عمان - فتحي الأغوات - تشكل مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة لشريحة كبيرة من الشباب والفتيات الوسيلة الأكثر عصرنة وتطوراً لإنشاء علاقات التعارف والصداقة والتي قد تتطور أحيانا لتتحول إلى مشروع زواج.
وفي أحاديث لـ»الرأي» اعتبر شباب أن ما توفره مواقع التواصل والدردشة من إقامة علاقات وتعارف على اصدقاء جدد بيسر وسهولة يعد عامل جذب لهم نحوها.
وأشاروا الى أنه ما أن تلج عالم الدردشة والشات لترى الكثير من أصدقاء الأسماء المستعارة ممن يبحثون عن رفيق يتسلون بمحادثته ويقضون برفقته بعض الوقت بحرية مطلقة تمنح للبعض الفرصة المواتية لحدوث تجاوزات وممارسات مبتذله من استغلال وتلاعب في عواطف الآخرين خصوصا إن كان من يلجأون لمثل هذا النوع من العلاقات في أعمار المراهقة.
وتساءلوا إلى أي مدى يمكن أن نثق في مثل هذا النوع من التعارف و الصدقات؟ وهل الشباب يتعاملون بحرص وحذر في التعامل مع هذه المواقع؟
طالب علم الاجتماع محمد خويلة يرى أن الانترنت يعتبر سلاحا ذا حدين يمكن أن يكون مفيدا إذا عرفنا كيف نستغله أحسن استغلال وهو في الوقت نفسه أداة تخريب للأخلاق عن طريق بعض المواقع المبتذلة التي لا تجدي نفعا.
ويضيف: لا بد من دور رقابي وتوجيهي للشباب من أجل الاستغلال الأمثل والصحيح لهذه الوسيلة الحضارية من خلال ما توفره لهم من الاطلاع على الأبحاث العلمية وإرسال رسائل بريد إلكتروني وغيرها من الفوائد التي يمكن للشباب جنيها بالاستخدام السليم للإنترنت الذي أضحى ضرورة ومتطلبا عصريا وحضاريا في حياتنا اليومية.
وتشير طالبة الآداب في جامعة مؤتة «نجوى» إلى عدم وثوقها بعلاقات التعارف والصداقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، مشيرة إلى استحالة التأكد من صدق الطرف الآخر.
وتؤكد أن العلاقات الجادة لا يمكن أن تبدأ إلا باللقاء المباشر وجها لوجه مع الشخص على أرض الواقع وليس من خلال الأسماء المستعارة التي قد يستخدمها البعض في تزييف حقيقته عن الطرف الآخر، معتبرة أن العلاقات التي تعتمد كليا على مثل هذه المواقع فاشلة -على حد قولها- كون الإنترنت عاجزاً عن إيصال المشاعر والأحاسيس والتي يصعب التأكد من صدقها عن بُعد واختبارها وإمكانية التمييز بين المشاعر الصادقة والمفتعلة.
فيما لا ينكر رامي الرواشدة أن تعلقه في مواقع التواصل الاجتماعي والدردشة يتزايد يوما بعد يوم خصوصا أن له صداقات كثيرة من الجنسين في أنحاء مختلفة من العالم والتحدث معهم بشكل شبه يومي.
ويضيف الرواشدة: تشكل تلك المواقع بالنسبة لي السبيل الوحيد للانقطاع عن الواقع الذي يصفه بـالجمود وعدم قدرته على الاندماج فيه وأن غرف الدردشة على الإنترنت هي من تنقله إلى عالم افتراضي آخر زاخر بالحب والتسلية.
أما طالب الحقوق سامي عنواسه فيرى أن السبب الحقيقي الكامن وراء لجوء البعض من الشباب إلى الإنترنت في إقامة العلاقات يعود إلى شخصية الشاب أو الفتاة إذ يشعر البعض بالخجل من اتباع الطريقة التقليدية في التعرف على الجنس الآخر في حين تختصر الدردشة الكثير من العناء كونه لا يرى الطرف الآخر مباشرة.
ويصف الاعتماد على الإنترنت وحده في بناء العلاقات العاطفية والصداقات بأنه ضرب من الهوس لدى البعض وأن الثقة في بناء صداقة جادة مع الآخر تتطلب استحضار الحواس ورؤية الطرف الآخر ومحاورته وليس فقط عبر غرف الدردشة في الإنترنت.
فيما يؤكد أخصائيون في علم الاجتماع أن العلاقات الإنسانية التي تقوم عبر شبكة الإنترنت تقود إلى أن احتمالات كذب الأشخاص أكبر من احتمالات صدقهم إذا ما واجهوا غيرهم وجها لوجه فالإنترنت يوفر الغموض الذي يمكن استغلاله أيضا لتحقيق مكاسب عاطفية شخصية بعيداً عن القيم والضوابط الاجتماعية وكذلك إمكانية استغلاله (الانترنت) من قبل أشخاص وأيضا التغرير ببعض الفتيات ووقوعهن فريسة لفئات لاهية كون الإنترنت تعد وسيلة استقطاب للكثير من الشباب حيث الفرصة الملائمة لأصحاب النفوس المريضة في الاستخفاف والتغرير بالشباب وبخاصة الفئة المراهقة التي قد لا تعي جيدا هذه الأساليب لإيقاعهم في شركهم وبالتالي تقودهم الى متاهات خطيرة قائمة على الكذب والخداع في اغلب الأحيان.
ويشددون على ضرورة عدم الوثوق بشكل كامل بهذه العلاقات وإلى أخذ جانب الحيطة والحذر في التعامل مع هذه الوسائل وعدم التخلي عن الضوابط الاجتماعية فهي وقاية للشباب من هذا العالم المجهول الذي لا يعرف مداه أحد.
ويقولون إنه بالرغم من أن هذه الوسيلة تحفها بعض المخاطر إلا أن هناك إقبالا عليها سواء من خلال مواقع الزواج أو الشات ملمحين إلى أن زواج الإنترنت هو أسلوب غير مقبول من المجتمع بالرغم من أنه مثل أي زواج معرض للنجاح والفشل ولكن اختلاف الثقافات ربما يؤدي لفشل هذا الزواج ولابد من ضوابط أخلاقية ودينية تحكمه.
ويدعون إلى دور أسري توعوي أكثر فاعلية في عملية الرقابة على الأبناء وبخاصة فئة المراهقين التي قد تستخدم هذه الوسيلة بطريقة غرائزية هروبا لبعضهم من أزمته المرحلية القائمة على التمرد واكتشاف كل مجهول، حاثين الشباب على الاستغلال الإيجابي لهذه الوسيلة الحضارية عبر تسخيرها في أعمال مفيدة ضمن منظومة العلاقات الرسمية التي تحكمها الضوابط الاجتماعية.
المفضلات