مع توجه العالم نحو اقتصاد الطاقة وخاصة طاقة الكهرباء والبحث عن مصادر أخرى يجد البعض في مصابيح توفير الطاقة مخرجاً لهذه المشكلة، ويأتي اختيارها كإضاءة خافتة ومريحة أكثر من الإنارة الصفراء الفاقعة ولكن ما خطورتها التي باتت تهدد صحة الإنسان؟
بالرغم من نورها الأبيض إلا أن مضار مصابيح توفير الطاقة على جلد الإنسان ليس أمراً خفياً عن الأطباء بعد أن أظهرت التقارير سلسلة من المخاطر.
تبين دراسة أعدتها جامعة ستوني بروك الأمريكية حول تأثير نور المصابيح الموفرة للطاقة على الجلد، أن مصباح الإضاءة البيضاء يصيب الجلد بالسرطان ولا سيما عندما تكون قريبة من الجلد، كذلك عندما توجد هذه المصابيح مجتمعة ومتدلية إلى الرأس تكون خطرة جداً، لأن لسعتها أقوى من لسعة حرارة الشمس.
ومن جانب آخر يرى بعض العلماء أن ضرر الأشعة ما فوق البنفسجية المنبعثة من المصابيح الموفرة للطاقة يتفاوت بين شخص وآخر تبعاً للمسافة بين الشخص والإضاءة وغالباً المصابيح المستعملة تكون بعيدة عن الرأس. ومن المعروف أن لون صبغة الجلد لها تأثير على امتصاص الأشعة فمثلاً بشرة السكان البيض في أمريكا أكثر تأثراً بأشعة الشمس القوية أو بنور المصابيح التي تحمل إشعاعات ما فوق بنفسجية.
يذكر أن بحث جامعة ستوني بروك الأمريكية حول تأثير نور المصابيح الموفرة للطاقة والذي أجري اختبار ميداني من خلال أخذ عينات من خلايا الجلد البشري ووضعها على مسافة بسيطة من المصابيح الموفرة للطاقة لمدة تصل إلى 4 أيام، استنتج أن أضواء الفلوريسنت المدمجة في المصابيح وخاصة المصابيح (اللمبة) الموفرة للطاقة والتي انتشر استعمالها في المكاتب وأماكن العمل وحتى المنازل قد تتسبب في تجاوز الجرعة اليومية للجسم من الأشعة فوق البنفسجية، وذلك في أقل من 5 ساعات إذا كان الشخص يجلس تحت مصباح بمسافة قريبة. وتحذر الدراسة من أن لمبات توفير الكهرباء تنبعث منها مستويات مثيرة للقلق من الأشعة فوق البنفسجية، مما يزيد من احتمالات تعرض الأفراد للإصابة بسرطان الجلد.
كما بينت الدراسة أن آثار مصابيح الفلوريسنت الاقتصادية على خلايا الجلد البشري أخطر من آثار المصابيح المتوهجة ذات الأشعة الصفراء. فمثل هذه المصابيح الموفرة للطاقة بانبعاثات الأشعة فوق البنفسجية منها يمكن أن تتسبب في تدمير الخلايا وحتى الموت.
محتويات وتركيبات
ينتشر استخدام المصابيح الموفرة للطاقة في جميع أنحاء العالم بسبب قدرتها على توفير الطاقة المستخدمة للإنارة بنسبة 80% تقريباً مما ساعد على انتشارها واعتمادها للإنارة.
تحتوي المصابيح الموفرة للطاقة على كميات صغيرة جداً من الزئبق، حيث تحتوي المصابيح قدرة 94 مليجرام زئبق بينما تحتوي مصابيح النيون 20 واط على كمية من الزئبق تتراوح بين 230 - 40 واط على كميات أعلى من الزئبق.
وبالمقارنة أيضاً فإن الترمومتر الطبي يحتوي على 500 ملليجرام زئبق - وهذه الكمية تعادل كمية الزئبق الموجودة في 125 لمبة موفرة للطاقة، أيضاً كمية الزئبق الموجودة في حشو الأسنان تعادل 10 مرات كمية الزئبق الموجودة في اللمبات الموفرة للطاقة.
