رغم أن اصداء سقوط نظام القذافي المدوي ما تزال تصمّ الاذان ويتقدم سؤال ماذا بعد القذافي أو ليبيا إلى أين؟، فإن لبنان يعيش ازماته المتلاحقة وتنخرط اكثريته الجديدة (فريق 8 آذار) كما المعارضة (14 آذار) في معركة كسر عظم (بين 8 و14) أو ليّ أذرع بين الحلفاء الجدد الذين انضووا تحت مظلة حكومة نجيب ميقاتي التي تصوب المعارضة عليها كل أسلحتها الإعلامية والسياسية وتحالفاتها الخارجية الإقليمية والدولية «واقل تهمة» توجه لها انها حكومة القتلة وحكومة حزب الله، كذلك ثمة ألغام مزروعة داخلها القوى والكتل التي جاءت الى السلطة على انقاض حكومة سعد الدين الحريري حيث لم يستطع الأخير ان يلعب دورا مؤثرا في المشهد السياسي رغم «الارث» الذي استحوذ عليه ورغم عملية التلميع والدعاية التي نهض به إعلامه، انصاره وشركات العلاقات العامة التي حاولت تسويقه، فلم يظهر إلاّ كرجل أعمال ولم يرق الى مستوى رجل دولة حتى بعد ان جلس على مقعد الرئاسة الثالثة التي توفرت على صلاحيات كبيرة بعد ان «سحب» اتفاق الطائف الشهير بعض تلك الصلاحيات من رئيس الجمهورية الماروني لصالح رئيس الوزراء السّني..
ما علينا..
حكومة نجيب ميقاتي نجت (حتى الآن) من ألغام عديدة أولها واكثرها خطورة القرار الاتهامي الذي اعلنته المحكمة الدولية الخاصة بلبنان والذي تم اتهام اربعة عناصر من حزب الله باغتيال رفيق الحريري ورغم ان الجدل والسجالات حول هذه القضية ما تزال محتدمة فان «الزلزال» الذي كان متوقعاً لم يحدث وبالتالي فإن الامور ما تزال تحت السيطرة حتى بعد نشر المقابلة التي زعمت مجلة «تايم» الاميركية انها اجرتها مع احد المتهمين ثم تبين لاحقاً انها جزء من فبركة او احبولة اعلامية لم تتضح تفاصيلها بعد وكادت ك(لغم ثان) ان تطيح حكومة ميقاتي او تُفككها.
«اللغم الثالث».. طازج ومرئي لدى الاكثرية الجديدة قبل غيرها وهو الذي قد يُطيّر الحكومة رغم ان «تفجيره» الذي كان مقرراً الاربعاء الماضي تم تأجيله حتى 7 ايلول الوشيك وهو يتلخص في «المناكفة» الدائرة الان بين جبهة النضال الوطني التي يقودها وليد جنبلاط والتيار الوطني الحر بزعامة الجنرال ميشال عون حول موضوع الكهرباء او تخصيص مليار ومائتي مليون دولار لبناء محطتي توليد 700 ميغاوات للشروع في حل ازمة الكهرباء التي تعصف بلبنان منذ سنوات طويلة.
الخلاف يبدو مفتعلاً ومحمولاً على خلفيات سياسية (وشخصية ايضاً) اكثر مما يتعلق بكيفية ادارة وصرف وتنفيذ مشروع حيوي بكلفة هائلة، يرى فريق عون ان الوزير المعني هو الذي يتولى عملية الانفاق والصرف والتوقيع فيما يريد جنبلاط ورئيس الحكومة ميقاتي ان يناط الاشراف على صرف المبلغ للحكومة وهو امر يرفضه عون ويقول انه سيغادر الحكومة إذا لم يتم اتخاذ اجراء كهذا..
المسألة اقرب الى الابتزاز وليس فقط المناكفة، وقد جرت العادة ان يجاز للوزير المعني صرف المبالغ للمشروعات التي تهم وزارته. وهنا يقول جنبلاط (مش فارقة معنا) حتى لو كنا كجبهة نضال نشكل اقلية في الحكومة، ثم يستطرد في غطرسة: ولا آبه إذا كان موقفاً هذا سيزعزع الحلف السياسي القائم. يعني ان الرجل يدرك قوة «الاوراق» التي بين يديه والظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان (وحلفاؤه في الحكومة وبخاصة حزب الله ايضا) ما يعني انه يسعى للمساومة وضرب الجنرال عون تحت الحزام بعد ان «لم يوفره» الاخير وبخاصة ازاء تذبذب مواقفه السياسية.
هل تطير حكومة ميقاتي؟.
في انتظار السابع من أيلول القريب، يبدو ان عطلة العيد ستمنح فرصة للوسطاء كي يقوموا بدورهم وايضا في ما ستسفر عنه الأزمة في سوريا.
المفضلات