عيون العالم تتجه اليوم إلى شرم الشيخ وسط مخاوف من تفجُّر الخلافات مبكرًا
الخلافات على تجميد الاستيطان يهدد بفشل الجولة الثانية من المفاوضات المباشرة وصراع فلسطيني – صهيوني على جدول الأعمال
الحقيقة الدولية – شرم الشيخ – محمد الحر
وسط مخاوف من تفجُّر الخلافات مبكرًا يجتمع اليوم الثلاثاء رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بمنتجع شرم الشيخ المصري في جولة تستغرق يومًا واحدًا بمشاركة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في محادثات ستكشف مدى جدية نوايا كافة الأطراف وذلك بعد الاحتفال باستئناف المفاوضات المباشرة رسميًّا في واشنطن.
وعلمت " الحقيقة الدولية " من مصدر دبلوماسي مصري إن هيلاري كلينتون طلبت من نتنياهو تجديد التمديد لتجميد الاستيطان أربعة شهور كما أشار المصدر ذاته إلى أن صراعًا شرسًا سيدور خلال الجولة على تحديد جدول أعمال المفاوضات باعتبار أنه يحدد مسار العملية التفاوضية.
فيما يرى المراقبون أن هذه الجولة من المفاوضات قد تفشل بسبب الخلافات على تجميد الاستيطان فيما لم يتوصل الطرفان حتى إلى التفاهم على جدول للأعمال كما ذكرت وسائل الإعلام الصهيونية نقلاً عن مصادر حكومية.وقد حذر الفلسطينيون من جهتهم من أن انتهاء تجميد البناء لمدة عشرة أشهر في المستوطنات اليهودية في 26ايلول - سبتمبر سيعني نهاية الحوار المباشر.
و أكد دبلوماسيون فلسطينيون أن الاتفاق على جدول أعمال المفاوضات سيكون ساحة لصراعات شرسة باعتبار أن ما يتم الاتفاق عليه في جدول الأعمال يحدد مسار المعركة التفاوضية حيث يحاول كل طرف وضع البنود التي تحقق مصالحه الأمر الذي يتيح للطاقم الأميركي الذي سيراقب عن بعد مجرى الاشتباك التفاوضي مساحة التدخُّل والضغط باتجاه جسر الهوة بين الموقفين لتجنب انهيار هذه العملية حتى قبل أن تبدأ.
وهناك انقسام حاد داخل الكيان الصهيوني بشأن مسألة تجميد الاستيطان فجناح أقصى اليمين المؤلف من ممثلي الأحزاب الدينية وحزب" إسرائيل بيتنا" بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان وعدد من وزراء حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو يرفضون أي تجميد وفي المقابل يؤيد حزب العمل الذي يحظى بـ13 مقعدًا نيابيًّا فقط تمديد التجميد وقال النائب دانييل بن سايمون "من غير الوارد نسف المفاوضات بإعادة إطلاق عمليات البناء".
يضاف إلى هذا المقترح السعي الصهيوني إلى تجزئة جدول الأعمال إلى جداول مخصصة لكل قضية من قضايا الحل النهائي مثل: القدس، اللاجئين، المستوطنات، المياه، الحدود، الأمن، بحيث يجعل لكل قضية جدول أعمال خاصًا بها ما يعني في حال موافقة الجانب الفلسطيني على ذلك نجاحه في تجزئة المفاوضات إلى مراحل بحيث ترتبط كل مرحلة بنجاح المرحلة التي قبلها ويحقِّق من وراء ذلك كسب وقت طويل للوصول إلى نهاية المفاوضات قد يصل إلى عشرات الأعوام من خلال قدرته على تعطيل وعرقلة تنفيذ أية مرحلة يريدها.
