فرصة وما لاحت
فرصة وما لاحت : هي الترجمة الشعبية لبيت الشعر القائل: (اذا هبّت رياحك فاغتنمها..فعقبى كل خافقة سكون).. والمقصود بالرياح في بيت الشعر السابق هي الظروف المواتية ، بينما (الرياح) في مفهومنا الحاضر تعني أن تكون الظروف (طعّة وقايمة) سواء أكانت مواتية أو غير مواتية..
الاعراس والمناسبات الكبيرة لا يطبق فيها النظام ولا المنطق ولا البرستيج بقدر ما يطبق فيها المثل القائل: ( فرصة وما لاحت) .
مثلاً: أخو العريس الذي يدخّن سرّاً عن أهله يجد في العرس (فرصة وما لاحت) ليجاهر بدخانه أمام والده دون عقوبة ..كون المناسبة مناسبة فرح ولا تحتمل التنكيد..وفي نفس الوقت أيضاَ قد تشاهد شاباً ملتيحاً يقود الدبكة بمنتهى الحماسة ، بينما هناك شاب ضرّيب أمواس يحمل مسبحته بيمينه ويقف بوقار بعيداً عن الدبكة..العرس بالنسبه للأثنين (فرصة وما لاحت): الشاب الملتحي؛ ليعبر عن حماسه وعن مواهبه السابقة بحجة المشاركة ..و(ضريب الأمواس) يجد فيها فرصة للوقوف دون مساءلة وهو(معبي الطاسة)...
اذاً كما لاحظنا في الامثلة السابقة ، أنه و بسبب أجواء (الطعة وقايمة) ، استطاع كل واحد من هذه الشخوص باغتنام فرصته بفعل ما كان يضمره في نفسه ويشتهيه خفيةً من غير ان يتعرضّ لعقوبة أو انتقاد أو نهي..خلاصة ما نريد قوله : أن موضة رفع الأسعار لم تعد تخضع لأسبابها المنطقية بقدر ما صارت تخضع للمثل المبتزّ: (فرصة وما لاحت)..بسبب (طعّة) النفط و(قايمة) اليورو..
سيرفعون كل شيء تحت مبدأ (فرصة وما لاحت) ، سيرفعون أسعار الكهرباء ، أسعار المياه ، أسعار الكعك ،أسعار الحديد ، أسعار النقل، أسعار الشقق ، اسعار تأشيرات الهجرة ، أسعارالملابس والأحذية ،أسعار العوّامة ،اسعار الحمص والفلافل ، رسوم المدارس الخاصة ، أجور الأطباء والمستشفيات ، الحلاقين والحلاقات ،الشحاذين والشحادات.. الخ.
باختصار سيرفعون كل شيء - كل شيء بلا استثناء - لذا ومن باب الحيطة والحذر..لزمت بيتي وضممت ساقي جيداً وجلست ، وها أنا أثقب قدميّ ب درِلّ جبّار وأقوم بتثبيتهما ببراغي ضخمة على بلاط غرفة الجلوس..
أخاف جدّاً من هذا المثل اللعين (فرصة وما لاحت)...
احمد حسن الزعبي
المفضلات