نتابع ما بدأناه في الجزء الاول ...
متى تبدأ الصراعات النفسية؟
تبدأ مقدمات الحالات النفسية المرتبطة بالحرب والقتال في الظهور قبل نشوب القتال نتيجة للتوتر والقلق الذي يُصاحب
فترة الانتظار والترقب.
ولعل وسائل الإعلام لها الدور الكبير في هذا التوتر والذي يُطلق عليه الحرب النفسية:
وهي استخدام مخطط من جانب دولة أو مجموعة من الدول لدعاية لها من خلال إجراءات إعلامية موجهة إلى جماعات عدائية أو محايدة أو صديقة؛ للتأثير على آرائها وعواطفها وسلوكها بطريقة تعين على تحقيق سياسة وأهداف الدولة أو الدول المستخدمة.
وفي الإسلام لعبت الحرب النفسية دوراً كبيراً في العديد من الفتوحات ولممارسات الميدانية، فيقول اللَّه تعالى:
﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾، وقول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): "نُصرتُ بالرعب مسيرة شهر".
وفي الحروب المعاصرة تحولت الحروب النفسية من وسيلة عرضية بسيطة إلى أداة عسكرية ورئيسية، فقد ساهمت الحرب النفسية في كسب الحرب أثناء الحربين العالميتين الأولى والثانية.. والسبب في ذلك استخدام الذعر والانهيار العصبي.
فقبل الحرب تلعب الحرب النفسية دوراً كبيراً وتساهم في تفشي الضجر والعصبية الزائفة.. وسيطرة مشاعر الخوف والرهبة كما تظهر الكثير من الأعراض المرضية كسرعة خفقان القلب واضطرابات النوم والصداع.. وهذه نتيجة للحالة الانفعالية في فترة الانتظار التي تسبق المعارك.
وتساهم طول المدة التي يعيشها الإنسان وهو يترقب ما سيحدث وتنبؤاته بشكل الحرب التي من الممكن أن تشن عليه.. هل سيتعرض للغازات السامة ؟ وما هي كمية الصواريخ التي ستسقط على مدينته ؟ وكيف ستكون الغارات الجوية ؟
وما هو مصيره ومصير أسرته ؟ كل هذه التساؤلات ومحاولة الإجابة عليها لها تأثير سيئ من الناحية النفسية.
حيث يلاحظ ذلك على الأفراد من خلال فقدان روح المرح والدعابة والكآبة التي تبدو على الوجه إضافة إلى التوترات الانفعالية.. هذا كله يحدث قبل بداية الحرب.
* أهم الاضطرابات النفسية التي تخلقها الحروب
قبل أن نتحدث عن هذه الأمراض لابد لنا وصف السلوك السوي أو السليم أو العادي؛ حتى يكون مدخلاً لفهم السلوك المرضي أو الشاذ.. رغم صعوبته وصعوبة الحكم عليه.. فقد حدد العديد من المهتمين أربع فئات من السلوك بعد النجاح في العلاج النفسي وهي:
1- النضوج والمهارة في تكوين علاقات اجتماعية انفعالية.
2 -التوافق مع العمل أو المهنة أو ما يسمى الفاعلية في أداء دوره المهني بشكل جيد.
3 -التوافق مع الذات من خلال تعلم العديد من الخبرات الجديدة وتوظيف الإمكانيات الفريدة لتحقيق الإشباع المعنوي والجسمي وغيره.
4- قدرة الفرد على أن يتبنى لنفسه فلسفة عامه في الحياة تسمح له بأن يتصرف بكفاءة ونجاح.
فإذا تحققت هذه الفئات لدى الفرد فبالإمكان الحكم عليه بأنه شخصية سوية، وليس معنى ذلك أن الاضطرابات النفسية المختلفة بعيدة عنه ولا تداخله.. فكل إنسان لديه جميع الاضطرابات من قلق واكتأب ووسواس وعجز في كثير من المواقف، ولكن نسبة تحولها إلى مرض يأتي عن طريق زيادة المعيار الخاص بهذا الاضطراب لدى الشخص .
يتبع في الجـ 3 .. منقول
المفضلات