طهران - بترا - اكد سمو الامير الحسن بن طلال حرص الأردن على المشاركة الفاعلة في مؤتمرات حركة عدم الانحياز منذ تأسيسها متمنيا أن تسهم قراراتها في تعزيز التضامن بين دول الحركة والأسرة الدولية وصولاً إلى عالم آمن مستقر، يسوده التعاون والتآزر في مواجهة المخاطر المتفاقمة التي يواجهها العالم اليوم.
واضاف سموه والذي شارك مندوبا عن جلالة الملك عبدالله الثاني في اعمال القمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحياز التي بدأت في العاصمة الايرانية طهران في كلمة الاردن أن العالم اليوم بأمس الحاجة للعمل بالمبادئ التي تبنتها الحركة، لإيجاد الحلول الكفيلة بمعالجة العقبات والأزمات التي نواجهها، ليس على مستوى دول الحركة فحسب بل في العالم أجمع.
وقال لقد كانت سياسة الأردن وستبقى مستندة على التعاون مع المجتمع الدولي على أسس من الاحترام المتبادل وعدم التدخل في شؤون الآخرين ودعم البرامج والسياسات التي تدعم التنمية والسلام لجميع شعوب الأرض. واضاف ان العالم يشهد أزمات وتحديات وتحولات غير مسبوقة، ما يدعونا لمراجعة ما تحقق منذ تأسيس الحركة في عام 1955 إلى يومنا هذا وبحث سبل النهوض بواقعنا لتحقيق ما نصبو إليه حيث جاءت حركة عدم الانحياز بمبادئ وأهداف من شأنها إيجاد بيئة دولية متوازنة، إلا أنه وعلى الرغم من مرور ما يقارب ستة عقود من تأسيس الحركة، وحرص الجميع على التمسك بمبادئها، فإن مشاكل وتحديات دول الحركة تعاظمت، وأصبحنا نواجه أزمات غير مسبوقة لا يمكن مواجهتها إلا من خلال العمل الجماعي والتعاون والتنسيق والعمل المشترك مع شركائنا في الأسرة الدولية.
وقال ان المشاركين ناقشوا مواضيع في غاية الأهمية، وجميعها تؤكد على أهمية تحقيق التنمية وتعزيز الأمن والاستقرار لشعوبنا. 'ولعلكم تتفقون معنا بأن هذه الأهداف النبيلة التي ترمي للنهوض بالقيمة العليا للإنسان، الذي كرمّه الله عز وجل، تلك القيمة التي لن تتحقق إلا من خلال احترام الكرامة الإنسانية وتحقيق العدالة الاجتماعية اللتين تُشكلان اللبنة الأساس في عملية التنمية واستقرار المجتمع.' وتساءل سموه في كلمته ما هي الإصلاحات أو السياسات الاقتصادية والديمقراطية التي ينبغي أن تحدد اتجاه التنمية في دولنا وفي دول حركة عدم الانحياز عامة ؟ أن ما يلاحظ إن هناك قضايا لا تزال تسيطر على الخطاب السياسي، كالانتخابات والإصلاحات السياسية وغيرها. واكد اننا نجتمع اليوم لنتداول في شؤوننا في مرحلة مفصلية تعج بالتحولات والمفاهيم الجديدة والآمال، مرحلة تغيرت فيها موازين القوى على المستوى الدولي والوطني. وتغيرت فيها الأولويات ووسائل المواجهة، وأصبحت فيها الكلمة الفصل للشعوب ولحكم القانون والحكم الرشيد، ولم تعد القوة تكمن في الوسائل العسكرية وحدها. وفي ضوء هذا الواقع لا بد لنا أن نتعامل مع التحديات بواقعية وصبر وحكمة، إذا ما أردنا أن ننهض بأحوالنا ونضمن مستقبل الأجيال القادمة. واكد أن الحركة مؤهلة للقيام بدور فاعل في مواجهة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، وما خلفته من آثار سلبية على اقتصاديات الدول النامية بوجه خاص، فضلاً عن تحديات الأمن الغذائي التي نتعرض لمخاطرها يومًا بعد آخر. وهنا نعيد التأكيد على ضرورة الإصلاح الشامل للنظام الاقتصادي والمالي الدولي ليكون أكثر إنصافًا وقدرة على خدمة احتياجات شعوبنا وقد حان الوقت للتفكير بمبادرات من داخل دولنا فرادى ومجتمعين، وبالتعاون مع الشركاء في الأسرة الدولية. نحن بحاجة إلى خلق أجندة حقيقية لأنفسنا.
