'عالم مضطرب على خلاف ما يبدو عليه من هدوء وسكينة ، منذ تطأ أقدامنا الفراش ، نرحل في دروب مختلفة ...ظلام ، شخير ، تقلب مزعج ، كلام ، أحلام أو أضغاث واحيانا كوابيس نصحو منها مذعورين ، قلقين ، ريقنا ناشف '' هكذا يرى البعض النوم .. ومابين طائر له جناحان يلامس بهما جباه البشر فينقلهم الى دنيا الأحلام والسحر، وصبي غلب عليه نعاس ينتقل الى عيون المتعبين ، و شيخ أنهكه السفر اتكأ على عصاه ونام ، تجسدت صور النوم لدى اليونانيين والرومانيين القدماء ، وفي العصر الحديث أشغل البحث في اسراره وخفاياه وفوائده بال الباحثين وطيّر النوم من عيونهم .
وبرغم دراسات تؤكد بأن الانسان يقضي ثلث عمره نائما ، إلا أن إحصائية للباحثين ''نورمان أودون''و''أليس شفاتز'' تفيد بأن 50% من الاشخاص في الغرب لايناموا بصورة جيدة ، والثلث منهم يتناول أقراصا منومة ، وتصل نسبة من لديهم أرق خلال مرحلة المراهقة من الجنسين 15% ، فيما يتعذر على 75% ممن تجاوزوا الخمسين وأكثر الخلود إلى النوم لأسباب لها علاقة بتقدم العمر!!
حين يغلب النوم فهو سلطان ،بحرعميق يغط فيه كثيرون ولكن بطقوس لم تغفل حتى تلك الثياب الخاصة به .تقول '' رؤى 29عاما '' : ارتداء'' البيجامة '' يعني اول خطوة في طريق النوم ،اذ لايمكن ان انام بدونها ،بعدها أحاول ان أشغل تفكيري بما سأرتديه من ملابس في اليوم التالي، أو أقوم بحسبة ما أنفقت من نقود لكني ابتعد عن استرجاع ماحدث معي خلال اليوم سواء في العمل اوالبيت ، فدائما هناك ما لايسر وقد يربك نومي ، و يلخص '' أسعد 27عاما'' عادات قبل النوم فيقول :'' لااستطيع النوم الا اذا كان الراديو بجانبي ، استمع من خلاله لبعض الاغنيات بصوت خافت ، ثم ما البث ان أنام بعمق ،فانا ممن يشهد لهم بالنوم الثقيل ، لا اصحو بسهولة ، ولا يمكن ان أنام ووجهي مكشوف سواء في الصيف ام الشتاء؟، لقد تعودت على ذلك منذ كنت صغيرا. وتحرص '' نداء 25عاما '' ، على اجراء مكالمة مع شقيقتها المتزوجة قبل أن تنام، تسرد من خلالها ما حدث معهما طيلة اليوم ، فهما لاتلتقيان سوى مرة كل اسبوع او اثنين ،والتواصل اليومي يكون من خلال الموبايل ، حيث المكالمات تكون ارخص في الليل.
وكغيره من الطلاب اعتاد '' ليث 12عاما'' أن يذهب الى فراشه في الثامنة مساء حتى يصحو باكرا من اجل الذهاب الى المدرسة ويقول :'' احيانا لااكون ''نعسان '' فأحاول ان استرجع ماحدث معي طول اليوم أو أتذكر بعض المعلومات ، ثم أصحو في اليوم التالي وقد ترسخت في ذهني تماما.
لكن النوم يكون احيانا في النهار، قيلولة يحرص كثيرون عليها وبدونها يفقدون التركيز بخاصة لدى من يعمل بنظام الفترتين :''ويقول حسن 54عاما '':من الصعب الا اغفو ولو نصف ساعة على الأقل، فهي طاقة تمنحني بعض النشاط والحماس للعمل الذي يمتد حتى ساعة متأخرة من الليل ،
بعض المسلكيات المزعجة أثناء النوم مثل شخير حاد ارتبط بالازواج ، او بكاء اطفال حديثي الولادة يحرم زوجات وأمهات يشاركونهم ذات الغرفة نوما هانئا ، بخاصة اذا كن ممن يصحين على ''دبة النملة'' كما هوحال ''فاطمة '' وتقول: منذ أربعة أشهر لم اذق طعم النوم ، لدي توأم ومن الصعب ان اضبط مواعيد نومي بحسب نومهما ،.كم اتوق لان اغط في نوم عميق بضع ساعات.، كما كنت في السابق.
وبحسب مختصين في طب النوم ، فان التمتع بنوم صحيح يقتضي ضبط مواعيد الاستيقاظ والابتعاد عن المنبهات في المساء و اللجوء للطبيب في حالة نقص أو زيادة أوحدوث أشياء غريبة أثناء النوم ، و عدم تناول عقاقير دون استشارة طبية، أما عدد ساعات النوم فتختلف من شخص الى اخر وتتراوح مابين 5-11ساعة ، وان كان قلتها او زيادتها تعتمد في جانب كبير على الوراثة ، ويتراوح متوسط مايحتاجه الانسان من النوم 7-8 ساعات يوميا.
''لا أرق بعد اليوم '' ، وعودا تقطعها وسادة صممها باحثون يابانيون حديثا أطلقوا عليها ''طبيب النوم '' مغطاة بنسيج ناعم ومزودة بلواقط تحسب ساعات النوم العميق وتسجل حركات الرأس والجسم يمكن من خلالها تحسين عادات النوم تقدم لمستخدميها 40نصيحة على شاشة صغيرة ، وقد تقترح عليهم أخذ حمام دافىء ، أو الاسترخاء ثم تعزز ذلك بكلام مشجع اكثر ، يساعدفي تجاوزهم هذه الاضطرابات التي تنغص لياليهم.
يبدو أن فوائد النوم التي تجاوزت التمتع بصحة جيدة ونشاط وتركيز ذهني يمكن من خلاله استحضار الماضي عبر تنشيط قوي للذاكرة وتخزين المعلومات وتطوير المهارات والمواهب المختلفة إلى قيادة آمنة للمركبات ، واكتساب الرشاقة المرغوبة ، تدعو عشاق السهر لإعادة حساباتهم من جديد وان يكفوا عن ترديد '' ما اطال النوم عمرا ولا قصر في الاعمار طول السهر'' ، والتي كان يجد فيها كثير من طلاب التوجيهي بعض العزاء ، بخاصة فترة الامتحانات حيث تمتد الدراسة إلى ساعة متأخرة من الليل او حتى بزوغ الفجر.!!
المفضلات