إن ظاهرة العنف الجامعي في الأردن، ظاهرة جديدة وغريبة على مجتمعنا الأردني، وقد أخذت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة منحى مختلفاً وغدت تطفو على السطح وتشغل بال الناس جميعاً وخاصة القوى الاجتماعية والعشائرية والتعليمية والسياسية إضافة إلى البعد الأمني الذي تقع عليه مسؤولية وتداعيات المشكلة برمتها.. ولعل انعكاس هذه المشكلة الظاهرة على السلم الاجتماعي هو ما يقلق الجميع، في ظل تزايد هذه الاحتقانات الطلابية ونزوعها إلى العنف والتهديد واستخدام السلاح في تنفيذ نوبات العصبية والغضب اتجاه الآخرين.. ؟! وذلك من خلال إطلاق النار المباشر أثناء المشاجرات دون مراعاة وحساب للنتائج المترتبة على هذا السلوك الإجرامي الذي عادة ما يخلّف وراءه القتل والموت المجاني لأبرياء لم يرتكبوا ذنباً أو جرماً حقيقياً كي يعاقبوا عليه بالموت الفوري والبشع.. ؟! إن هذا السلوك الإجرامي الذي بدأ منذ سنوات في جامعتنا الأردنية الرسمية وغير الرسمية يشير إلى خلل خطير في النظام التربوي في مدارسنا وجامعاتنا وغدت الأمور في هذا السياق مختلطة وملتبسة على الفهم والاستيعاب وتطرح أكثر من ألف سؤال وسؤال حول هذه الظاهرة الخطيرة، ترى من المسؤول عن هذه المشكلة التي بدأت تفرز ما تفرزه من الأحقاد والثأرات بين المجتمع الأردني ؟
لماذا تستعمل الأسلحة النارية وأيضاً الأسلحة البيضاء ؟! لماذا يحتكم هؤلاء الطلاب الجامعيون في حل مشاكلهم التافهة
إلى السلاح الناري ؟!
أليس هناك وسيلة أخرى للتعبير عن الغضب والتشنج غير المبرر؟ وأيضاً لماذا يدخل السلاح إلى حرم الجامعات وإلى داخل القاعات الدراسية ؟ كيف يجرؤ طالب العلم الجامعي على استعمال السلاح الناري ضد زميله الطالب الجامعي دون وازع من خلق أو دين أو ضمير وكأنه عدوه اللدود.. ؟! لماذا تلك المشاجرات الطلابية الفارغة من مضمونها والتي تأخذ طابع العشائرية والفزعة في كثير من حالاتها.. ؟! وما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراءها ومن هي الجهات المستفيدة من هذا العنف الاجتماعي الجامعي ولماذا أصبحت تزداد هذه المشكلة في جامعاتنا يوماً بعد يوم..؟!
نحن نعلم أن الجامعة هي منارة للعلم وتنمية للفكر والعقل وصياغة للشخصية وتطويرها والطالب الجامعي يعتبر في مجتمعنا قدوة حسنة للآخرين ونموذجاً حسناً يحتذى به في الوعي والإدراك والمسؤولية، إلا أنه وللأسف باتت سمعة الجامعة والجامعيين هذه الأيام على المحك وهنا لا أعمم فهناك طلاب محترمون ومتميزون في العلم والخلق ويأتون للجامعة من أجل التعلم وخدمة مجتمعهم والوطن، بقي القول أن هناك أسباباً كثيرة ومتعددة تقف وراء ما يسمى العنف الجامعي وهذه الأسباب ربما تكون حقيقية وربما تكون غير ذلك وهي:
- الإحباط لدى بعض الطلاب الجامعيين في عدم جدوى التعليم الجامعي طالما لا يوجد وظائف حكومية أو خاصة جاهزة لهم عند التخرج.
- الحالة المعيشية والاقتصادية للطالب الجامعي حيث الكثير من الطلاب لا يستطيعون تغطية مصاريف الجامعة من رسوم وكتب والمترتبة على ذويهم.
- المصاريف الخاصة للطالب الجامعي وهي المصاريف اليومية من مواصلات ومأكل ومشرب وتدخين ولباس حيث الكثير من الطلاب لا يوجد لديهم ما يكفي لتغطية هذه الحاجات الضرورية أسوة بزملائهم الميسورين.
- الفراغ الذي كثيراً ما يواجه الطالب بعد المحاضرات أو قبلها وفي سحابة النهار وهذا ربما يدفعه إلى الالتحاق برفقاء السوء وربما الانحراف والبعد عن المطالعة والقراءة وربما مقاطعة التعليم.
- وذلك هو العامل الأخطر حيث يقوم الطالب بالتعرف على طلاب من نفس المستوى والنوعية في الإهمال واللامبالاة واللاجدوى والالتحاق بهم ومصاحبتهم والسير بسلوكهم وأخلاقهم ثم تشكيل فريق أو شلة فيما بينهم وذلك لخلق المشاكل
بين الطلاب وإثارة النعرات والفتن ومعاكسة الطالبات وهذا ما يجعل المشاكل تحدث في الأوساط الطلابية الأخرى نتيجة لذلك.
وفي الختام على الجهات المسؤولة كافة دون استثناء الحكومية والأهلية والتعليمية والسياسية أخذ هذه المشكلة بعين الجد والموضوعية والاهتمام ومحاولة معالجتها من خلال هذه النقاط الآنفة الذكر في سبيل حل هذه المشكلة والظاهرة الخطيرة التي بدأت تغزو مجتمعنا وجامعاتنا الأردنية.
جريدة الرأي .. علي القيسي
المفضلات