عِيد *
التّعريف :
1 - العيد لغةً مشتقّ من العود ، وهو الرّجوع والمعاودة لأنّه يتكرّر .
ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ ، وهو يومان : يوم الفطر من رمضان وهو أوّل يوم من شوّال ، ويوم الأضحى وهو اليوم العاشر من ذي الحجّة ، ليس للمسلمين عيد غيرهما .
الأحكام المتعلّقة بالعيد :
تتعلّق بالعيد أحكام منها :
أ - صلاة العيد :
2 - اختلف الفقهاء في حكم صلاة العيد .
فذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى أنّها سنّة مؤكّدة ، لحديث الأعرابيّ « الّذي ذكر له النّبيّ صلى الله عليه وسلم الصّلوات الخمس فقال : هل عليَّ غيرهنّ ؟ قال : لا ، إلاّ أن تطّوّع » .
وذلك مع فعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم لها ومداومته عليها .
وذهب الحنفيّة - على المفتى به عندهم - إلى أنّها واجبة ، لمواظبة النّبيّ صلى الله عليه وسلم عليها من دون تركها ولو مرّةً ؛ ولأنّها تؤدّى بجماعة ، فلو كانت سنّةً ولم تكن واجبةً لاستثناها الشّارع ، كما استثنى التّراويح وصلاة الخسوف .
وذهب الحنابلة إلى أنّها فرض كفاية لقوله تعالى : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ } ولمداومة النّبيّ صلى الله عليه وسلم على فعلها .
والتّفصيل في مصطلح ( صلاة العيدين ف /2 وما بعدها ) .
ب - التّكبير في العيدين :
3 - التّكبير في العيدين يكون في أثناء الصّلاة وفي الطّريق إليها وبعد انقضائها .
أمّا التّكبير في الغدوّ إليها ، فقد ذهب الفقهاء إلى مشروعيّته عند الغدوّ إلى الصّلاة في المنازل والأسواق والطّرق إلى أن تبدأ الصّلاة .
وتفصيل ذلك في مصطلح : ( صلاة العيدين ف /13 ) .
أمّا التّكبير في أثناء صلاة العيد ( التّكبيرات الزّوائد ) فهي سنّة عند جمهور الفقهاء ، واجبة عند الحنفيّة .
وفي بيان عدد هذه التّكبيرات وموضعها في الصّلاة اختلاف وتفصيل ينظر في مصطلح :
( صلاة العيدين ف /11 ، 12 ) .
أمّا التّكبير في أدبار الصّلاة فلا خلاف بين الفقهاء في مشروعيّته في أيّام التّشريق ، وهو مندوب عند جمهور الفقهاء ، واجب عند الحنفيّة .
وللتّفصيل في صفة تكبير التّشريق ووقته ومحلّ أدائه ينظر مصطلح : ( أيّام التّشريق ف/ 13 ) .
ج - الأضحيّة في العيد :
4 - اتّفق الفقهاء على مشروعيّة الأضحيّة في عيد الأضحى ، واختلفوا في حكمها .
فذهب الجمهور إلى أنّها سنّة وقال الحنفيّة بوجوبها .
وفي بيان شروطها وأحكامها ووقتها اختلاف وتفصيل ينظر في مصطلح : ( أضحيّة ف /7 وما بعدها ) .
د - ما يستحبّ فعله في العيدين :
5 - يستحبّ إحياء ليلتي العيد بطاعة اللّه تعالى من ذكر وصلاة وتلاوة وتكبير وتسبيح واستغفار ، لحديث « من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى محتسباً لم يمت قلبه يوم تموت القلوب » .
ويستحبّ الغسل للعيد لما روى ابن عبّاس والفاكه بن سعد رضي الله عنهم « أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر والأضحى » ولأنّه يوم يجتمع النّاس فيه للصّلاة فاستحبّ الغسل فيه كيوم الجمعة ، وإن اقتصر على الوضوء أجزأه ، ويستحبّ أن يتزيّن ويتنظّف ويحلق شعره ويلبس أحسن ما يجد ويتطيّب ويتسوّك ، لما روي عن ابن عبّاس رضي الله عنهما « كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يلبس في العيدين بردي حبرة » . وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم « ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوب مهنته لجمعته أو لعيده » ،وقال مالك : سمعت أهل العلم يستحبّون الطّيب والزّينة في كلّ عيد ، والإمام بذلك أحقّ ، لأنّه منظور إليه من بينهم . وأفضل ألوان الثّياب البياض ، فعلى هذا إن استوى ثوبان في الحسن والنّفاسة فالأبيض أفضل ، فإن كان الأحسن غير أبيض فهو أفضل من الأبيض في هذا اليوم .
فإن لم يجد إلاّ ثوباً استحبّ أن يغسله للعيد .
ويستوي في استحباب تحسين الثّياب والتّنظيف والتّطيّب وإزالة الشّعر والرّائحة الكريهة ، الخارج إلى الصّلاة والقاعد في بيته ، لأنّه يوم الزّينة فاستووا فيه ، وهذا في حقّ غير النّساء .
وأمّا النّساء إذا خرجن فإنّهنّ لا يتزيّنّ ، بل يخرجن في ثياب البذلة ، ولا يلبسن الحسن من الثّياب ولا يتطيّبن لخوف الافتتان بهنّ ، وكذلك المرأة العجوز وغير ذوات الهيئة يجري ذلك في حكمها ، ولا يخالطن الرّجال بل يكنّ في ناحية منهم .
