ناقشت الصحف الإسبانية المواقف الدولية من التطورات بالعالم العربي, ولاحظت التزام الصين مواقف غامضة من القضية الليبية بينما بدأت الولايات المتحدة وأوروبا بمراجعة سياساتهما إزاء البلدان العربية بعد التطورات المتلاحقة.
ورأى خوليو ريوس بصحيفة "الباييس" أن بكين اختارت تجنب الصدام مع القوى الغربية حيال التطورات في ليبيا والتزمت موقفا تميز بـ"الغموض المدروس" بسبب علاقاتها الاقتصادية الكبيرة مع النظام الليبي.
وأوضح ريوس، وهو مدير مرصد السياسة الصينية بإسبانيا، تضاعف واردات الصين من النفط الليبي عشر مرات سنة 2010 مقارنة بـ2009 لتتحول ليبيا إلى خامس مزود للصين بواقع 341.000 برميل يوميا، إضافة إلى الحضور الصيني القوى بقطاع الطاقة والبنى التحتية بليبيا والذي عكسه عدد الصينيين الذين تم إجلاؤهم والذي ناهز أربعين ألفا.
دبلوماسية صامتة
ورغم أن تلويح القذافي بقمع الثورة وتقديمه قمع احتجاجات ساحة تيان آن مين كنموذج لم يعجب الصينيين، فإن سياسة بكين تجاه الأزمة الليبية محكومة بهاجسين, أولهما التأثير السياسي الداخلي الذي قد تحدثه الاضطرابات بالمنطقة، والثاني هو الآثار الاقتصادية إذ تولي الصين اهتماما خاصا باستقرار البلدان التي تزودها بالبترول سواء بأفريقيا أو خارجها في وقت تستورد فيه أكثر من نصف استهلاكها من الطاقة.
ورأى الكاتب أن قضية أمن الطاقة تمثل اهتماما خاصة لـ"الدبلوماسية الصامتة والفعالة" التي تعتمدها الصين للحفاظ على مصالحها، ليلخص إلى أن المساس بمصالح الصين قد يرسم وضعا جديدا في علاقتها بالغرب ويدفعها إلى انتهاج سياسة خارجية ودفاعية ستبتعد تدريجيا عن تقليد الحياد والتحفظ.
سياسة جديدة
"
الاتحاد الأوروبي باشر بمراجعة سياسته المتوسطية ويعكف على إعداد وثيقة حول البلدان التي أقدمت على إصلاحات جزئية وتلك التي لم تقم بعد بأي إصلاح
"
وأشارت "ألبريوديكو" إلى سعي البلدان الغربية إلى مراجعة سياساتها, مبينة أن الثورات بالمنطقة وأزمة ليبيا غيرت دبلوماسية الغرب التي أخذتها الأحداث على حين غرة في وقت تعايشت فيه إستراتيجيا وتجاريا مع دكتاتوريات شمال أفريقيا والخليج العربي.
ونبهت الصحيفة إلى بروز "عقيدة أوباما" القائمة على مفهوم جديد للمصالح والقيم الأميركية والاستخدام المحدود للقوة والبحث عن أكبر قدر من الحلفاء لتقاسم المسؤوليات.
أما الإتحاد الأوروبي الذي أظهرت الثورات العربية وأزمة ليبيا بشكل خاص فشل سياسته بشأن الجوار، فباشر بمراجعة سياسته المتوسطية ويعكف على إعداد وثيقة حول البلدان التي أقدمت على إصلاحات جزئية وتلك التي لم تقم بعد بأي إصلاح.
وتتضمن سياسة الاتحاد الجديدة، وفق الصحيفة، تقديم مساعدات مالية وإتاحة دخول السوق الأوروبية الحرة كما تتضمن موضوع الهجرة، غير أن تطبيقها يظل موضع شك في ظل الأزمة المالية.
أمن الخليج
إلى ذلك, رأى خوسيه ماريا ماركو في "لاراثون" أنه سيكون من الكارثي بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا وحتى إسرائيل أن يسود الاضطراب السياسي بالجزيرة العربية في وقت يواصل فيه النظام الإيراني تعزيز قوته, لافتة إلى أن استقرار الأنظمة بتلك المنطقة يظل فوق كل اعتبار.
وأشار الكاتب إلى أن هذا هو ما يفسر الصمت إزاء التدخل العسكري السعودي في البحرين، في إشارة لنشر قوات درع الخليج، وكذلك مواصلة النظام اليمني الصمود بسبب المصالح الإستراتيجية الكبرى للقوى الغربية لدرجة أن أحدا لم يتدخل لصالح المحتجين.
وبخصوص الوضع في سوريا يستبعد ماركو أن ينجو النظام هناك من الثورة الراهنة "إلا على بحر من الدماء" منبها إلى أن سقوطه سيخفف الضغط على لبنان كما سيضعف إيران وسيكون بمثابة "اختفاء أحد أكبر مصدري الإرهاب" وفق وصفه.
دعم حيوي
من جانبها رأت "آ بي ثي" أنه منذ بداية الثورات بالبلدان العربية بات من الواضح تعطش سكان تلك البلدان للحرية، وليس فقط لمجرد تغيير الرئيس أو بالأحرى إجراء إصلاح تجميلي.
ورأت الصحيفة بافتتاحيتها الأحد أن ما يحصل في سوريا يؤكد أن "دكتاتورية عائلة الأسد" لم يعد بوسعها احتواء الاحتجاجات بواسطة العنف الذي لا يؤدي إلا إلى نزع الشرعية عن مواقف السلطة.
ورأت أن الموقف في مصر قد يسوء إذا لم ينتبه العسكريون لذلك، مشددة على أن من الحيوي بالنسبة للغرب أن يشعر الديمقراطيون العرب، وليس الليبيون فقط، بأنهم يحظون بدعم الغرب في مطالباتهم بالحرية.
المصدر: الجزيرة
المفضلات