أخواني وأخواتي
كم من نساء في تاريخنا لا نعلم عنهن شئ
على الرغم من أنهن ضحَين بحياتهن في سبيل الله وسبيل إيمانهن بالله تعالى
اليوم سأعرض وأنقل لكم نساء من ذهب
حتى نعلم من هن تلك النساء ونتعلم من تضحياتهن لنستنير بقبسات من حياتهن وعسى أن نجاورهن بالفردوس الأعلى
بإذن الله
بسم الله نبدأ
ماشطة ابنة فرعون
لما أُسرى بالنبى ( شمَّ ريحًا طيبة، فقال: "يا جبريل ما هذه الريح الطيبة؟" قال: "هذه ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها"
[ابن ماجة].
انتشر أمر موسى- عليه السلام - وكثر أتباعه، وأصبح المؤمنون برسالته خطرًا مستمرّا، يهدد فرعون ومُلكه، وظل فرعون فى قصره فى حالة غليان مستمر يمشى ذهابًا وإيابًا، يفكر فى أمر موسى، وماذا يفعل بشأنه وشأن أتباعه، فأرسل فى طلب رئيس وزرائه هامان ؛ ليبحثا معًا ذلك الأمر، وقررا أن يقبض على كل من يؤمن بدعوة موسى، وأن يعذب حتى يرجع عن دينه، فسخَّر فرعون جنوده فى البحث عن المؤمنين بدعوة موسى، وأصبح قصر فرعون مقبرة للأحياء من المؤمنين باللَّه الموحدين له، وكانت صيحات المؤمنين وصرخاتهم ترتفع من شدة الألم، ووطأة التعذيب تلعن الظالمين وتشكو إلى ربها صنيعهم.
وشمل التعذيب جميع المؤمنين، حتى الطفل الرضيع لم ترحمه يد التعذيب، فزاد البلاء، واشتد الكرب على المؤمنين، فاضطر كثير منهم إلى كتمان إيمانه؛ خوفًا من فرعون وجبروته واستعلائه فى الأرض، ولجأ الآخرون إلى الفرار بدينهم بعيدًا عن أعين فرعون .
وكان فى قصر فرعون امرأة تقوم بتمشيط شعر ابنته وتجميلها، وكانت من الذين آمنوا، وكتموا الإيمان فى قلوبهم، وذات مرة كانت المرأة تمشط ابنة فرعون كعادتها كل يوم، فسقط المشط من يدها على الأرض، ولما همَّت بأخذه من الأرض، قالت: بسم اللَّه. فقالت لها ابنة فرعون: أتقصدين أبي؟ قالت:لا. ولكن ربى ورب أبيك اللَّه، فغضبَتْ ابنة فرعون من الماشطة وهددتها بإخبار أبيها بذلك، ولكن الماشطة لم تخف، فأسرعت البنت لتخبر أباها بأن هناك فى القصر من يكْفُر به، فلما سمع فرعون ذلك؛ اشتعل غضبه، وأعلن أنه سينتقم منها ومن أولادها، فدعاها، وقال لها : أَوَ لكِ ربٌّ غيري؟! قالت: نعم، ربى وربك اللَّه . وهنا جُنَّ جنونه، فأمر بإحضار وعاء ضخم من نحاس وإيقاد النار فيه، وإلقائها هى وأولادها فيه، فما كان من المرأة إلاَّ أن قالت لفرعون : إن لى إليك حاجة، فقال لها: وماحاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامى وعظام ولدى فى ثوب واحد وتدفننا، فقال: ذلك علينا. ثم أمر بإلقاء أولادها واحدًا تِلْوَ الآخر، والأم ترى ما يحدث لفلذات كبدها، وهى صابرة محتسبة، فالأولاد يصرخون أمامها، ثم يموتون حرقًا، وهى لا تستطيع أن تفعل لهم شيئًا، وأوشك الوهن أن يدب فى قلبها لما تراه وتسمعه، حتى أنطق اللَّه -عز وجل- آخر أولادها -وهو طفل رضيع- حيث قال لها: يا أماه، اصبري، إنك على الحق.
فاقتحمتْ المرأة مع أولادها النار، وهى تدعو اللَّه أن يتقبل منها إسلامها، فضَربتْ بذلك مثالاً طيبًا للمرأة المسلمة التى تعرف اللَّه حق معرفته، وتتمسك بدينها، وتصبر فى سبيله، وتمُتَحن بالإرهاب، فلاتخاف، وتبتلى بالعذاب فلا تهن أو تلين، وماتت ماشطة ابنة فرعون وأبناؤها شهداء فى سبيل الله، بعدما ضربوا أروع مثال فى التضحية والصبر والفداء.
