ريم الرواشدة - علا صوتهما بالصراخ , وغادر الزوج الى عمله ,وحين عاد ,لم يجدها.
أتصل بذويها فأخبروه بأنها «حردانة» وبررت لجوءها الى بيت أهلها بان أبواب الاتفاق سدت في وجهها واسودت حياتها الزوجية,و لم تجد بدا من حمل حقيبة ملابسها فهي لم تستصعب الخطوة لأنها ربما المرة الخامسة التي تحمل فيها ضروراتها وتذهب.حاورهم فأخبروه بطلب جاهة لردها .
قصة الأربعينية «دعاء» تجدها عند ألاف النساء،فما زلن ونحن في العام 11 بعد الألفين يحردن إلى بيوت ذويهن.
وتقول دعاء» ما زلنا نختلف بسبب و بدون سبب...ولم اعد أطيق البيت ,حياتي تحولت إلى جحيم،ولا حل أمامي سوى ترك المنزل و الذهاب إلى منزل والدي،اعرف كثيرا ممن في حالتي وهن يجدن في ترك المنزل و الذهاب إلى منزل الأهل أو الأخوة و الأخوات ملاذا مؤقتا لحين تصويب الأوضاع».
وتضيف»سيأتي لمصالحتي,فهنالك سوابق,ففي كل مره احرد إلى بيت أهلي يأتي ليتفاهم مع والدي و أعود بعدها إلى المنزل وهذه عملية سنوية متجددة».
وتزيد»أتذكر أمي كيف كانت تتركنا و تذهب إلى بيت جدي كلما تشاجرت مع والدي وكنا نترك وحدنا مع والدي ويتولى مسؤولياتنا حتى يفقد السيطرة و يضطر إلى الذهاب لمصالحة أمي و أنا أجده أسلوبا جيدا للعلاج لكنه غير شاف».
وتشرح»في سنوات زواجنا الخمس الماضية وفي كل مرة اختلفت مع زوجي كان الحل الآني يأتي من قبل أهلي أو ذويه أو الأصدقاء و مع تكرار التجربة لم أجد بعد آلية ناجحة لعلاج مشاكلنا دون التدخل الخارجي».
وتزيد»أعترف بان حردي بات يشكل في السنوات الاخيرة خطوة غير فعالة,لكن ما العمل بالمقابل,لا يوجد من أستشيره للوصول إلى الحل غير أن اسمح بتدخل أهلي و أهله و الأصدقاء».
وتقول»الذهاب إلى بيت أهلي يؤمن لي هدوءا للتفكيرابتعادا عن مصدر المشكلة و يمنحني الوقت لأفكر بصبر وروية دون الحاجة لاستفزازي».
وتتمنى « شيوع ثقافة مراكز الاستشارات الزوجية للجوء إليه في حال تأزم المشاكل الزوجية دون الحاجة للحرد وحل الخلافات بعيدا عن تدخل الأهل».
بالمقابل،لا يرى الخمسيني إسماعيل حلا في حرد الزوجة في بيت أهلها،بل على العكس يقول انه «يرحل المشاكل إلى المستقبل».
و يقول»خروج المرأة من بيت الزوجية و»حردها» مشكلة بحد ذاته يزيد المشاكل سوءا ولا يحلها».
ويضيف»لا أؤمن بان الحل يأتي من أهلي أو أهلها أو الأصدقاء،بل أؤمن بأننا نحن قادرون على حل مشاكلنا بأنفسنا،فإن عجزنا عن حل خلافاتنا الشخصية فكيف نستطيع تربية أطفال هم جيل المستقبل».
ويكمل «قد ألجأ إلى مختص في العلاقات الزوجية أو مركز للاستشارات الزوجية لكني و زوجتي متفقان على سطحية»الحرد» في حل المشاكل،و نحن متفاهمان على ضرورة عدم الحرد أيضا لتأثيره المباشر على أبنائنا خاصة ما يتركه في نفوسهم من آسى و عدم القدرة على تفسير سلوك أمهم بالذهاب إلى منزل والديها وما يعنيه ذلك من تخل عنهم».
