في مجالس النميمة، غالباً ما يدلي احدهم بمعلومة خاطئة، وحين تسأله عن مصدرها يجيبك بعبارة: «حكالي واحد»... فتحاول أن تسأل عن هذا الواحد، وتكون الاجابة: «ارجوك لا تحرجني ما بحكي».
عمري في المهنة (14 عاماً)، ويزيد... وفي كل هذه السنوات يومياً اواجه هذا (الواحد) واحاول أن اعرفه.. وفي الغالب يكون مجهولاً ولا يتم التصريح عن اسمه.
أول أمس قال لي أحد الزملاء: «هل عدت لوظيفتك في الأمانة».. فأجبته بالنفي... وسألته عن مصدر معلومته فكانت الاجابة: «حكالي واحد»... اتمنى ان تكون (وحدة)... وليس واحداً وبعد اصرار والحاح.. على معرفة اسم الواحد، لم اوفق.. لأن المتحدث لا يريد أن يعلن اسم هذا الواحد، واجزم أنه لا يوجد (واحد) بالأساس.
المسألة ليست مرتبطة بالوسط الصحفي وحده.. بل بكل الأوساط، فالشعب الأردني صار مهووساً (بالواحد) الى الحد الذي يعوّل عليه في كل احاديثه.
قبل أيام قال لي احدهم : «شايفينك في عبدون مول».. علما بأنني لا اعرف مكانه ولم اصله في حياتي.. وحاولت معرفة اسم (الواحد) الذي ادلى بالمعلومة.. ولكن ثمة اصرار من المتحدث على اخفاء اسمه لدرجة تشعر ان الادلاء باسم الواحد شيء متعلق بأمن الدولة ولا يجوز البوح به.
الشيء نفسه يتكرر في كتابة الخبر الصحفي حين تقول: «وأكد مصدر مطلع طلب عدم ذكر اسمه»..
هي نفس الجملة ولكنها تصاغ تبعاً لشروط كتابة الخبر الصحفي فالمصدر هو نفسه الواحد وصرح هي نفسها «حكالي».
وفي الغالب يظل هذا المصدر مجهولاً وقد لا يكون هناك مصدر بالأصل.
صرت أواجه المسألة بشكل شبه يومي، واتمنى أن يبدل المتحدث شكل ومصدر المعلومة من واحد الى وحدة، أو مثلاً «حكولي اثنين»... فأحياناً الشهادة لأكثر من واحد قد تكون مؤكدة.. والمشكلة ان ثمة عبارات تنطلق من اجل اخفاء اسم هذا الواحد، وهي عبارات من شاكلة: «الزلمة حلّفني حرام».. و»أرجوك لا تحرجني ما بقدر احكي اسمو».. ومن قبيل اثارة الرغبة والأسئلة في النفس يؤكد المتحدث.. انني اعرف هذا الواحد وهو صديق مقرّب.
على كل حال أريد أن اخبركم بشيء مهم تم تأجيل العيد.. (حكالي واحد) ليس مهما ان تعرفوا هذا (الواحد) المهم تم تأجيل العيد.
كل شيء في الأردن يصبح بعد فترة معروفاً، من رحيل الحكومات الى اعادة تشكيلها ومن قضايا التعيينات إلى الترميجات كل شيء حتى ما اتخذ من قرارات لم تصدر.. الا الواحد يبقى هو المجهول في المعادلة السياسية والاجتماعية الأردنية.
مقال اعجبني للاستاذ عبد الهادي راجي المجالي
حبيت انقله لكم
المفضلات