اسيا زوجة فرعون
كانت تعيش في أعظم قصر في زمانها تحت يديها الكثير من الجواري والعبيد حياتها مرفهة . .. متنعمة . . . زوجها طغى وتجبر . . . وأراد أن يقدسه الناس . فنصب نفسه إلها عليهم . .. وأصدر قرار الألوهية من قصره فقال " أنا ربكم الأعلى " إنه فرعون .. . فرعون الذي نسي أنه كان نطفة مذرة . هذا المتكبر. .. بكل ما يملكه من مال وجنود وعبيد . . . تحداه أقرب الناس إليه . . . تحدته زوجته " اسية بنت مزاحم "
وهي إحدى أربع نساء هن سيدات نساء العالمين آسية التي آمنت برب العالمين . . . جاءت إلى زوجها المتكبر عندما قتل الماشطة التي كانت تمشط ابنتها … الماشطة التي قالت له متحدية : ربي وربك الله نتيجة لذلك التحدي قذفها في النار هي وأولادها .
فلم ترض زوجته " آسية " . . . لأنها أختها في الله والأخوة في الله . . . تنعدم فيها الطبقية بين الحرة والعبدة وبين الرئيس والمرؤوس . فأرادت أن تنتصر لأختها في الله فقالت لزوجها فرعون عندما أخبرها عن أمر الماشطة .
قالت له : "الويل لك ما أجرأك على الله "
فقال لها : " لعلك اعتراك الجنون الذي اعترى الماشطة؟ "
فقالت : ما بي من جنون ولكني آمنت بالله تعالى ورب العالمين .
وبعد ذلك . . . دعا فرعون أمها . . . قال لها : " إن ابنتك قد أصابها ما أصاب الماشطة . فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإله موسى . فخلت بهاأمها . .. وأرادتها أن توافق فرعون . ولكنها أبت وقالت : أما أن أكفر بالله فلاوالله . وهذا هو التحدي ... تحدي الواقع بكل ما يملك من قوة وجبروت وعندما رأى فرعون تمسكها بدينها وإيمانها خرج على الملأ من قومه
فقال لهم : "ما تعلمونمن آسية بنت مزاحم " ؟ . . . . . . فأثنى عليها القوم . . . ..
فقال : إنهاتعبد ربا غيري فقالوا " أقتلها "
أختي الفاضلة .. . أسمعت قول بطانة السوء . .. لقد قالوا : اقتلها ، وقبل ثوان كانوا قد أثنوا عليها بخير . . . من هذه البطانة الممتدة عبر التاريخ ! ! ومن ثم نادى فرعون زبانيته . . .
أوتدوا لها أوتادا وشدوا يديها ورجليها ووضعوها في الحر اللاهب ... تحت أشعة الشمس المحرقة ووضعوا على ظهرها صخرة كبيرة لقد كانت متنعمة بالفرش الوثيروشتى أنواع الطعام . . . والمقام الكريم ،والآن تضرب بالأوتاد تحت أشعة الشمس وعلى ظهرها صخرة كبيرة . أود يا أختي الفاضلة الآن أن تعقدي مقارنة بين الصورتين .
وليت فرعون وقف عند ذلك . . . إنما قال لزبانيته " انظروا أعظم صخرةفألقوها . فإن رجعت عن قولها فهي امرأتي . وأخذ يتلذذ بتعذيبها . . . وهذا شأن الطغاة في كل زمان .
وفي أثناء ذلك . . . نظرت إلى ما عند الله فقالت :
رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ، و نجني من فرعون وعمله، و نجني من القوم الظالمين " التحريم
و كشف الله عن بصيرتها فأطلعها على مكانها في الجنة ففرحت وضحكت وكان فرعون حاضراًً هذا المشهد .
فقال : ألا تعجبون من جنونها ؟ إنا نعذبها وهي تضحك فقبض الله روحها إلى الجنة رضي الله عنها . .. وألقيت الصخرة عليها .. فلم تجد ألما لأنها ألقيت على جسد لا روح فيه .
.. . . إنها وقفه إيمانية . . . نجد مدى إشراقة نورالإيمان في قلب هذه المؤمنة . امرأة وحيدة . .. ضعيفة جسديا . . . آمنة مطمئنة فيقصرها تتحدى واقعا جاهلياً يرأسه زوجها . لقد كانت نظرتها نظرة متعدية ..........تعدت القصر .. . تعدت الفرش الوثيرة . . . تعدت الحياة الرغيدة . . .
تعدت الجواري . . . العبيد . . . الخدم لذلك كانت تستحق أن يذكرها ربالعالمين في كتابه المكنون . ويضعها مثالا للذين آمنوا وذلك عندما قال تعالى " وضربا لله مثلاً للذين آمنوا ، امرأة فرعون .إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ، و نجني من فرعون وعمله، و نجني من القوم الظالمين " التحريم 11وقال العلماء عند تفسيرهذه الايةالكريمة لقد اختارت آسية الجار قبل الدار . واستحقت أيضأ أن يضعها الرسول صلى الله عليه وسلم مع النساء اللاتي كملن ، وذلك عندما قال : " كَمُلَ من الرجال كثير ولم يكَمُلَ من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت مران ، وإن فضل عائشة على النساءكفضل الثريد على سائرالطعام " .
اسية المؤمنة هي السراج الثاني الذي أضيء في ظلمات قصر فرعون . . والآن من يضيء لنا سراجا يشع منه نورأ حملا معه الصبر . . . الثبات . . . والدعوة إلى الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من أحب لقاء الله ، أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه
المفضلات