تفاعلات وتأثيرات
على عكس المصابيح القديمة الخاصة الساطعة فإن اللمبات الموفرة تبعث بأشعة فوق بنفسجية مثل الشمس وتعرض الفرد لمثل هذه الأشعة يشبه تماماً جلوس أي شخص لمدة يوم طويل على الشاطئ تحت أشعة الشمس فيتعرض بالقدر نفسه لأضرار إشعاع الحمض النووي في خلايا الجسم، مما يجعل جلده عرضة للتحور والسرطان.
وتأتي المصابيح مع طلاء لمنع الإشعاع من الاختفاء والفرار ولكن بسبب شكلها المنحني وطبقة واقية في كثير من الأحيان من رقائق تترك لنا فرصة كبيرة للتعرض لخطر الإشعاع. ومع ذلك، فإن اللمبات القديمة على شكل أنبوب لا تشكل أي مشكلة إن لم تكن عرضة للتكسير.
وبطبيعة الأمر كلما ابتعدت المصابيح عن الجسم وخاصة جلد الرأس انخفض احتمال التعرض للإشعاعات المسرطنة المنبعثة من المصابيح. لذا ينصح بالبقاء بعيداً عن لمبات التوفير بمسافة قدمين وخاصة في الأماكن الضيقة كالمكاتب والحمامات. ومخاطر اللمبات الموفرة للطاقة لا يتوقف عند اختيارها لإنارة المنازل والمكاتب، بل إن خطرها يصل عندما تنكسر. فقد أشارت دراسات مختلفة عرضتها منظمة التثقيف عن الفضلات (Waste Aware) إلى تزايد ظاهرة التلوث البيئي التي يصل تأثيرها إلى صحة الإنسان بسبب زيادة الزئبق في القمامة؛ وذلك نتيجة لارتفاع منسوب كمية المصابيح التي يتم التخلص منها وترمى في القمامة بسبب التعطل أو الكسر.
لذلك نصحت المنظمة بالتخلص من المصابيح المعطلة أو المكسورة ليس في القمامة المنزلية العادية ولكن في مركز النفايات السامة وإذا تعذر ذلك نصحت بحفظها في كيس خاص وترمى فوراً نظراً لخطورتها. وإذا كسرت في المنزل يجب فوراً إخلاء المنزل وفتح النوافذ لأنها تطلق أبخرة الزئبق. وبينت منظمة التثقيف عن الفضلات أن عمال النظافة هم الأكثر تعرضاً لتسمم الزئبق من اللمبات المكسورة ضمن القمامة وتلك اللمبات في المكبات لديها قدرة واضحة على تلويث مصادر المياه الجوفية والأنهار والأسماك بالزئبق القاتل والذي يتراكم في الأجسام تدريجياً.
مخاطر وحالات
وتبين منظمة التثقيف عن الفضلات أنه نظراً لانتقاص أجزاء من طيف الضوء المرئي في المصابيح الموفرة للطاقة لم تعد مماثلة لمصدر النور الطبيعي (ضوء الشمس). وبالتالي بات الإنسان محاصراً أكثر وهو ما قد يكون سبباً لشعور الإنسان في أحيان كثيرة بالغضب والاكتئاب، ويصبح سلوكه عدوانياً، إضافة لمشاكل في أجهزة الجسم كافة. كما أن هناك مشاكل أخرى تعليمية تتمثل بقلة التركيز وظهور مشاكل التعلم والقراءة عند الأطفال، وكل ذلك عند التعرض مباشرة ومن مسافة قريبة لنور اللمبات الموفرة للطاقة.
كما ترجح مؤشرات إحدى الدراسات البحثية بجامعة كاليفورنيا وجود علاقة بين التلوث بالزئبق والإصابة بمرض التوحد، وتبحث في أنواع عديدة من مصادره في بيئة مشاركين بالدراسة بينها استهلاك السمك واستخدام بخاخات الأنف ومواد أخرى، منها أنواع لقاحات يمكن أن تحتوي على هذا المعدن. ودرس الباحثون حالات أطفال لديهم حشوات أسنان تحتوي على الزئبق أو يتناولون العلكة وأظهرت أن مستوى الزئبق لديهم أعلى من غيرهم.
وتناولت الدراسة 452 طفلاً بينهم 249 شخصاً إصابتهم بالتوحد و143 غير مصابين، و60 مصابون بتأخر في النمو أو متلازمة داون.
والى جانب ذلك كشفت دراسات أخرى أن الزئبق يمكن أن يؤثر على تطور النظام العصبي.
يتبع بإذن الله ,,,
المفضلات