ويقول رئيس جمعية العفاف الخيرية مفيد سرحان «بالرغم من تغير الكثير من العادات الاجتماعية، والزيادة الكبيرة في أعداد المتعلمين والمتعلمات إلا أن بعض النساء ما زلن يمارسن عادة «الحرد» وتركها للبيت وذهابها لبيت أهلها.
ويقول»أن الحرد أول خيار تلجأ إليه المرأة للتعبير عن عدم توافق المرأة مع زوجها أو عدم رضاها عن تصرف أو سلوك، أو بسبب خلاف على قضية ما وهي في ذلك تمارس عادة توارثتها عن والدتها أو بالتأثر بصديقاتها أو قريباتها.»
ويعزو «حرد» المرأة المستمر»للجهل بمفهوم الحياة الزوجية والأسرة وأهدافها فالزواج في الأصل هو لتحقيق السكن والطمأنينة والاستقرار.»
ويزيد»مغادرة الزوجة لبيتها ينبغي أن لا يكون الخيار الأول إلا إذا كانت حياتها مهددة بالخطر، أو حماية نفسها من إساءة كبيرة لا يمكن معالجتها دون اللجوء إلى ترك بيت الزوجية.»
وينبه»إلى ضرورة أن يدرك الزوجان أن الحياة لا تخلو من المشكلات ولا يمكن أن نجد شخصين متطابقين تماماً في كل شيء، والمهم كيف نذلل المشكلات ونتعلم من الخطأ».
كما ينبه»إلى أن المرأة ليست وحدها المسؤولة عن حدوث المشكلات أو «الحرد»، فبعض الأزواج بسلوكياتهم يدفعون المرأة إلى الخروج من المنزل أو الإقدام على تصرفات غير محسوبة العواقب، فالرجل مطلوب منه أيضاً أن يستوعب المشكلة وأن يكون المبادر إلى الحل، لا أن يقف موقف الخصم العنيد الذي يريد للطرف الآخر أن يتنازل عن مواقفه وآرائه،وهدف المحافظة على الأسرة واستقرارها هدف سامٍ وكبير».
ويدعو»الزوجة للتفكير طويلا قبل الخروج من منزلها - وخصوصاً إذا طالت المدة- وأثر ذلك على الأبناء ونفسيتهم، فهي إما أن تأخذهم معها إلى بيت أهلها إن كانوا صغاراً، وإما أن يبقوا في منزل الأسرة إن كانوا كباراً، وفي كلتا الحالتين لمثل هذا السلوك أثر سلبي كبير على الأبناء ونظرتهم إلى الوالدين».
ويرى»لجوء النساء إلى ترك الأطفال عند الزوج من منطلق الضغط وإشعاره بأنه لا يمكن أن يعيش بدونها، وبالتالي عليه أن يتنازل ويقبل بالواقع أو يغير من سلوكه، تفكير خاطئ لا يراعي الحد الأدنى من مصلحة الأبناء، وربما مارس أهل الزوجة هذا الدور برفض مرافقة الأطفال لأمهم عند «حردها» من باب الضغط على الزوج، أو عدم رغبتهم في تحمل نفقاتهم أو مسؤولية وجودهم في منزل أهل الزوجة.»
ويشبه الواقع»بأنه معركة بين طرفين تمارس فيها كل أسلحة الضغط على الطرف الآخر، ويغيب عن الذهن البعد التربوي والقيمي والإنساني ومستقبل الأبناء.»
ويقول»لابد أن يدرك الزوجان أن خروج الزوجة من بيتها يعني تدخل أهل الزوج وأهل الزوجة وربما آخرين مما يزيد من المشكلات، ويجعل الآخرين على اطلاع على خصوصيات الأسرة التي ينبغي أن تبقى بين الزوجين، وأن يُربى الأبناء منذ الصغر على عدم إفشائها فلكل أسرة خصوصياتها.»
وينبه»إلى دور المجتمع ومؤسساته في الحد من هذه الممارسة «الحرد» ويبدأ ذلك بتوعية الشباب والفتيات إلى أهمية الأسرة وبنائها على أسس سليمة والمحافظة على استقرارها وعقد دورات للمقبلين على الزواج والمتزوجين الجدد تساهم في تدريبهم على أسس الحوار وحل المشكلات والتعامل مع الطرف الآخر والمحافظة على استقرار وأسرار بيت الزوجية.»
المفضلات