د. زكريا الشيخ يكتب.. الخط الحديدي الحجازي - الأردني.. تاريخ يتألق وحاضر يتألم ومستقبل مجهول!!!
الحقيقة الدولية - عمان
كتب رئيس مجلس إدارة "الحقيقة الدولية" الاعلامية الدكتور زكريا الشيخ مقالا حول الإهمال والمصير المجهول الذي تتعرض له مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني، "ما جعلها عرضة لصراع البقاء، الذي تلمس أنينه فور دخولك إلى مبناها الأثري المفعم بالنشاط والحيوية والأصالة في منطقة المحطة".
واضاف الدكتور الشيخ أن قطار سكة الحديد اصبح "محارب ومهمل من المسؤولين، ومرجوم بالحجارة من المواطنين، ومعتم عليه إعلاميا، وكأن لسان حاله يقول وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند".
ولفت الدكتور الشيخ في مقالته الى أن "الخط الحديدي الحجازي الأردني، هو وقف إسلامي، ورمز من رموز مملكتنا الحبيبة، وشاهد عيان على تاريخ أمتنا وقوتها، ولا يحق لأي كان أن يدثر هذا المعلم الإسلامي الهاشمي الأردني الأصيل مهما كانت المبررات والأسباب".
ودعا الدكتور الشيخ وزارة السياحة وأمانة عمان وغيرها من الجهات الرسمية ذات العلاقة، الى ان تولي هذا المشروع الإسلامي العملاق جزءا ولو يسيرا من اهتمامها.
وفيما يلي نص مقالة الدكتور الشيخ
صرخة استغاثة كما صفير قطاراته الأثرية الأصيلة ذات الدخان الأسود وماكيناته الحديدية العاملة على الفحم وضجيج صوته الذي يعيد للأذهان عبق التاريخ وإنجازات الأجداد، تلك الصرخة المدوينة التي تطلقها أزقة ومباني وموظفو مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني، معلنة حالة من القلق والمصير المجهول الذي تتعرض له هذه المؤسسة العريقة من إهمال، ما جعلها عرضة لصراع البقاء، الذي تلمس أنينه فور دخولك إلى مبناها الأثري المفعم بالنشاط والحيوية والأصالة في منطقة المحطة، وكأن الزمان يعود بك إلى عصور عديدة مضت ببساطتها القائمة على الفطرة، فهي مزيج بين الأصالة والحداثة.
الباشا محمود الخزاعلة، مدير عام المؤسسة، والدكتور عبد الله ملكاوي، المدير المالي والإداري ومعهما فريق عمل المؤسسة، بل أسودها، هم نماذج لرجالات الوطن المخلصين، الحريصين على كل جزئية من ممتلكات هذا الخط التاريخي، تجد في نظراتهم وتصرفاتهم حس المسؤولية الرفيعة لإعادة الهيبة والمكانة التي "اندثرت" لهذا المشروع الوطني الإسلامي التاريخي العملاق.
"يا محلى الأردن" شعار للرحلة التي نظمتها "الحقيقة الدولية" بالتعاون مع الخط الحديدي الحجازي الأردني يوم الجمعة الماضي، وبمشاركة ما يزيد عن 600 مواطن من مستمعي ومشاهدي إذاعة الحقيقة الدولية، تقاطروا من شمال الأردن إلى جنوبه من شرقه إلى غربه من باديته إلى وسطه، من كل مكان، اجتمعوا غرباء لا يعرفوا بعضهم بعضا، وافترقوا أسرة واحدة متحابة متعاضدة تعكس طبيعة وحقيقة النسيج الإجتماعي الأردني الرائع.
حقا "يا محلى الأردن"، لم أره يوما كما رأيته وأنا على متن المقطورة الملوكية ومعها تسع مقطورات أخرى، لا تقل بملوكيتها وهيبتها عن تاريخ هذا القطار الذي أعلن الملك المؤسس الشريف الحسين بن علي من على متنه قيام إمارة شرق الأردن عام 1921، وليس سرا أن أقول إنها كانت تجربتي الأولى بركوب هذا القطار والمرور من الأنفاق والجسور وصولا من المحطة إلى إستراحة الجيزة، وكم كان الحزن يعتصرني حينما رأيت حالة الإهمال التي تعتري مسار القطار وأنفاقه وحتى أن القطار أصبح هدفا للصبية يتقاذفونه بالحجارة، وهي ظاهرة غريبة أورثها الآباء للأبناء ممن يجاورون خط سكة الحديد وكأن القطار عدو لهم، في ظل غياب الرقابة الرسمية والتوعية الإعلامية لضمان سلامة وأمن الركاب وممتلكات القطار!!
يا حسرة عليك أيها القطار، محارب ومهمل من المسؤولين، ومرجوم بالحجارة من المواطنين، ومعتم عليك إعلاميا من إعلامنا الوطني، وكأن لسان حالك يقول وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: "وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند".
الخط الحديدي الحجازي الأردني، هو وقف إسلامي، ورمز من رموز مملكتنا الحبيبة، وشاهد عيان على تاريخ أمتنا وقوتها، ولا يحق لأي كان أن يدثر هذا المعلم الإسلامي الهاشمي الأردني الأصيل مهما كانت المبررات والأسباب.
تساؤلات نبوح بها إلى وزارة السياحة وأمانة عمان وغيرها من الجهات الرسمية ذات العلاقة، أما كان الأجدى بنا أن نولي هذا المشروع الإسلامي العملاق جزءا ولو يسيرا من اهتمامنا؟ أوليس هذا المشروع هو معلم تاريخي يشكل جذبا للسياحة، تماما كما هي البتراء ووادي رم والعقبة والبحر الميت وقلعة الكرك وعجلون؟ أين منهاج وزارة التربية والتعليم الذي تعزز انتماء الطالب لوطنه عن تاريخ هذا المشروع العملاق؟ مئات من الإسئلة يجب أن تجد إجابة وآذانا صاغية من المسؤولين قبل أن تقع الفاجعة ويصبح هذا المشروع تاريخا لا نراه ولا نقرأ عنه إلا في "سواليف الحصيدة"!! هذا إن بقيت هناك حصيدة من أصلها؟
المصدر : الحقيقة الدولية - عمان 27-4-2010
المفضلات