تسونامــي الــتركي يجتـــاح بيوتنــا
لم يستثن تأثير المسلسلات التركية التي تعرض على الفضائيات إيا من البيوت أو الأعمار وحتى فئات معينة وحسب مراقبين فان تسونامي المسلسلات التركية اجتاح جميع مفاصل حياتنا وبيوتنا ولا زال مستمرا .
فبعد انتهاء عرض المسلسلات التركية (نور وسنوات الضياع ودموع الورد) والتي استمر عرضها طيلة الصيف الماضي لأكثر من 180 حلقة للمسلسل الواحد يعرض حاليا مسلسلات (وتمضى الأيام الشهير بالبطلين اسمر وزيزو ولحظة وداع والحلم الضائع وقصة شتاء وجامعة المشاغبين ووادي الذئاب وميرنا وخليل ويبدأ عرض المسلسلات من الساعة (4 -10 ليلا ) كل يوم فضلا عن الإعادة لجميع المسلسلات باليوم التالي لمن فاته العرض .
وتؤكد مدرسة اللغة الانجليزية / مدرسة خاصة غادة محمود إن تسونامي المسلسلات التركية ضرب عقول ومشاعر وملابس وحركات طالبات المدرسة وقالت لا بل صرنا نجد المسلسلات في حقائب وكتب ودفاتر الطالبات وغالبيتهن من المراهقات .
وقالت نقلنا ملاحظاتنا إلى المرشدة النفسية للمدرسة بتراجع الأداء والتحصيل الدراسي للطالبات والتي بدورها اهتمت بالموضوع واتصلت بالطالبات وذويهن لوضعهم بالصورة .
وانحت محمود باللائمة على الأهالي فيما إذا تراجع مستوى التحصيل الدراسي للطالبات مؤكدة إن بعضهن يواضبن على حضور هذه المسلسلات مع أبنائهم رغم إن بعضها ينتهي الساعة (11) ليلا وقالت علمنا إن بعض الأهالي يسجلون الحلقات التي تأتي في وقت متأخر أو عند الظهيرة لأولادهم حتى لا تفوتهم حلقة وقالت إن بعض الطالبات اعترفن للمرشدة بهذه الحقائق . وتؤكد أم عدنان (متقاعدة) أنها وجميع أبنائها (الأربعة) يتابعون واحدا أو اثنين من المسلسلات التركية يوميا (...) وقالت إن أبناءها يتابعون المسلسلات بشغف يصعب عنده السيطرة عليهم أو حتى تغيير المحطة إلى قناة أخرى حال بدء عرض المسلسل . وتكمل'' بناتي اجبرن والدهن على شراء نظام ستالايت جديد في غرفة أخرى من اجل متابعة البرامج الإخبارية التي يفضلها والتي يتزامن عرضها مع المسلسلات التركية العاطفية .
وقالت المرشدة الاجتماعية في مدرسة حكومية عبلة عبد الحميد منذ بداية العام ونحن نلحظ المسلسلات التركية تتدخل في تفاصيل حياة الطالبات بدءا من رنة الموبايلات التي تحمل النغمات الخاصة بالمسلسلات إلى تسريحة الشعر رغم إننا نمنع ذلك في مدرستنا بصرامة.
ويرى استاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي ان المسلسلات التركية المدبلجة قنبلة موقوته داخل الاسر حيث تقوم هذه المسلسلات في جذب المشاهدين والمتابعين لها من خلال المبالغة في الرومانسية والتركيز على جرعات كبيرة من الاثارة والاغراء بالرغم ان قصص هذه الافلام عادية ولا تجديد بها لما نشاهده من مسلسلات وافلام عربية .
وقال .. بصراحة أن معدي ومخرجي هذه المسلسلات نجحوا في استخدام كافة الفنون لجذب المشاهدين من خلال الترجمة السريعه واللقطات المصاحبة للترجمة ولباس الممثلين واختيار قصص هذه المسلسلات لتكون اقرب الى القصص التي تحدث في المجتمعات العربية والحرص على مخاطبة وجذب كافة افراد المجتمع لمتابعتها حيث ان احداث هذه المسلسلات تراعي وجود كبار السن والاصدقاء والمناظر الطبيعية الخلابه الجذابة .
ويكمل بان هذه المسلسلات نجحت ايضا في ظل وجود مسلسلات وافلام عربية تتبع نفس الطرق الروتينية التقليدية في الاحداث والتصوير والقصص والممثلين ، حيث لا يوجد للأسف تجديد في الافلام العربية ، مما برز على السطح هذه المسلسلات المثيرة للاغراء ، وفي ظل مجتمعات عربية تعاني من شبح الفقر والبطالة وتأخر الزواج والعزوف عنه ، وازدياد عدد حالات الطلاق في المجتمع العربي والتي وصلت (40%) ، وفي حال تفشي البطالة والفراغ الفكري والعاطفي فأن الهروب سيكون للفضائيات التي توفر لهم هذه المسلسلات على بساط من ذهب ، في ظل انشغال ارباب الاسر العربية في توفير لقمة العيش لأولادهم وتأمين الحد الادنى من مستلزماتهم اليومية . واكد الدكتور الخزاعي ان الخطورة تكمن في متابعة هذه المسلسلات من قبل كافة افراد الاسرة ''من الاطفال والمراهقين والشباب وحتى الوالدين'' بالرغم أن محتوياتها الرديئة تتضمن مشاهد ولقطات تصلح ''للكبار فقط'' ، هذا اذا كان لديهم رغبه في متابعة هذه المسلسلات ، وهذا الاختراق لكينونة الاسرة وخصوصيتها تحتاج إلى مراجعة ووقفة حازمة من قبل ارباب الاسر التي تتابع هذه المسلسلات والاخذ بعين الاعتبار فارق السن والجنس بين الابناء اذ اصبح الجميع يتابع ويرى وينفعل مع هذه المسلسلات المثيرة جدا والتي بها جرعات كبيرة من الاباحية الكلامية والحركية واللباس الفاضح .
وقال.. هؤلاء جميعا يتأثرون بنتائج هذه الافلام والثقافات المستوردة ، وهذه ستعمل على الأضطراب الاجتماعي، وعدم الاستقرار في العلاقات العامة الاجتماعية، وتنمية الفردية والروح الاستهلاكيّة، والهروب من التصدي لواقع الحياة، والاستسلام له، والانبهار '' بالستايل واللوك '' الأجنبي على حساب الهوية الثقافية العربية والترحيب بالثقافات المستوردة وازدياد اليأس والاحباط ولا استبعد ان يكون الهدف من هذه المسلسلات اكثر من صراع الثقافات والعمل على نشر العلمانية .
ويلاحظ الدكتور الخزاعي ان هذه المسلسلات تتسابق على ارضاء الجمهور العربي، وخاصة الشباب المراهقين ، واجتذابهم بأستخدام كافة الوسائل الحديثة في الدراما وتوظيف الصور والترفيه والطبيعة لجذب المشاهدين التي تتعارض مع التنشئة الاجتماعية للاسر العربية ومقوماتها.
المفضلات