ما زالت نظرة المجتمع تشكل عائقاً كبيراً في كثير من قضايانا الحياتية، فليس من الغريب ان يكون الزوج أكبر في العمر من الزوجة ولو بفارق كبير، لكن ما زال ينظر الى زواج المرأة برجل يصغرها سناً ولو بفارق قليل بالأمر المرفوض وغير المقبول لدى الكثير من الناس واعتباره زواج مصلحة أو زواجاً لاخفاء عيب ما في أحد الزوجين.
''الملحق'' ناقش الموضوع مع شباب؛ رأى بعضهم أن لا مانع في ان يكون هذا الزواج ناجحاً، والبعض الآخر حكم عليه بالفشل مهما كانت دوافعه، والبعض تردد كثيراً أمام هذه النوعية من الزيجات في مجتمعاتنا وارجع سبب نجاحه أو فشله الى نضوج الطرفين.
انتقادات وهمسات
وفي الإطار؛ يرى سامي الخطيب أننا ما زلنا نعيش في مجتمع يحمل نفس الفكرة والرأي وهو ان المرأة يجب ان تكون اصغر سناً من الرجل.
ويستدرك: حتى وإن وافق الرجل على فتاة اكبر منه لن يسلم من انتقادات وهمسات البعض، وفى نهاية الامر سيبحث عن اخرى اصغر، فلماذا الوقوع فى امر معروفة نتائجه مسبقا؟!
أما هند ابو صيام فتقول: إن الزواج ممن هو اصغر مني سناً لا حرج فيه.
وتؤكد: المشكلة تكمن في نظرة المجتمع الى هذا الزواج ورفضه له مع انه حدثت زيجات كثيرة من هذا النوع وكانت ناجحة فانا اعرف امرأة متزوجة برجل اصغر منها بسبعة اعوام وتعيش في سعادة كبيرة واخرى متزوجة برجل اصغر منها بسنة وتعيش حياة طيبة.
أمر طبيعي
وتشير بثينة محمد الى أن الزواج برجل اصغر سناً ليس حراماً وليس عيباً، بل هو أمر طبيعي وانا اقول لكل من تقدم لها شاب اصغر منها ألا تسمع ولا تعير اهتماماً لكلام الناس لانها لن ترضيهم مهما فعلت، المهم ان تستخير ربها وتتوكل عليه وتشترط الدين والخلق في هذا الرجل وهذا هو المهم.
وتؤكد نسرين ابراهيم رفضها فكرة الزواج بـ''رجل يصغرني سناً، لأنه بالتأكيد سيكون بيننا هوة كبيرة، بسبب نظرة المجتمع لهذا الامر، وأفضل شابا يكبرني سناً كي يفهمني وأفهمه، اضافة الى ان الكثير من الرجال ممن يتزوجون نساء اكبر منهم في السن تراهم بعد سنوات قليلة من الزواج يبحثون عن اخريات يصغرنهم سناً فيبحثون عن الاعذار أمامهن''.
وترى سهام الحميمات أن كل زواج معرض للنجاح أو الفشل ويعتمد ذلك على الزوجين نفسيهما وليس على الفوارق بينهما فمهما كان تأثير هذا يرجع القرار اليهما.
وتضيف: لا نستطيع ان نحكم على هذا الزواج بالفشل ولا بالنجاح، الا اذا كانت هناك اسباب واضحة؛ مثل كونه زواجا عن طمع أو فيه فرق مخيف في السن بين الاثنين، فالارجح هنا ان يكون زواجا فاشلا.
وتتابع: فوارق السن بين المرأة والرجل لابد أن تتحطم أمام جدار الحب.
وتبرر ''الحب يلغي كل الشروط والفوارق في العمر وأعتقد كذلك أن المرأة لو كانت متعلمة وكذلك الرجل سيتجاوزان كل هذه العقبات الوهمية''.
وتضيف: بالنسبة لزواج الشاب من امرأة تكبره سنا فهو ينجح مع البعض ويفشل مع البعض الآخر ولكن ذلك يعتمد على مدى التوافق الفكري والعاطفة الموجودة بينهما اذا كانت قوية ام لا وهل هما يفكران بإيجابية لمستقبلهما هذا ما يجعل زواجهما ناجحا واذا قبلا بالزواج وتأكدا من وجود هذه الاشياء فلن يندما على قبولهما لهذا الامر.
