مواطنون استثمروا في " البورصات " عشرات الاف الدنانير فاستردوا قروشا !!
عمان - السوسنة
كانت ليلة السبت من اصعب واطول الليالي على الشاب " م.ع " الذي كان يترقب بشوق بزوع فجر الاحد وطلوع شمسه معلنة عن يوم جديد يحمل في طياته املا طال انتظاره ..... كيف لا !! وهذا اليوم هو اليوم الاول لتوزيع اموال البورصة للشركة التي كان " م.ع " قد اودع بها مبلغ ستة الاف دولار قبل ان تحجز الحكومة على جميع الاموال بحجة حمايتها من السرقة من قبل اصحاب الشركات بعد انهيار شركات البورصة العالمية ! .
المواطن " م.ع " طالب جامعي تخرج حديثاً وكان قبل سنتين ما يزال على مقاعد الدراسة حيث اقترض هذا المبلغ من اقاربه ليستثمره في احدى شركات البورصة العالمية لعله يدر عليه دخلا شهريا يعينه على مصاريف الجامعة التي اصبحت هاجس يؤرق عشرات الاف الاردنيين .
وبعد اقل من شهرين انهارت البورصة وحجزت الحكومة على اموال جميع الشركات فلم يستطع " م.ع " ان يجد مصاريف الجامعة واصبح هاجس تسديد الـ 6 الاف دولار هاجسه الاول بدلا من هاجس التخرج .
مرت السنين واعلنت الحكومة عن نيتها " وفق الموعد المحدد " توزيع الاموال المحجوزة لبعض الشركات وذهب " م.ع " باكراً جدا يحدوه الامل والترقب وشبح بسمة على شفتيه فاليوم سوف يسدد الـ 6 الاف دولار لاصحابها ويتفرغ هو حديث التخرج لمعاناة اخرى الا وهي البحث عن فرصة عمل .او هكذا كان يعتقد . !! ..
وقف " م.ع " في طابور طويل جدا مع زملائه المراجعين وعندما نودي على اسمه رقصت الدنيا في وجهه فرحا وارتفعت همته لتناطح هامات السحاب في بلد الحق والقانون في بلد يقال ان به حكومة تسخر امكانياتها لاعادة الحق لاصحابه .
دخل " م.ع " ووقع على وثيقة التخالص والتي تثبت قانونيا انه لم يتبق له أي حق في اموله واستلم الشيك الخاص به ، وكانت المفاجأة فقط 43 دينارا اردنيا وللامانه فوقها 900 فلس أي ما يعادل 61 دولارا امريكيا وللامانة فوقها بضعة سنتات .
اسودت الدنيا في وجه " م.ع ويسأل نفسه ذات السؤال الذي يساله " ابوهشام . ض " والذي اودع مبلغ 130 الف دينارا استعاد منها اليوم 3 الاف فقط وهو : هل لو تركت الحكومة شركات البورصة بوضعها الطبيعي تعمل وتحاول ان تعوض مخاسرها وتسدد للمواطنين اموالهم هل كانت الـ 6 الاف ستعود له 61 دولارا ام انها لعلها عادت الف او الفان او ثلاثه او ربما كاملة وفوقها ارباح اخرى في ظل سوق عالمي مفتوح يعرف الربح والخسارة ... ؟؟؟ !!!
يقول خبراء في هذا المجال انه بعد سنتين من تجميد الاموال المحجوزة وبعد خصم مصاريف واجور القضايا والعاملين بها فمن المتوقع ان تخسف الاموال المحجوزة لمثل هذا الشكل واخرون يقولون لو بقيت البورصة على حالها لكان على الاقل استطاع بعض اصحاب الشركات تعويض بعض مخاسرهم واعادة اموال اكثر للعملاء .
وفي قصة غريبة لولا معاناة صاحبها لقلنا انها قصة فكاهية وقف احد المواطنين في طابور المراجعين لاستلام الاموال وكان اودع مبلغ 10 الاف دينار واصيب بخيبة امل من حديث المراجعين الذين دخلوا لاستقبال الاموال قبله وعندما دخل بدوره شاهد الشك الخاص به من بعيد وكتب عليه (حسب ما توقع) 1300" ..." ففرح واعتبر انه محظوظ جدا عندما استعاد 1300 من اصل عشرة الاف ولكن كانت الفاجعة الكبرى عندما تسلم الشك بيده واكتشف ان المبلغ هو 130 قرشا أي دينار واحد و 30 قرشا !! فرفض تسلم الشك وهم بمغادرة الغرفة قبل ان يجبره الموظفين المتواجدين على العودة والتوقيع على وثيقة تقر انه رفض تسلم الشك الخاص به مما يعني حسب قول البعض ان عليه رفع دعوى في المحاكم المدنية لحل مشكلته !! .
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة اذا كانت الحكومة ليست معنية بهذا الامر لماذا استولت على الملف منذ البداية ؟!! ... ولماذا اضاعت هذا الوقت كله والمصاريف غير مبررة اذا كان المواطن الاردني في نهاية المطاف سيجد نفسه امام خيارين الاول استلام دينار و 30 قرشا من اصل 10 الاف دينار والتوقيع على وثيقة تقر انه لم يعد له أي اموال اخرى او التوجه الي المحكمة المدنية لحل المشكلة!! ..
القضية الاكثر اهمية من هذا كله هو هل الحكومة الاردنية تعتقد انها باعادة 61 دولارا من اصل 6 الاف دولار قد نجحت في الحفاظ على اموال هذا المواطن ؟ ام انها نجحت وبشكل باهر في انهاء ازمة البورصة في الاردن واراحة راسها منها بعد اعادة ما تيسر من فتات الاموال ووضع اصحاب الشركات في السجن واغلاق الملف من دون فهم الاسباب التي دفعت مثل هذا المواطن لاستقراض هذا المبلغ والتورط في مثل هذا الامر وهو بالتأكيد ليس الطمع والبطر والجشع وانما ضيق الحال وبصيص امل في ظل حكومات متعاقبة اعدمت كل بصيص امل !!! ....
والقصص كثيرة ... تتشابه في الالم وتتقاطع في الحسرة ... ويبقى لدينا سؤالا بريئا : اين ذهبت فوائد ملايين الدنانيير التي حجزت قبل عامين ؟؟؟ !!! واين ذهبت أموال الشعب الفقير !! .
المفضلات