صحافة عربية وعالمية
روسيا تستعد لحروب مقبلة في البحار
لا شك أن تحركات قِطع الأساطيل البحرية العسكرية الروسية باتت تشكل مصدر قلق وتوتر كبير لدى دوائر عديدة في مختلف أنحاء العالم، خاصة أنها تحركات غير عادية وتفوق في حجمها والمسافات البعيدة التي تقطعها شكل المناورات العادية.
وآخر هذه التحركات كانت منذ أيام قليلة في الرابع من مايو الماضي، حيث وصلت المدمرةَ النووية الثقيلة «بطرس العظيم» والمدمرةَ «موسكو» إلى بحر العرب لتشارك في مناوراتٍ مشتركةٍ مع قطعٍ تابعة للقوات البحرية الهندية.
وبعد انتهاء المناورات سوف تَلتحق بالمدمرتين سفنٌ روسية تابعةٌ لأسطول البحر الأسود وأخرى لأسطول المحيط الهادئ لتواصلَ جميعُ القطعِ رحلتَها نحو منطقة الشرق الأقصى الروسية لتنفيذ مناوراتٍ استراتيجية في أغسطس القادم.
ومن المقرر أن يحضر هذه المناوراتِ الرئيسُ ميدفيديف شخصيا، ومن الملاحظ بوضوح أن قِطعَ الأساطيل الروسية أخذت تترد باستمرار إلى منطقة بحر العرب والمحيط الهندي بحجة أنها تساهمُ هناك في ضمانِ أمن الملاحة الدولية وحمايةِ السفن التجارية من القراصنة.
في حين يرى البعض أن الإبحار لمسافاتِ طويلةَ متوالية يهدف إلى استعراض بيارق البحريةِ الروسية وإلى إفهام العالم أن لدى روسيا أساطيل قادرةً على حماية مصالحها القومية حيثما تقتضي الحاجة ذلك، كما يلاحظ المراقبون أن الأسطول الحربي الروسي يسعى دائما للتواجد في المناطق التي كانت تحتكرها الأساطيل الأمريكية.
نائب رئيس الوزراء الروسي سيرجي إيفانوف صرح مؤخرا بأن أربعين في المائة من ميزانية الدفاع الروسية ستوجه للقوات البحرية، وخاصة القوات النووية الاستراتيجية وسلاح الغواصات، وقال إنه سيتم تزويد الأسطول البحري الروسي قبل نهاية العام الجاري بأربع وعشرين مقاتلة من طراز ميج ؟ 29 مصممة للإقلاع من على حاملات الطائرات.
كما أعلن إيفانوف أن روسيا ستشكل قوات أمن لحماية مصالحها في القطب الشمالي الذي بات منطقة لصراعات على ثرواته الطبيعية، وكانت الخارجية الروسية قد أبدت اعتراضها على المناورات العسكرية التي قامت بها النرويج في مياهها الإقليمية المطلة على المحيط الشمالي، باعتبار أن الاتفاقيات الدولية تحرم الأعمال العسكرية في القطبين الشمالي والجنوبي، ولكن روسيا تخشى عدم التزام الدول بهذه الاتفاقيات، ولهذا تستعد مبكرا لتأمين مصالحها في القطب الشمالي.
تحركات الأساطيل الروسية الأخيرة في البحار والمحيطات العالمية ليست مفاجأة بالنسبة للمراقبين، فقد أطلقت روسيا سفن أسطولها الحربي البحري منذ أواخر عام 2007 في جولات في البحار والمحيطات العالمية وصلت بعضها إلى تخوم المياه الإقليمية الأمريكية في بحر الكاريبي، وجابت المحيط الأطلسي بالقرب من قواعد عسكرية أمريكية.
وأصبحت قطع البحرية الروسية العملاقة مرابطة بشكل دائم في خليج عدن منذ أبريل الماضي، كما قامت 17 سفينة من سفن الأسطول الروسي بمناورات عسكرية بالذخيرة الحية في جنوب بحر اليابان في مارس من العام الماضي،.
وقامت أيضا سفن الأسطول الحربي الروسي بعدة مناورات عسكرية مشتركة مع سفن الأسطول الهندي بلغت منذ عام 2003 خمس مناورات، كان آخرها في شهر يونيو الماضي في بحر البلطيق، وقبلها في يناير من العام الماضي مناورات «أنديرا 2009» في المحيط الهندي، وتهدف هذه المناورات إلى التدريب على مواجهة الصراعات المحتملة في البحار والمحيطات.
وكان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قد صرح في فبراير عام 2009 بأن «عودة روسيا كقوة بحرية عظمى أمر تفرضه متطلبات الأمن والسلام الدولي».
اهتمام روسيا بتطوير أسطولها الحربي البحري واستعادة مكانتها في البحار والمحيطات الدولية يأتي نتيجة استشعار روسيا بخطورة الصراعات القادمة في البحار والمحيطات الدولية.
ويقول الأميرال فلاديمير فيسوتسكي «القائد العام للأسطول الحربي الروسي» إنه من الواضح أن البحار والمحيطات الدولية ستشهد في المستقبل القريب صراعات وحروب قوية، وأن ما يحدث في القرن الأفريقي والنشاط الغامض للقراصنة هناك يعطي مؤشرا قويا على هذا الأمر.
ولهذا فإن روسيا تولي اهتماما كبيرا لقواتها البحرية لحماية مصالحها ومصالح حلفائها وأصدقائها في كل أنحاء العالم، واستعدادا منها للحد من طموحات بعض القوى لفرض نفوذها وإشعال صراعات في البحار والمحيطات تخدم أغراضها ومصالحها الخاصة وتهدد الأمن والسلام الدوليين».
ليونيد ألكسندروفتش
البيان
المفضلات