ظهر على السطح وبقوة في هذه الايام مقولة مفادها انه يجوز اتمام الحج خلال اشهر الحج المعلومة
ولكن لاسباب التنظيم والمشقة على القائمين بخدمة الحجيج .. فضلوا ان يكون الحج بالوقت والزمان
المعمول به حالياُ .. ولذلك اسمحوا لي بنقل التالي لعل به من الفائدة ما نرد به على فتنتهم هذه
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
فقوله سبحانه "الحج أشهر معلومات" ليس معناه أن يحج المسلم متى شاء في هذه الأشهر بحيث ينقسم المسلمون على دفعات في الحج ، وإنما معناه أنه لا يجوز البدء في الحج قبل ميعاده وأشهره ( شوال وذو القعدة وذو الحجة) على رأى ، ويجوز أن يحرم قبل شوال على رأى ، ولكن الجميع متفقون على عدم جواز أعمال الحج قبل وقته.
وكذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم -- - الحج عرفة - ليس معناه أن يقف المسلم بعرفة متى شاء.
وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء موضحا بالعمل والقول لكتاب الله تعالى ، وقد وقف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة، وقال: خذوا عنى مناسككم ، كما أدى أعمال الحج الأخرى في أوقات معلومة. وقد أجمع العلماء جميعاً أن الوقوف بعرفة لا يصح إلا في يوم التاسع من ذي الحجة، لم يخالف في ذلك أحد .
ومصادر الشرع معلومة ومتفق على أن الأحكام تؤخذ من القرآن والسنة ، والإجماع والقياس .
وقال صلى الله عليه وسلم: ( لا تجتمع أمتي على ضلالة).
كما أن المقصود بالحج اجتماع المسلمين في وقت ومكان واحد.
وإليك أخي الكريم كلام المفسرين في معنى الآية:
يقول الإمام ابن كثير في تفسيره:
اختلف أهل العربية في قوله "الحج أشهر معلومات" فقال بعضهم تقديره الحج حج أشهر معلومات فعلى هذا التقدير يكون الإحرام بالحج فيها أكمل من الإحرام فيما عداها وإن كان ذاك صحيحا والقول بصحة الإحرام بالحج في جميع السنة مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وبه يقول إبراهيم النخعي والثوري والليث بن سعد.
واحتج لهم بقوله تعالى "يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج" وبأنه أحد النسكين فصح الإحرام به في جميع السنة كالعمرة.
وذهب الشافعي رحمه الله إلى أنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره فلو أحرم به قبلها لم ينعقد إحرامه به وهل ينعقد عمرة فيه قولان عنه.
والقول بأنه لا يصح الإحرام بالحج إلا في أشهره مروي عن ابن عباس وجابر وبه يقول عطاء وطاوس ومجاهد رحمهم الله والدليل عليه قوله "الحج أشهر معلومات" وظاهره التقدير الآخر الذي ذهب إليه النحاة وهو أن وقت الحج أشهر معلومات فخصصه بها من بين سائر شهور السنة فدل على أنه لا يصح قبلها كميقات الصلاة.
وقول الصحابي من السنة كذا في حكم المرفوع عند الأكثرين ولا سيما قول ابن عباس تفسيرا للقرآن وهو ترجمانه.والله أعلم.(انتهى)
وقال الإمام القرطبى:
واختلف في الأشهر المعلومات; فقال ابن مسعود وابن عمر وعطاء والربيع ومجاهد والزهري: أشهر الحج شوال وذو العقدة وذو الحجة كله.
وقال ابن عباس والسدي والشعبي والنخعي: هي شوال وذو القعدة وعشرة من ذي الحجة; وروي عن ابن مسعود, وقاله ابن الزبير .
وفائدة الفرق تعلق الدم; فمن قال: إن ذا الحجة كله من أشهر الحج لم ير دما فيما يقع من الأعمال بعد يوم النحر; لأنها في أشهر الحج.
وعلى القول الأخير ينقضي الحج بيوم النحر, ويلزم الدم فيما عمل بعد ذلك لتأخيره عن وقته.
ولم يسم الله تعالى أشهر الحج في كتابه; لأنها كانت معلومة عندهم.
