.
وأضافت: "هناك حالات تعاملت معهم، من حيث عملي كمتطوعة أحاول ان ارفع صوتهم من معاناتهم، ونادرا ان تكون هناك استجابة، وهناك حالات صعبة جدا".
وقالت "هناك حالات للاجئين عراقيين لا نستطيع فعلا حلها، لأنها تحتاج للكثير من الأموال والعلاج الطبي الكثيف والمستمر، حيث أن هناك الكثير من حالات العوق التي تحتاج للعلاج الطبيعي، وبعضهم يعيش لوحده في بيته ولا يملك أدنى مقومات العيش البسيط، وبعضهم يعيل أسرة كبيرة أو متوسطة الحجم".
وبينت "ان المبالغ التي يتسلمها اللاجئون العراقيون قليلة جدا، ولا تكفي لتسديد إيجار بيت بسيط، حيث تعطي المنظمات الدولية 70 دينارا لكل فرد في حين أن أقل إيجار لبيت بسيط في عمان 100 دينار، ويوميا يأتي إليهم المؤجر ويطلب منهم الإيجار ولا يملكون المال".
وأضافت أن المنظمات الدولية لا تملك ان تغطي علاج الحالات العراقية المستعصية والتي كان سببها الانفجارات والإرهاب في العراق.
وعن دورهم في مساعدة اللاجئين العراقيين، قالت هدى "نحن كمتطوعين نزور البيوت التي يسكنها العراقيون ونكتب تقريرا بذلك ونرفعه للمنظمة ونعطيهم وصلا فقط للحصول على علاج أولي ونسميها إسعافات أولية، رغم ان أكثر العراقيين يعانون من أمراض مزمنة".
وأكدت "يجب ان تكون المنظمات الدولية أصدق في التعامل مع العراقيين، وليس فقط بإعطائهم كيس سكر ورز وعلبة زيت، فهم ورغم حاجتهم الشديدة لهذه المواد الغذائية والتموينية، إلا أنهم بحاجة إلى رواتب شهرية مجزية وعلاج طبي شامل".
وأشارت "أنا كمتطوعة أقدم كل شهر 30 حالة جديدة من العراقيين المتوافدين على الأردن، وان كل مريض لديه مرافق وينام على الأرض لأنه لا يوجد مكان ينام فيه، وصادفت قبل أيام خلال عملي شابا قطعت ساقه نتيجة الظروف في العراق، وهو شبه مشرد في الشارع وعائلته لا تملك الأكل وإيجار البيت".
مساعدات وهمية
وانتقدت سيدة عراقية رفضت الكشف عن اسمها خوفا من قطع الراتب الشهري والمعونات عنها، في شهادتها لإذاعة "الحقيقة الدولية" عمل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة والمنفذة لمشاريعها الإغاثية في الأردن، متهمة إياها بأنها تعمل على الصعود على أكتاف الأسر العراقية وتحقيق أرباح طائلة، فهي تقوم بإيهام العراقيين والجهات الدولية المسؤولة عن عملها بأنها تقوم بزيارة الأسر العراقية بغرض مساعدتها ولكن علمنا أنهم يقومون بذلك فقط من أجل وضع أسماء وهمية على قوائم المساعدات، خاصة أن تلك المنظمات تقوم بإجبار تلك الأسر بالتوقيع على ورقة تبين أنهم زاروا تلك الأسرة وأطلعوا على معاناتها وخصصوا لها طبيعة المساعدات المطلوبة، ولكن في الواقع لا يحصل العراقيون على أي من تلك المساعدات، سوى راتب 70 دينارا تخصصه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وناشدت كافة المنظمات الدولية والإنسانية في العالم الاهتمام بواقع اللاجئين العراقيين في الأردن، ومساعدتهم على التعايش مع واقعهم الذي يعيشونه اليوم، خاصة أن بعض المؤسسات التابعة للأمم المتحدة زادت من حجم معاناتهم وقصورها عن مساعدتهم بالشكل المطلوب.
تعامل سيئ وعدم احترام
ووصفت إحدى المتطوعات العراقيات مع إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة في الأردن، في شهادتها لإذاعة "الحقيقة الدولية" عمل تلك المنظمات الدولية بالسيئ، مبينة أنها تحتاج لإدارة جيدة.
وقالت إن أسلوب عمل تلك المنظمات غير جيد أبدا، وأسلوب تعاملها مع المتطوعات سيئ وعدم احترام والرواتب تنخفض وترتفع وغير مستقرة، وعند مراجعة الأسر الى المنظمة لغرض مساعدتها تقابل بالرفض وبترديد السؤال من قبل الأسر: أين نذهب وأين نراجع.
وبينت أن الراتب المخصص للمتطوعة تقريبا 210 دنانير ولا يكفي لإعالة أسرتي.
وأكدت أن أغلب الأسر التي كنا نزورهم لغرض مساعدتهم، وهم فعلا بحاجة للمساعدة العاجلة والسريعة، لا تقدم تلك المنظمات على مساعدتهم، وتقطع عنهم الرواتب الشهرية في بعض الأشهر من دون أبداء أي أسباب، العائلات العراقية بحاجة الى دخل مادي أكثر من أي شيء لأنهم بحاجة لدفع إيجار أكثر من 170 دينارا ويشمل أجور العلاج والتنقل والأكل.
وبينت أن تلك المنظمات تتعامل بمزاجية غريبة مع المتطوعات العراقية، وأن إحدى تلك المنظمات قامت بطردها من عملها من دون إبداء الأسباب، ولم تسلمها الرواتب المستحقة لها منذ ثلاثة أشهر.
المصدر : الحقيقة الدولية – عمان – باسمة العابد – محمد فرحان- 11.7.2009
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الاسطورة
المفضلات