وبين سموه ضرورة إيلاء قضايا الشباب الاهتمام لكونهم يشكلون غالبية مجتمعاتنا، وهم الذين أصبحوا الضحية الأولى للبطالة وفقدان الأمل بالمستقبل، ما يجعلهم وقودا للتطرف والاستغلال.... يجب أن تأخذ المرأة المكانة التي تليق بها في المجتمع وتمكينها من الاضطلاع بدور مساوٍ للرجل... لا بد أن يحظى التعليم بأولوية خاصة، لكي تنهض مجتمعاتنا وتساهم بالدور المأمول في التقدم الحضاري والإنساني، وصولاً لتحقيق التنمية المستدامة التي نسعى لها جميعها. واكد إن الإمكانيات الكبيرة التي تزخر بها دول الحركة، والتفاوت القائم في قدراتها الاقتصادية، تدعونا أن نفكر مليا بوسائل فعالة ومبتكرة تساهم في مواجهة التحديات التي نعاني منها دولا وأقاليم، وبما يتناسب وخصوصية أوضاعنا.
ودعا سموه الى تفعيل تأسيس الصندوق العالمي للزكاة والتكافل الذي بادر به قبل أكثر من ربع قرن حيث سيسهم "وان كان يبدو خاصا بالعالم الإسلامي"، الا ان أهميته والنتائج الكبيرة التي ستتمخض عنه في حال تنفيذه، خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار عدد الدول الإسلامية الأعضاء في حركة عدم الانحياز وثقلها الاقتصادي والسكاني، سيجعل لهذا الصندوق تأثيرا كبيرا، يعود بالنفع على الدول الإسلامية وعلى العالم أجمع.
وقال لقد حان الوقت لان تدعم حركة عدم الانحياز تأسيس مؤتمر شبه دائم للسلام، يكون عمله في الأقاليم والمناطق التي تحتاج إلى السلام والاستقرار والتنمية، وعلى شاكلة مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا والسلال الثلاث لعملية هيلسنكي التعاون في المجال الأمني، والقضايا الاقتصادية والإنسانية. واكد ان القضية الفلسطينية بالنسبة للأردن ستظل القضية الأولى في سياستنا وهمنا الوطني والعربي وعليه فإننا نعيد التأكيد على موقف الأردن الواضح والثابت لدعم الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية، وحل جميع موضوعات الحل النهائي وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وإدانة كافة أشكال الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وأراضيه المحتلة. لذا فأننا نتطلع أن تحظى القضية الفلسطينية بأولوية في القرارات التي ستصدر عن القمة.
وقال في ضوء التفاقم المرير للأوضاع في سوريا وانعكاسها على المنطقة، وفي مقدمتها الاردن فإن التأخر والتواني في معالجة هذه الأزمة الخطيرة سيفسح المجال لبروز صداعات طائفية تُنذر بتشظي هذا البلد ويعطي المبرر للتدخلات الخارجية فضلا عن زيادة الاعباء التي تتحملها الدول المجاورة لسوريا وخاصة الاردن.
واضاف ان تسارع التطورات في سوريا والمخاطر التي تتهدد هذا البلد الجار الشقيق، تفرض علينا دعم كافة الجهود لإيجاد مخرج سياسي يعيد الاستقرار في سوريا، ويحقن الدماء ويحقق الطموحات المشروعة للشعب السوري الشقيق في الرفاه والأمان والحياة الكريمة.
واعرب سموه عن المه أن تتحول التعددية الدينية والمذهبية والعرقية التي تتميز بها دول الحركة من قيمة مدنية ومنجز حضاري إلى وقود لإشعال نار الفتنة بين المجتمعات والشعوب.
وكان سمو الامير الحسن قد التقى على هامش اعمال المؤتمر الرئيس اللبناني والامير عبدالعزيز بن عبدالله آل السعود رئيس الوفد السعودي ورئيس وزراء بوتان والمبعوث الدائم للأمم المتحدة للبيرو اضافة الى وزير خارجية ارمينيا.
كما التقى رؤساء وفود كل من ارمينيا والبحرين وكرواتيا والصين.
واستقبل الرئيس الايراني احمد نجاد ورئيس مجلس الشورى الايراني علي لارجاني سمو الامير الحسن. واكد سموه خلال اللقاءات على ضرورة تفعيل اليات عمل دول الحركة للنهوض بدورها المأمول في اطار من التعاون والتفاعل بين اعضاء دول الحركة لمواجهة التحديات التي تتعرض لها على كافة الصعد.
وضم الوفد الاردني المرافق لسموه وزير التنمية السياسية الدكتور نوفان العجارمة وامين عام وزارة الخارجية السفير محمد على الظاهر والمندوب الدائم للبعثة الاردنية في جنيف السفير رجب السقيري والقائم بالأعمال في السفارة الاردنية في طهران نصار الحباشنة ومدير مكتب سمو الامير الدكتور عمر الرفاعي ومدير ادارة العلاقات الدولية والمنظمات الدولية في الخارجية الوزير المفوض سجا المجالي.
المفضلات