مهرجان الأردن (جرش سابقاً)!
سعود قبيلات * - رغم ردود الفعل الكثيرة، سواء أكانت فرديّة أم مِنْ مؤسّسات ثقافيّة محليّة أم مِنْ مثقّفين عرب، على قرار إلغاء مهرجان جرش، إلا أنّ متخذي هذا القرار الغريب واصلوا صمتهم، ولم يكلّفوا أنفسهم عناء تقديم مبرّرات واضحة ومقنعة لقرارهم ذاك.
لقد أثار القرار استغراب المثقّفين العرب والإعلام الثقافيّ العربيّ.. ولم يستطع أحد أنْ يفهم كيف أطاحت الحكومة بهذا المهرجان الأردني الناجح بعدما تمّ تكريسه على مستوى دوليّ وأصبح من المهرجانات القليلة التي يتمنّى كلّ مبدع المشاركة بها، لتختار بدلاً منه أنْ تبدأ من الصفر بمهرجان جديد يحتاج إلى جهود كبيرة وسنين طويلة للتعريف به، وفي أحسن الأحوال سيضطرّ القائمون عليه للاستعانة بالاسم القديم مِنْ أجل التعريف به؛ كأنْ يُقال، على سبيل المثال: مهرجان الأردن (جرش سابقاً)!
وكان بإمكاننا، في رابطة الكتّاب الأردنيّين ونقابة الفنّانين الأردنيّين، أنْ نجلس ونتفرّج على هذا التخبّط الذي لن ينتج عنه في أحسن الأحوال سوى نموذجٍ إضافيّ مِنْ تلك المهرجانات النخبويّة الهجينة التي حاول البعض استيلادها وتسويقها في السنوات القليلة الماضية، ولكنّهم لم يحصدوا منها سوى الفشل، بسبب عزلتهم عن الناس وعن الحياة الثقافيّة في البلد وفي العالم العربيّ بشكلٍ عامّ؛ بحيث أنّنا كنّا نرى أخبارها في الصحف كما لو كانت تجري في بلدٍ بعيد.. ولكنّنا لغيرتنا على اسم بلدنا الذي كان مهرجان جرش مِنْ أبرز الوسائل المتحضّرة لترويجه في الخارج، ولمسؤوليّتنا تجاه الحياة الثقافيّة الأردنيّة، لم نجد مناصاً من التعبير عن موقفنا بوضوح والتحذير مِنْ مغبّة هذا القرار الخاطئ والضارّ.
لقد كان الكثيرون، ومنهم كاتب هذا المقال، يرون أنَّ سحب مهرجان جرش مِنْ عهدة جامعة اليرموك، التي أسّسته في أوائل الثمانينيّات وكانت تديره وترعاه وتشرف عليه وتسنده وتشغّل فيه كوادرها العلميّة وطلبتها، إلى عهدة إدارات رسميّة معيّنة يسندها كادر من الموظّفين المعيّنين، هو العامل الأساس وراء تراجع المهرجان وانفضاض جمهوره تدريجيّاً عنه. ولنا هنا أنْ نستذكر الحيويّة الكبيرة التي كان يبثّها في المهرجان، آنذاك، نشاط أساتذة وطلبة الجامعة الحماسيّ اللافت، في مقابل الذبول وانحسار الجمهور اللذين أخذا يصيبان المهرجان فيما بعد.
ومن الأخطاء التي كانت تُنسب للمهرجان أنّه تحوّل في عهد إداراته المعيّنة مِنْ مهرجان ثقافيّ جماهيريّ إلى مهرجان للحفلات.
ولكن، بالإضافة إلى ذلك كلّه، يجدر التذكير بأنّ الطريق العامّ الذي يمرّ بالمهرجان كان شبه مغلق خلال السنتين الأخيرتين، وكان الوصول إليه يتطلّب المرور بالكثير من التحويلات المعقّدة التي تطيل الطريق وتصعّبه. والسؤال الملحّ هنا هو هل يحتاج الطريق فعلاً كلَّ هذا الوقت لإصلاحه؟! ثمّ ألا يعرف القائمون على إصلاح الطريق مدى تأثير ذلك على المهرجان؟!.
خلاصة الأمر أنّ هذا كلّه وعدم وجود تبرير واضح ومقنع لإلغاء المهرجان، أثار الكثير من التكهّنات المتضاربة في الوسط الثقافيّ المحليّ ولدى المثقّفين العرب وفي وسائل الإعلام العربيّة. إلا أنّ الأمر الأهمّ الآن هو أنْ تتواصل الجهود والضغوط مِنْ قبل الهيئات الثقافيّة المعنيّة وجمهور المثقّفين مِنْ أجل إعادة مهرجان جرش، على أنْ يكون هذه المرّة بحلّةٍ جديدة وبدور أساسيّ في إدارته والإشراف عليه للمؤسّسات الثقافيّة الحقيقيّة.
اتمنى اعطاء ارائكم بهذا القرار؟؟؟
تحيتي لكم
المفضلات