ويبين خالد العبادي ان المرأة التي تتزوج رجلاً اصغر منها في الغالب يقف فارق العمر ضدها مهما كان ضئيلا، وتكفي سنة او سنتان لتثار حولها الملاحظات الجارحة، وتعتبر مذنبة بشكل او بآخر، ومسؤولة مسؤولية مباشرة عن اي فشل يعترض الحياة الزوجية، فتصبح مكرهة على التنازل وتقديم التضحيات حتى تتلافى الانتقادات او في حالات اكثر تعقيدا التعرض الى الطلاق.
وتقول نهاد الرواشدة: ما زلنا نعاني من عقدة فى مسألة ان يكون الرجل اصغر من زوجته، ولذلك نربط هذا الامر باسباب لا تكون حقيقية كالقول بالنضج أو الشعور بالامان، فكل هذا يتبخر ان كانت الثقة موجودة في الاختيار، وبالنسبة للانثى التي اختارت هذا الرجل على قناعة بما علمت من حسن دينه وخلقه عندها لا اعتقد انه يوجد خوف الا من مسألة الزواج من أخرى.
حرج اجتماعي
ويشير رعد الرشدان الى ان استمرارية هذه الزيجات أمر صعب خاصة على الرجل، ويقول ''لو كانت المرأة كبيرة وثرية سيقول الناس ان الرجل تزوجها من أجل المال اي ان زواجه زواج مصلحة كما يطلق الكثير من الناس على هذا النوع من الزيجات، وهذا لربما سيوقعه في حرج اجتماعي مهما كانت بداخله دوافع أخرى واقتناع بهذا الارتباط.
ويؤكد جبران بني بكر ''ما زالت هناك مشكلة في زواج من هذا النوع''.
ويتابع: برأيي هو افضل للرجل من حيث أن المرأة التي سيتزوجها اصبحت أكثر نضوجاً وربما ساعدته أكثر في مهام الحياة، لكن اذا كان وراء هذا الزواج المصلحة والمال فهو في الغالب لا يستمر حتى ولو لم تكن هناك فوارق في السن أو أحدهما أكبر من الآخر لأن زواجا من هذا النوع افتقد أهم أهداف الزواج وهي المودة والمحبة التي لا يغيرها أي شيء في الحياة مهما كان.
وترى لمياء جمال أن التكافؤ الفكري والاجتماعي والحب والصراحة أهم من أي شيء آخر أما فوارق العمر حتى لو تسببت بمشاكل في البداية سيعود المجتمع ويتقبلها مع مرور الوقت وينساها بعد فترة...
لكننا هنا نتحدث عن الفوارق البسيطة في العمر أما لو تجاوز الفارق عشر أو عشرين سنة فيخرج عن المنطق وتكون نسبة نجاح الزواج ضئيلة جداً.
رأي الشريعة
ومن جانبه يؤكد أستاذ الشريعة في الجامعة الأردنية الدكتور محمد القضاة أن الإسلام لا يمانع أن تتزوج المرأة برجل يصغرها أو يكبرها سناً بحيث يكون الفارق في السن بين الزوجين مقبولاً ومعقولاً حتى يكون هناك انسجام فكري ونفسي بين الطرفين، ومذاهب العلماء لم تحرم ذلك خصوصاً إذا كان الزواج الشرعي يحقق مقاصده الشرعية.
علم الاجتماع
وفي السياق ذاته يقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية الدكتور مجد الدين خمش: إن نظرة المجتمع العربي بشكل عام نحو المرأة بأن تتزوج برجل أكبر منها سواء بفارق بسيط أو يماثلها في العمر، فهذا شيء مألوف ومقبول لدى الجميع، لكن أن تتزوج شاباً أصغر منها فينظر إلى هذا الموضوع بأنه غير طبيعي ويواجه الانتقاد من الجميع، لكن الأمور في طريقها إلى التغيير وبدأ الفارق في العمر غير ملحوظ حيث ان مجتمعنا بدأ يتجه نحو التجديد والتغيير.
ويضيف: تطغى العلاقة العاطفية بين الأزواج على أي فارق في السن وهذا يجعل كلا الزوجين يتمسكان باستمرار العلاقة الزوجية.
المفضلات