ويرفض الفلسطينيون مبدأ تجزئة القضايا ويطالبون بمفاوضات رزمة واحدة وبعد الاتفاق فإنهم لا يعارضون فكرة مرحلية التطبيق لما يتم الاتفاق عليه وكما أكده مسؤول فلسطيني بارز فإن الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي ينظر بعين إلى هذه المفاوضات وعينه الثانية على انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني - نوفمبر المقبل وافق خلال اجتماعات واشنطن على مطلب الجانب الفلسطيني بالبدء في المفاوضات على الحدود والأمن وأضاف بند التبادلية حيث يمثِّل هذا الموقف الأميركي الذي وصفه بالمتقدم دعمًا للفلسطينيين حيث يرى أن حسم المفاوضات حول الحدود يحسم معظم قضايا الحل النهائي.
ويرى مراقبون أن مفاتيح تفجير هذه المفاوضات في قبضة الجانب الصهيوني لكنه يسعى جاهدًا من أجل إجبار الفلسطينيين على تحمل مسؤولية التفجير من خلال آلة إعلامية تجيد الترويج على المستوى الدولي وخاصة الغربي منه وإقناعه بأن الفلسطينيين هم الذين يتحمَّلون مسؤولية أية تفجيرات محتملة في هذه المفاوضات على غرار ما جرى بعد مفاوضات كامب ديفيد الثانية بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الصهيوني في حينه إيهود باراك.
ونقلت الصحف الصهيونية عن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو خلال اجتماع وزراء حزب "الليكود" أنه ألمح إلى إمكانية موافقته على تجميد جزئي للبناء في المستوطنات لكنه اشترط مجددًا أن يعترف الفلسطينيون بيهودية "إسرائيل" وذلك قبل يومين من جولة المفاوضات في شرم الشيخ. ونسب موقع صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية لنتنياهو قوله لدى تطرقه إلى تجميد الاستيطان خلال اجتماع وزراء الحزب هناك كل شيء أو لا شيء لكن ثمة خيارات وسطية أخرى أيضًا في إشارة إلى حلول وسط بشأن مسألة تمديد التجميد الجزئي للاستيطان في الضفة الغربية بعد انتهاء الفترة نهاية الشهر الحالي.
ونقلت الصحيفة الصهيونية عن وزيرة الثقافة والرياضة إنها طالبت باستئناف البناء في المستوطنات وقال الوزير ميخائيل إيتان إنه ينبغي أخذ الأجواء الدولية بالمطالبة بتجميد الاستيطان بالحسبان. لكن عضو هيئة السباعية الوزارية بيني بيغن رفض إجراء بحث حول تمديد التجميد وقال سنعود إلى تنفيذ أعمال البناء فورًا.
وقال نتنياهو خلال اجتماع حكومته الأسبوعي إنه مثلما نطالب بالاعتراف بالدولة القومية الفلسطينية وعبرت عن هذه الموافقة خلال العام الأخير فإننا نطالِب الفلسطينيين ونتوقع منهم الاعتراف بدولة يهودية وأن تكون "إسرائيل" الدولة القومية للشعب اليهودي وهذا هو الأساس الحقيقي للسلام. لكنه واصل محاولاته للتهرُّب من التعهُّد الواضح بتجميد الاستيطان. وقال إننا نعيش على رقعة الأرض نفسها لكن في الوقت الذي نتحدَّث عن حل الدولتين القوميتين، يهودية وفلسطينية فإنني لا أسمع من الجانب الآخر جملة دولتين للشعبين بل أسمع دولتين ولا أسمع شعبين.
فيما ذكرت صحيفة "ها آرتس" بأن خلافات شديدة بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية حول القضايا التي ينبغي بحثها في مفاوضات شرم الشيخ ونقلت الصحيفة عن مسؤول سياسي صهيوني رفيع المستوى قوله إن نتنياهو يريد أن تتمحور هذه المفاوضات بداية حول الترتيبات الأمنية واعتراف الفلسطينيين بيهودية "إسرائيل "وتعبير الفلسطينيين عن استعدادهم للإعلان عن نهاية الصراع بعد التوصُّل إلى اتفاق.
وفي موازاة ذلك يطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس " أبو مازن " بأن تبدأ المفاوضات برسم حدود الدولة الفلسطينية كما أن قيادة السلطة ترفض بشدة الاعتراف بيهودية "إسرائيل".
المفضلات