ولفظ الأشهر قد يقع على شهرين وبعض الثالث, لأن بعض الشهر يتنزل منزلة كله, كما يقال: رأيتك سنة كذا, أو على عهد فلان.
ولعله إنما رآه في ساعة منها; فالوقت يذكر بعضه بكله, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أيام منى ثلاثة).(انتهى)
وأما حديث: - الحج عرفة - فقد رواه الترمذي عن عبد الرحمن بن يعمر
أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة فسألوه فأمر مناديا فنادى : ( الحج عرفة ،من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه)
وقال الترمذي: قال سفيان بن عيينة وهذا أجود حديث رواه سفيان الثوري .
والعمل على حديث عبد الرحمن بن يعمر عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أنه من لم يقف بعرفات قبل طلوع الفجر فقد فاته الحج ولا يجزئ عنه إن جاء بعد طلوع الفجر ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل وهو قول الثوري والشافعي وأحمد وإسحق .
وقال وكيع عن هذا الحديث : هذا الحديث أمالمناسك .
وجاء في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي:
( الحج عرفة ) أي الحج الصحيح حج من أدرك يوم عرفة قاله الشوكاني . وقال الشيخ عز الدين عبد السلام : تقديره إدراك الحج وقوف عرفة وقال القاري في المرقاة : أي ملاك الحج ومعظم أركانه وقوف عرفة لأنه يفوت بفواته .
( من جاء ليلة جمع ) أي ليلة المبيت بالمزدلفة وهي ليلة العيد
( قبل طلوع الفجر ) أي فجر يوم النحر أي من جاء عرفة ووقف فيها ليلة المزدلفة قبل طلوع فجر يوم النحر وأورد صاحب المشكاة هذا الحديث بلفظ : من أدرك عرفة ليلة جمع قبل طلوع الفجر
( فقد أدرك الحج ) أي لم يفته وأمن من الفساد ...
ويقول الشيخ صالح بن فوزان الفوزان ...
يقول الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ...} الآية [سورة البقرة: آية 197] يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة الميقات الزماني للحج، وهو شهر شوال وشهر ذي القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، فمن أحرم في هذه الفترة فقد أحرم في أشهر الحج، وينعقد إحرامه بالحج بإجماع المسلمين، ويجب عليه أن يتجنب الرفث وهو الجماع ودواعيه؛ لأن ذلك محرم على المحرم، والفسوق وهو المعاصي، وإن كانت المعاصي محرمة على المؤمن دائماً إلا أنها يشتد تحريمها وإثمها في حالة الإحرام، والجدال وهو المخاصمة؛ لأن المخاصمة تفضي إلى أمور محذورة من الأقوال والأفعال، وتوغر الصدر، وتشغل عن طاعة لله سبحانه وتعالى، فلهذا نهى عنها، إذا كان الجدال لأجل إحقاق حق وإبطال باطل، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [سورة النحل: آية 125]، ويقول: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [سورة العنكبوت: آية 46] أما إذا كان الجدال لغير بيان الحق ودحض الباطل فإن المسلم منهي عنه في كل أحواله، ولا سيما في حالة الإحرام، هذا ملخص معنى الآية الكريمة.
وأما قوله تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [سورة الحج: آية 28]، فإنه يبين سبحانه وتعالى الحكمة في مشروعية الحج أي ليحضروا هذه المنافع في الحج، وهي منافع دينية ومنافع دنيوية، ولم يحددها الله سبحانه وتعالى، لأنها كثيرة، وهذا دليل على أن الحج فيه خيرات كثيرة ومنافع عظيمة للمؤمن في دينه ودنياه.
أما قوله صلى الله عليه وسلم: "الحج عرفة" (رواه أبو داود في سننه)، فمعناه أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم من أركان الحج مثل قوله صلى الله عليه وسلم: "الدعاء هو العبادة" (رواه أبو داود في سننه)، لأن الدعاء من أعظم أنواع العبادة، وليس معنى ذلك أن الوقوف بعرفة هو الحج كله، بل هناك أعمال أخرى للحج أركان وواجبات له وسنن، ولكن هذا من باب بيان أهمية الوقوف بعرفة، وأنه هو الركن الأعظم من أركان الحج.
منقول .. من مصادر عده
المفضلات