ويستحبّ تزيين الصّبيان ذكوراً كانوا أو إناثاً بالمصبّغ وبحليّ الذّهب ولبس الحرير في العيد، قال النّوويّ : اتّفقوا على إباحة تزيينهم بالمصبّغ وحليّ الذّهب والفضّة يوم العيد لأنّه يوم زينة ، وليس على الصّبيان تعبّد فلا يمنعون لبس الذّهب وغيره ، وأمّا في غير يوم العيد ففي تحليتهم بالذّهب ولباسهم الحرير ثلاثة أوجه ، أصحّها : جوازه . والثّاني : تحريمه ، والثّالث : جوازه قبل سبع سنين ومنعه بعدها .
وتستحبّ العمامة في العيد .
هـ - التّهنئة بيوم العيد :
6 - ذهب جمهور الفقهاء إلى مشروعيّة التّهنئة بالعيد من حيث الجملة .
وللتّفصيل انظر مصطلح ( تهنئة ف /10 ) .
و - التّزاور في العيدين :
7 - التّزاور مشروع في الإسلام ، وقد ورد ما يدلّ على مشروعيّة الزّيارة في العيد ، فقد روي عن عائشة رضي الله عنها قالت : « دخل عليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنّيان بغناء بعاث ، فاضطجع على الفراش وحوّل وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني ، وقال مزمار الشّيطان عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ فأقبل عليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال : دعهما » زاد في رواية هشام : « يا أبا بكر إنّ لكلّ قوم عيداً ، وهذا عيدنا » قال في الفتح : قوله : « وجاء أبو بكر " وفي رواية هشام بن عروة " دخل عليّ أبو بكر " وكأنّه جاء زائراً لها بعد أن دخل النّبيّ صلى الله عليه وسلم بيته .
ونقل في فتح الباري في الحكمة من مخالفته صلى الله عليه وسلم الطّريق يوم العيد أقوالاً منها : ليزور أقاربه من الأحياء والأموات ولم يضعّفه كما فعل مع بعضها ومثله في عمدة القاريّ ، وذلك تعليقاً على حديث جابر رضي الله عنه « كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطّريق » .
ز - الغناء واللّعب والزّفن يوم العيد :
8 - يجوز الغناء واللّعب والزّفن في أيّام العيدين ، لما ورد عن عائشة رضي الله عنها قالت: « دخل عليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنّيان بغناء بعاث ، فاضطجع على الفراش ، وحوّل وجهه ، ودخل أبو بكر فانتهرني ، وقال : مزمار الشّيطان عند النّبيّ صلى الله عليه وسلم ؟ فأقبل عليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فقال : دعهما. فلمّا غفل غمزتهما فخرجتا ، وكان يوم عيد يلعب السّودان بالدّرق والحراب ، فإمّا سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم وإمّا قال : تشتهين تنظرين ؟ فقلت نعم ، فأقامني وراءه ، خدّي على خدّه ، وهو يقول : دونكم يا بني أرفدة ، حتّى إذا مللت قال : حسبك ؟ قلت نعم ، قال : فاذهبي »
وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : « بينما الحبشة يلعبون عند رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بحرابهم إذ دخل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها ، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : دعهم يا عمر » .
وعن أنس رضي الله عنه : « كانت الحبشة يزفنون بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ويرقصون ويقولون : محمّد عبد صالح ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : ما يقولون ؟ قالوا : يقولون : محمّد عبد صالح » .
ح - زيارة المقابر في العيد :
9 - تستحبّ في العيد زيارة القبور والسّلام على أهلها والدّعاء لهم ، لحديث : « نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها » وفي رواية « فإنّها تذكّر الآخرة » وحديث أبي هريرة مرفوعاً: « زوروا القبور فإنّها تذكّر الموت » .
وكره زيارتها ابن سيرين وإبراهيم النّخعيّ والشّعبيّ .
ط - عظة النّساء :
10 - يستحبّ وعظ النّساء بعد صلاة العيد ، وتعليمهنّ أحكام الإسلام ، وتذكيرهنّ بما يجب عليهنّ ، ويستحبّ حثّهنّ على الصّدقة ، وتخصيصهنّ بذلك في مجلس منفرد ، ومحلّ ذلك كلّه إذا أمنت الفتنة والمفسدة " قال ابن جريج : أخبرني عطاء عن جابر بن عبد اللّه رضي الله عنهما قال : سمعته يقول « قام النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فصلّى ، فبدأ بالصّلاة ثمّ خطب ، فلمّا فرغ نزل فأتى النّساء ، فذكّرهنّ وهو يتوكّأ على يد بلال ، وبلال باسط ثوبه يلقي فيه النّساء الصّدقة » قلت : " يعني ابن جريج لعطاء " أترى حقّاً على الإمام ذلك ويذكّرهنّ ؟ قال : إنّه لحقّ عليهم ، ومالهم لا يفعلونه ؟ قال في الفتح : ظاهره أنّ عطاءً كان يرى وجوب ذلك ، ولهذا قال عياض : لم يقل بذلك غيره ، وأمّا النّوويّ فحمله على الاستحباب ، وقال : لا مانع من القول به إذا لم يترتّب على ذلك مفسدة .
منقووووووووووووووووووووووووووووووول
المفضلات